أعلنت المحكمة حجز قضية خليّة التخطيط لاغتيال الرئيس عبدربه منصور هادي للنطق بالحكم، وكان الخبر دافعاً قوياً للتفكير بها وأمراً مهمّاً جداً، والخليّة التي استهدفت اليمن في مستشفى العُرضي مؤخراً، ففي عهد الرئيس السابق ظلت «القاعدة» لا تستهدفه شخصياً ولا أحد من أقاربه الذين كانوا يديرون قوات أمنية وعسكرية حظيت بدعم دولي لمكافحة «القاعدة».
لا أنكر وجود تنظيم إرهابي يحمل فكر «القاعدة» المنحرف ويقتل ويخرّب ويدمّر في كل أنحاء الوطن اليمني، وكلما كتبت حول علاقة نظام الرئيس السابق بالتنظيم؛ يفسّر البعض ممن يردّون عليّ إلكترونياً أو تلفونياً أو في مقالات صحفية ذلك بأني أنكر وجوده، لكن سأحاول توضيح مدى استغلاله من أطراف سياسية حينما كانت تحكم ووسّعت طرق ووسائل استغلاله ونوّعت أدوات تمكينه والتسهيل له بعد أن صارت بعيدة عن الحكم نوعاً ما.
فرغم المعارك التي خاضتها مع نظامه؛ لم تخطّط «القاعدة» لاغتيال الرئيس السابق وأقاربه الذين كانوا يديرون جهاز الأمن القومي وقوات مكافحة الإرهاب والقوات الخاصة والتي خصّتها الولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية أخرى بدعم مالي وفني للقيام بمهمة محدّدة في مكافحة الإرهاب المتمثّل بتنظيم «القاعدة» حسب التوصيف الأمريكي والدولي للإرهاب.
وفي الوقت ذاته لم يكمل الرئيس هادي عامه الثاني على تولّي رئاسة البلاد بإجماع قرابة 7 ملايين ناخب يمني، توالت خطط التنظيم وعملياته الفاشلة ـ بفضل الله ـ لاستهداف الرئيس هادي، وطالت خططها وعملياتها الكثير من القيادات العسكرية والأمنية وخيرة ضباط الجيش والأمن والمخابرات الذين يخوضون معه معركة اليمن المقدّسة ضد الإرهاب والفساد والتوريث والاستبداد والفوضى والعبث.
أولئك المجرمون الإرهابيون الذين أظهرتهم شاشات التلفزة وهم يقتلون الأطباء والممرضين والمرضى، الرجال والنساء، الصغار والكبار، في عملية مستشفى العرضي، وكانوا يمارسون جريمتهم بصورة أذهلت اليمنيين جميعاً وكأنهم في فيلم سينمائي أمريكي، يقتل فيه الرجل الآلي كل ما يتحرّك أمامه وفيه نبض أو نفس، هم من إرهابي «القاعدة» بكل تأكيد، لكن وهنا يأتي المستفيد من «القاعدة» ومن يستخدمها ويستغلّها ليحقّق مصالحه الخاصة.
كلنا يعلم من المستفيد من اغتيال الرئيس هادي والانقلاب على نظامه الذي تمخّض عن تسوية سياسية رعاها المجتمع الدولي والإقليمي، وتوافق عليها اليمنيون بفضل ثورة الشباب السلمية في 11 فبراير 2011م، ومن المضحك ما تنشره بعض الصحف والمواقع المملوكة أو الموجّهة من الطرف المستفيد بشأن قائد عسكري كبير وحزب سياسي كبير.
كانت أزياء الفرقة الأولى مدرّع «المنحلّة» التي ارتداها القتلة الإرهابيون أول دليل واضح على الجهة التي تقف وراء العملية بهدف التخفّي في حال فشل مخطط الانقلاب واستعادة الحكم الذي أطاحت به الثورة الشبابية وأتى الرئيس هادي على أنقاضه، وهناك قائمة طويلة من التسهيلات والمعلومات والإسناد من داخل وخارج مجمع الدفاع ووسائل الإعلام الخاصة بهم وغيرها.
من يدفع بـ«القاعدة» ويسهّل مهمتها ويقدّم لها المعلومة والسلاح وأماكن الإعداد والتخطيط للسيطرة على أهم مكان بالنسبة للجيش اليمني بعد أسابيع على العملية التي استهدفت مقر المنطقة العسكرية الثانية في المكلا، هو ذاته الذي يخطّط ويدفع «كلفوت» وأقرانه لضرب أبراج الكهرباء وتدمير أنابيب النفط والتقطُّعات والاغتيالات، سعياً للعودة إلى الوراء ويسعى لإفشال مؤتمر الحوار وإقناع اليمنيين بفشل نظام الرئيس هادي وحكومة الوفاق الوطني.
وأثق جيداً أن من دفع بيت الأعوش في مراد مأرب لاغتيال الدكتور فيصل المخلافي في تعز، وحاول النفخ في فتنة بين أبناء مأرب وتعز، هو ذاته من دفع بمختطفي الشاب محمد منير هائل للقيام بجريمتهم تلك ومحاولة اختطاف محمد عبدالجبار هائل، ويقف تخطيطاً أو تنفيذاً وراء محاولة اختطاف قنصل اليابان وقتل الخبيرين العسكريين من «ببلاروسيا» و...و....وإلخ.
العام الماضي حينما «دندنت» ذات الوسائل الإعلامية حول خلافات بين الرئيس هادي واللواء علي محسن، زرتُ الأخير مع مجموعة من الشباب، ووجدته يتحدّث عن هادي باعتباره “نعمة من الله رُزق بها اليمن وشعبه ووحدته” فسألته عن التناقض بين ما يُقال وما يقوله عنه، فاكتفى بالابتسامة، وقال: “دعهم يقولوا ما يريدون” وواصل الحديث عن إنجازات هادي التي تتحقّق لاستكمال سيطرته على قوات الجيش ومؤسسات الدولة المدنية والعسكرية.
الرئيس هادي يتصدّر لمشروع اليمن الجديد الذي قدّم اليمنيون من أجله آلاف الشهداء والجرحى ولايزالون، ويخوض معركته تلك ضمن تحالف وطني واسع وكبير من الأحزاب والقيادات العسكرية والأمنية والمدنية والشبابية والشخصيات الاجتماعية في مواجهة تحالف المشاريع الصغيرة المتحاربة فيما بينها ومعروفة عناوينها؛ ولا تحتاج إلى توضيح أكثر