من الظلم أن نجر الاصلاح عنوة الى خانة الدفاع عن وثيقة بن عمر.. هذا الحشر سيؤخر انتباهة حزب تحتاجه الظروف العصيبة التي يمر بها اليمن.
لقد شحذت أطرافٌ عدة سكاكينها بمقاس رقبة الاصلاح متوقعين أو شبه متأكدين أنه سيرفض هذا المسلسل وبالتالي سيتم عزله باعتباره "معرقل التسوية".. في ظني أن قادة الاصلاح تصرفوا بطريقة "أنا رب إبلي..". لكن المشكلة أن بعض كوادره يعقدون ولاءهم وبراءهم الشخصي للاخرين وفقا للموقف الآني من سياسات الحزب متناسين أن "صديقك مَن صدَقك لا مَن صدّقك"، الامر الذي يجعل حزبهم عرضة للنقد حال اضطراره لتنقيح سياساته أو حتى العدول عن بعضها.
الاصلاح برغم كونه فرعا لجماعة الاخوان العريقة الا أنه الكيان السياسي اليمني الوحيد الذي نبت ريشه في ظل الوحدة ومستقبله مرهون ببقائها ويشفع له أن غالبية كوادره يظنون بأن ما يقومون به من دفاع عن الوثيقة وغيرها هو في سبيل الوحدة وليس ضدها.
والأكيد المؤسف هو أن بعض رفاق الإصلاح في الثورة ألقوا على كاهله مهمة إنجاحها وتفرغوا هم للتخطيط لمرحلة ما بعد نقل السلطة.. استنفد الاصلاح طاقته القصوى ووصل الى هذه المرحلة منهكا خائفا على كل شيء ومسؤولا عن كل شيء وغير قادر على صنع شيء.
ويشفع للاصلاح ايضا أنه أقل الاحزاب خيالا وقدرة على المناورة.. ها هو يتحمل التبعات في حين يستعرض المؤتمرُ عضلات خبرته السياسية حتى في شقها الانتهازي، يقوم المؤتمر بالبقاء جوار المرمى بكل أريحية لينتظر وصول الكرة فيقوم هو بلمسة بسيطة ويسدد هدفا يكتب باسمه دون مجهود. واليوم يصر كلا الحزبين (المؤتمر والاصلاح) على نسيان أن خلافهما كان على السياسات وليس على المبادئ.
وعموما فإن الاحساس المسؤول بهول مخاطر اللحظة الراهنة يستوجب علينا تجميع بعضنا لا تقريعهم.. وأن يتحقق بعض ما حذرنا منه فهذا والله ليس مدعاة للفرح ولا لإلقاء اللوائم على أحد. ولايزال في الوقت متسع للمراجعة.
تحية للناصريين:
في لحظة فارقة دخل التنظيم الناصري التاريخ من أنصع أبوابه وحجز لنفسه مقعدا محترما في المستقبل. صدق الإمام علي رضوان الله عليه: "خير ما نزل من السماء: التوفيق".