اليمنيون مند قرابة المائة عام هم يتطلعون الى اقامة دولة ديمقراطية حديثة تنهي هيمنة الفرد والعائلة لذلك قدموا التضحيات اقاموا الثورات لكنهم يصلوا الى تحقيق الهدف , لان ثورتهم كان يتم وأدها في مهدها او يتم احتواءها من قبل مراكز النفوذ المرتبطة بالقوى الخارجية وساعد علي ذلك الجهل والامية وقلة الوعي الذى يعانى منها الشعب اليمنى ...
لقد مرت على اليمنين فرض ذهبية كانت كفيلة لو تم استغلالها ان تكون بمثابة نقطة انطلاق الى يناء الدولة الحديثة الفرصة الاولى كانت في عام 48 من القرن الماضي عندما قامت الحركة الدستورية التي قام به احرار اليمن على أسس دستورية وكانت هذا الحركة لو كتب لها النجاح فرضة لانطلاق نحو بناء دولة مؤسسات بعيدة عن هيمنة الفرد و العائلة لكن هذه الثورة لم يكتب لها النجاح .
والفرضة الثانية كانت في عام 1994 ميلادية بعد التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق التي جاءت تناج لحوار وطني شاركت فيه كل القوى السياسية وكانت هذا الوثيقة تحتوى على الأسس ومضامين تشكل ارضية قوية يمكن الانطلاق منها نحو بناء الدولة الديمقراطية الحديثة , لكن قوى النفوذ ومراكز القوى التابع للمركز المقدس تامرت على هذا الوثيقة وقضت عليها وادخلت البلاد في حرب قضت على مشروع الدولة وحولت الوحدة التي ناضل اليمنيون من اجلها عقود من الزمن من مشروع وطني قائم علي الشراكة الوطنية الى مشروع عائلي قائم على الضم والالحاق ..
ونحن اليوم امام فرضة جديدة اذا ضاعت كما ضاعت سابقاتها فلن تقوم لليمن قائمة, هذه الفرصة تناج ثورة شعبية قدم فيها الشعب اليمنى التضحيات انتهت حكم العائلة وزلزلت مراكز القوى واصحاب النفوذ وصار الطريق مهيأ لانطلاق الى الدولة الحديثة التي تحقق تطلعات امال اليمنيون ..
لقد اجتمع اليمنيون على طاولة الحوار الوطني من اجل التوافق علي الاسس التي سوف تقوم عليها الدولة الجديدة وكان هذا انتصار كبير يحققه اليمنيون واستمر هذا الحوار يسير بوتيرة رائعة رغم كل المحاولات التي قامتها بها مراكز القوى و اصحاب المصالح والنفوذ من اجل اعاقة مساره وبفضل الله تعالى ثم بفضل الرجال المخلصون وصل الى محطته النهائية وصارت اليمن على اعتاب مرحلة جديدة وعهد جديد هذا يتطلب منا جميعا ان ننسي كل انتمائنا الحزبية و المناطقية والمذهبية و نقف صفا واحدا حول مخرجات هذا الحوار حتى لا تتمكن مراكز القوى واصحاب المصالح والنفوذ من افشالها كما افشلت وثيقة العهد والاتفاق من قبل ويكفى ما عشناه في الماضي من ما سيء , علينا ان لا ننخدع بالشعارات التي يرفعونها التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب , انهم يرفضون الفدرالية والنظام الاتحادي تحت شعار الحفاظ على الوحدة وهذه كلمة حق يراد منها باطل فقد كانوا هم من دمر الوحدة واليوم يتباكون عليها ليس حبا فيها ولكن لان النظام الفدرالي سوف يقضى على مصالهم سيحرمهم من لبن البقرة الحلوب التي غنموها بعد حرب صيف 94.
الذين يرفضون وثيقة بن عمر لحل القضية الجنوبية لا يزالون يعيشون في الماضي غير مدركين ان هناك واقع جديد في المحافظات الجنوبية يجب تفهمه كان نتيجة لسياسية القبيحة التي مارسها نطام المخلوع منذ 94 .. اعتقد اننا بحاحة ماسة الى ان نفكر بعقولنا لا بعواطفنا لان العواطف والعنتريات لا يمكن ان تحل المشكلة ...الوحدة اليمنية التي ناضل اليمنيون من اجلها عقود من الزمن تعرضت للتآمر من اول يوم تمت تحوليها من مشروع وطني كبير يحقق الشراكة الوطنية الى مشروع شخصي قائم على الضم و الالحاق استمراها لا يمكن ان يتم الا من خلال التوافق الوطني بين كل المكونات الوطنية الوصول الى نقطة اتفاق تؤام مع الواقع في المحافظات الجنوبية وتعيد لأبناء هذه المحافظات اعتبارهم وحقوهم ..ومن غير مقتنع بذلك فعليه ان يأتي بالبديل ..