اين الدولة مما يحدث في المحافظات الشمالية ؟؟

2014/01/07 الساعة 11:13 مساءً

تشهد  المحافظات الشمالية احداث دامية وخطيرة منذ فتره ,  وهناك من يكثر من الحديث  عن غياب دور الدولة تجاه تلك الاحداث  , وهذا الحديث  يضعنا امام عدد مهم  من الاسئلة منها هل الدولة غائبة عن ما يحدث هناك ام لا ؟ وهل المشكلة هي غياب دور الدولة ام المشكلة هي امر اخر؟ و اذا لم يكن دور  الدولة غائب فهل الدور الذي تقوم به حاليا هو الدور المفترض والممكن  لها ام غير ذلك ؟   .

يعرف القاصي والداني ان هناك لجنة مشكلة من اعلى هرم في الدولة وهي المعروفة بلجنة الوساطة  الرئاسية , ومؤخرا توسع دور الدولة تجاه الاحداث التي تدور في المحافظات الشمالية الى تعزيز لجنة الوساطة الرئاسية بشخصيات عدة يمكنها التأثير على الاطراف المتصارعة  هناك , وقد تم التوجه  الى كل جبهات الصراع للعمل على احتواء المواجهات في وقت واحد او متزامن  , وعززت الدولة ايضا  دور اللجنة الرئاسية والوسطاء المضافين لها مؤخرا بالجيش الذي صدرت له توجيهات بالتعامل بحزم تجاه كل من يرفض التجاوب مع دور اللجنة والوسطاء , او من لا يلتزم باي اتفاقات يتم التوصل اليها  لوقف اطلاق النار في اي من الجبهات .

  دور الدولة موجود في تلك الاحداث منذ البداية , ولم تمر فترة من فترات تلك المواجهات الا والدولة موجودة , ولا يمكن القول على الاطلاق ان الدولة غائبة عما يحدث هناك , ولكن  ليس الامر  عدم وجود دور للدولة وانما هو امر اخر .

ما يريده من يديدنون بديدن ( غياب دور الدولة  )  في تلك الاحداث هو فرض الدور الذي يريدونه  هم على الدولة  , سواء  عن طريق انكار دورها الحالي الموجود على الارض  وتصوريها على صورة من لا يعنيه ما يدور في تلك المحافظات من احداث , او عن طريق تشويه هذا الدور وتصويره نوعا من العبث وبث اخبار فشله احيانا من قبل ان يبدأ  . 

الدور الذي  تؤديه الدولة في تلك الاحداث هو الدور المتّزن , وهو الدور الوحيد الذي يمكن ان يحقق نتيجة  لأي جهد تبذله الدولة في ضل الوضع الحالي في البلد , وهو الدور الوحيد الذي سيكون ايجابيا اذا ما نجح للجميع  وللوطن , اما اي صورة اخرى لتدخل الدولة في ذلك الصراع سيكون سلبيا و مثيرا ومدمرا ومفوتا لفرصة انها تلك المشكلات في المدى القصير نهائيا , بل سيؤدي الى مضاعفات سيئة ستلف البلد بالكامل وستزيد الدولة انكماشا على الانكماش الذي هي عليه الان وتخسر اي فرصة للقيام بدور " دولة " في تلك الاحداث , بل قد تخرج الامور عن سيطرتها وسيطرة الجميع   .

من الخطاء ان يتصور البعض ان تحقيق ما يسعون اليه من فرض دور اخر للدولة ,  يتمثل في اصطفافها الى جانبهم ضد الطرف الاخر سيكون ايجابيا لهم  وسيعينهم  على تحقيق النصر وحسم تلك الاحداث لصالحهم , ودون خوض في تفصيل اكثر يجب ان يعي هولا  ان هذا النوع من الصراعات لا يمكن لأي من طرفيه مهما تقوّى ان يحسمه لصالحه عسكريا , فقد يحقق اي طرف نصرا هنا او هناك ولكن لابد ان يتلوا اي نصر هزيمة او هزائم بينما لا يمكن  الحسم لهذا النوع من الصراعات الا عن طريق التفاوض و البحث عن الحلول بعيدا عن القتال  .

صحيح ان هناك عيوب قد اعترت اداء دور الدولة خلال الفترة الماضية من الصراع , ولكن يجب ان نعي ان اكثر العيوب التي اعترته هي ناتجه عن عدم التعاطي الجاد والصادق مع هذا الدور ,   ومحاولة  البعض تجييره لصالح استمرار التقاتل وتشريعه , بل والتدخل من تحت الطاولة ومن فوقها لإفساد واضاعة او الالتفاف على اي تقدّم يحرزه هذا الدور في سبيل احتواء تلك الاحداث .

على الجميع الوقوف بمسئولية تجاه الله عز وجل اولا وتجاه انفسهم وكياناتهم  وتجاه الوطن الكبير الذي لا يمكن لأي كان ان يختزله في قوة ما او في كيان ما  , وان يتفهموا طبيعة هذا النوع من الصراعات وانها لا تحسم عسكريا في المدى القصير وربما المتوسط على الاطلاق , وان يتفهموا ان دور الدولة الحالي هو الدور المفترض بها اذا ما اخذت الملابسات الحاصلة في البلد في الاعتبار ,  وهو الدور الايجابي الوحيد لكل الاطراف ,  وغيره سيكون سلبيا على الجميع  ايضا مهما تصور البعض انه في صالحه  .

ادعوا الجميع للاعتراف بدور الدولة في الاحداث الحاصلة في المحافظات الشمالية  اولا , ولتفهم المدى الزمني الذي يحتاجه هذا الدور ليثمر فلا يمكن ان يكون ذلك لحضي  , والى التعاطي الايجابي مع هذا الدور  وتفويت الفرصة على من يعملون على استمرار وتوسيع الاحداث الحاصلة في المحافظات الشمالية  على حساب اطرافها المباشرة , وان يعمل كل طرف ممن يشاركون في معاركها على تقديم ما يمكنه من التسهيل والدعم والاعانة والتجاوب مع  هذا دور  لما فيه مصلحة الجميع ومصلحة الوطن .