بالتزامن مع انعقاد الجلسات الختامية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل تعالت في الاونة الاخيرة اصوات سياسية واجتماعية وشعبية كثيرة في الجنوب على وجه الخصوص تنادي بان الظرف والوقت المناسبين قد حانا للجنوبيين لاعلان استقلالهم وقيام دولتهم وذلك استنادا الى مبدأ حق تقرير المصير للشعوب.
حيث صواب ممارسة هذا الحق في الظرف الراهن مع اختيار النظام الملائم كتعبير عملي عن ذلك باعتبارهم كانوا دولة مستقلة وذات سيادةومعترف بها دوليا بكل مقوماتها وركائزها الوطنية والسياسية التي كانت تقف عليها قبل ان تندمج في وحدة غير متكافئة مع الشمال في العام1990م معبرا عنها في المرحلة الحاضرة في اطار فيدرالي(بين اقليمين او أكثر) _وفقا لما تقتضيه مصلحة الشعب ككل في الشمال والجنوب بتوافق وإجماع اطراف الحوار الوطني عليه _ كتعبير عملي موضوعي وصائب عن حق تقرير المصير. وكصيغة سياسية لضبط العلاقة على هذا الشكل وعلى اساس ممارسة الديمقراطية اسلوباً للحكم بعد ان اثبت فشله خلال عشرون عام من عمر هذه الوحدة الاندماجية،، كأفضل خيار نملكه لمعالجة مشاكل اليمن التي باتت تعاني من التنافس المحموم بين القبائل والاحزاب والقوى الوطنية والمذهبية والسياسية والثورية على السلطة والثروة والسلاح من جهة ومن جهة أخرى كحل للمأزق التاريخي الذي نعيش فيه الآن حيث وصلنا إلى نقطة الصفر بعد أن اوشكنا على تدمير دولة الاستبداد المركزي التي أقامها النظام لساقط على أنقاض دولتي التشطير.
وإذ يطرح الشماليون رؤيتهم الشفوية لشكل دولة وحدتهم االجديدة مع الجنوب البديلة عن الوحدة الفاشلة التي قامت بينهم قبل مايزيد من عشرون عام مضت حتى الان على اسس وقوائم اندماجية هشة وركيكة تسببت في تعطيل آمال وتطلعات اليمنيين كافة (في الشمال والجنوب) على حدٍ سواء وتبديد الاماني والاهداف التي عقدوها عليها وناضلوا وقدموا التضحيات الغالية من اجلها على مر السنين حتى تحولت الوحدة لديهم بعد كل هذه السنوات من حلم كان يراودهم فيها على طريق التغيير والنهوض والرخأ الى كابوس بات يلاحقهم ويجثم على صدورهم في متاهات البؤس والهم والشقأ ومن وسيلة للبنأ الى معول للهدم والتخريب ومن مصدر للخير والالفة والاستقرار الى منبع للشر والفرقة والشتات،،
وإذ يطرح الشماليون " كما قلنا" رؤيتهم لشكل دولة الوحدة الجديدة التي يتبنونها اليوم على أُسس جديدة بدلاً عن اسسها القديمة بإشتراطٍ يقضي بتقسيم الجنوب "في نطاق حدوده الشطرية السابقة التي كانت قائمة قبل الوحدة الاندماجية بين الشطرين الى ( إقليمن إثنين )-على الاقل مقابل اربعة اقاليم اخرى في الشمال -إنطلاقاً من زعمهم -الذي يزعمون - بأن في ذلك مايضعف قوة وإرادة ورغبة الجنوبيون في تحقيق الانفصال عنهم مستقبلاً فيما لو نالوا حكماً فيدرالياً كأقليم متحد وموحد وغير منقسم او مقسم الى اقليمين او اكثر في ظل دولة إتحادية تربطهم بالشمال ،،ومقابل ذلك فإن غالبية الجنوبيون وبالذات المنخرطون في الكيانات المتعددة لحراكهم السلمي المطالب بالانفصال لازالوا على موقفهم الرافض للوحدة مع الشمال إن لم تدفعهم بعض الخيارات السياسية التي توفرت لهم اليوم اكثر من اي وقت مضى للتراجع خطوة واحدة للخلف عن مطالبهم الصارمة في الانفصال ليتبعوا خطى الحزب الاشتراكي اليمني في رؤيته المقدمة اخيرا لمؤتمر الحوار الوطني لمعالجة قضيتهم الجنوبية مع الشمال او مع الوحدة باعتباره الحامل الشرعي والتاريخي لها والممثل السياسي - لا الشعبي لهم والمعبر عنهم (اقصد الجنوبيون )- والتي تبنى فيها خيار الوحدة على اسس وروابط وركائز ومقومات سياسية وقانونية ووطنية حديثة وغير إندماجية في إطار دولة إتحادية ديمقراطية جديدة يكون الجنوب - شعباً وارضاً- حاضراً فيها بهويته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والجغرافية كطرف سياسي واحد وموحد في علاقته الوحدوية مع الشمال وندٍ مساوي له في الشراكة وفي جميع الحقوق والواجبات والمسؤليات والالتزامات والاهداف والمهام والادوار والثروات الاقتصادية والمدنية والوطنية والدستورية ..
وإذا كان الحزب الاشتراكي اليمني الذي وقف في رؤيته المقدمة لمؤتمر الحوار الوطني حول خيارات حل القضية الجنوبية مع الشمال في منتصف المسافة السياسية والوطنية الفاصلة والرابطة في الوقت نفسه بين الجهتين وبالتحديد في خط الاحتكاك العملي والميداني الذي كان يلتقي ويفترق عنده الجمعان قد نجح والى حدٍ بعيد حتى الان في تحقيق المقاربة المفترضه اوالتي كانت مطلوبة بين الموقف الوحدوي الاندماجي المتصلب للشماليون والرافض رفضاً تاماً وقطعياً لانفصال الجنوب عنهم من جهة ، وبين الموقف الانفصالي المتعنت للجنوبيون والرافض لأي شكل من اشكال الوحدة معهم من جهة مقابلة، إلا ان الخلافات التي عادت للاحتدام مرة اخرى بينهم على غرار ذلك موخراً حول عدد الاقاليم التي يجب ان تكون في الجنوب لا زالت تنذر بعواقب وطنية وسياسية وعسكرية وخيمة في حالة ما لو تمسك كل طرف منهم برؤاه واصر على فرضها عنوة ,خصوصاً وانه لايتوفر لهذه الاشكالية بالذات اي حل وسط لتقريب المسافة بينهم او خيار ثالث لحسم خلافهم حولها .. فأما ان يقسم الجنوب الى اقليمين وإما ان يبقى اقليماً واحداً في الدولة الاتحادية الجديدة.. اما ان يقبل الشماليون بخيار الجنوبيون وأما ان يقبل الجنوبيون بخيار الشماليون ,,
واٍزأ طبيعة هذا الحال فقد وجدت بشكل عام صنفين من ردود الأفعال المعارضة والمستنكرة بشدة لهذا التوجه العقلاني الواقعي الذي يفرضه علينا التفكير الوطني السياسي الموضوعي لخدمة المصلحة العليأ للشعب بعيدا عن العواطف والشعارات وما يقال في وسائل الإعلام!..الصنف الأول يعتقد أن الدعوة للفيدرالية بين اقليمين ان لم يكن اكثر بحيث يكون الجنوب اقليما واحداً فيهاهي بالضرورة دعوة للانفصال .. وهؤلاء إما أن لديهم سوء فهم لحقيقة النظام الفيدرالي المطبق في عدة دول من العالم دون أن نشهد فيها تلك الإنقسامات والانفصالات المزعومة.. وأما أنهم يفهمون جيدا ما معنى الفيدرالية ولكنهم لأسباب مصلحية وقبلية عنصرية ضيقة يخفونها ويخشون من النظام الفيدرالي بين اقليمين لأنه في إعتقادهم سيغير موازين القوة والثروة في الخارطة اليمنية لغير صالحهم.. وهؤلاء قبليون متعصبون اغلبهم يخفون عصبيتهم تحت زي وطني او تحت عباءات دينية ومذهبية ويتباكون - في الظاهر - على الوحدة الاندماجية الوطنية بينما هم في حقيقة الأمرانما يتباكون على شئ آخر!،
وسرب من الناس يتقدم للاعتراض على الفكرة من اساسها ومناقشتها دون الإطلاع على حيثياتهاومنافعها او اسباب الدعوة اليها كما انه لا يحمل نفسه حتى عناء الإطلاع على نماذج من الأنظمة الفيدرالية التي تشبهها في هذا العالم والتي هي تجارب إنسانية قبل ان تكون وطنية اوسياسية،، وكلنا نعرف ان من لم يمتلك الخلفية المناسبة لفكرة ما لا يمكنه ان يناقشها او يقبلها بشكل منطقي معقول ولذلك نرى الجاهل بامر ما من الامور يتهجم على الفكرة المطروحة للنقاش ويشتمها أاكثر مما يناقشها نقاشا علميا ومنطقيا رزينا فهو يميل إلى العاطفة عند الحوار اكثر من اعتماده على العقل والمنطق لفهمها
فلايصح ان نناقش الفكرة خاصة اذا كانت مهمة واستراتيجية للغاية بخلفيات ضعيفة او باحكام مسبقة او بمفاهيم ناقصة او بمواقف متشنجة أو
بالاعتماد على الشائعات والقيل والقال ولغو الكلام فقد يكون الخير كله فيها فنخسرة ونحرم أجيالنا منها,,,
وقد يستثمر هذا الموضوع لماّرب سياسية وشخصية بفعل قلة الوعي الشعبي للمواطن في الثقافة السياسية .، وكمحاولة منا على هذا الطريق
بعد ان تعمقنا كثيرا بالقراءة في هذا الموضوع ولاثراءه بالافكار والاراء التي تكونت لدينا ، نقول وبالله التوفيق:
بان الدعوة للفيدرالية من اقليمين بين الجنوب والشمال اليوم – ليست دعوة للتقسيم والانفصال كما يردد البعض بسوء فهم او بسوء نية بل هي دعوة وطنية واقعية عقلانية ترى في الفيدرالية الحل البديل عن الانفصال التام بين الشطرين والعودة الى ماقبل العام90م او تفكك نسيج الدولة بشكل عام في الشمال والجنوب إذا جرى فرض الخيار الذي يقضي بتقسيم الجنوب الى اقليمين مقابل اربعة للشمال ..فالفيدرالية التي يبقى فيها الجنوب اقليماً موحداً نظراً للاعتبارات السياسية والاقتصادية والثقافية التي كان ولازال يتمتع ويحتفظ بها حتى الان تظل هي الخيار العملي والمنطقي والموضوعي الشافي الامثل لكثير من مشكلاتنا المزمنة التي تتطلب في معالجتها التعامل معها بشكل واقعي ومنهجي يراعي حقائق الواقع وطبائع الجنوبيون وهويتهم الثقافية والسياسية وجذور قضيتهم بعيدا عن الشعارات والقيل والقال !.. فإعادة بنأ الوحدة اليمنية على اساس اقليمين بين الجنوب والشمال هي دعوة صادقة مع النفس الى اعادة تشكيل وبنأ هذه الوحدة على اساس سليم وصحيح وقوي ومريح يرضي الجميع عن طريق الاعتراف بالواقع الثقافي والمدني والاجتماعي والديني وقضايا الاطراف المعنية بالامروهي صمام الامان وقارب النجاة والحل المرحلي للخروج من هذا المأزق التاريخي الذي نمر به والعجز الكبير الذي نتخبط فيه الآن ..لان الاخذ بالنظام الفيدرالي الاتحادي بين الجنوب والشمال يجب ان يكون في الوقت الراهن ابسط واهون بكثير جدا من محاولة توحيد دولتين متخاصمتين لاحقا بينهما نعرات كبيرة وثارات مريرة فيمالا قدر الله و قرر الجنوبيون الانفصال إن لم يبقى امامهم اي خيار اخر غيرذلك !.. فأشد ما أخشاه ان يأتي اليوم الذي نقول فيه: يا ليتنا اخذنا بالنظام الاتحادي والحل الفيدرالي!.. فاذا كان اليوم في نظر البعض شرا فسيكون غدا أاخف الضررين واهون الشرين!ولكن بعد فوات الاوان.. على اننا نعلم ان الجنوبيون لم يكونوا في يوم من الايام الا دعاة للوحدة والمحبة والسلام ولم يكونوا دعاة فرقة وانفصال والكل يشهد لهم بذلك ..إلا ان امتعاضهم من سياسات النظام السابق بعد ان تعرضوا على يديه لماتعرضوا له طيلة السنوات التي تلت الوحدة قد جعلهم يعيدون النظر في الخيارات المطروحة امامهم اليوم لبنا وحدتهم مع الشمال على اسس جديدة وحديثة تضمن للجميع حقوق التعايش المعيشي والثقافي والسياسي والاجتماعي والديني بشكل عادل ومتساوي، فلا أدري كيف لهولاء القوم ان يبرروا رفضهم واعتراضهم المعلن لهذا الطرح المنطقي الموزون بدعوى خوفهم من ان يؤدي قبولهم به الى انفصال الجنوب عنهم او الى تسهيل الطريق امامه لذلك ،،، في حين لايشعرون بالخجل لا من انفسهم ولاممن يسمعهم ويستمع اليهم حين يقدمون وبذات المنطق القبلي المتعجرف المعهود الذي اعتادوا على التعاطي والتخاطب به مع الجميع في التعبير عن مواقفهم ومطالبهم دون تمييز بين هذا وذاك وبين قبيلي و مدني او بين دولة و حزب او بين مسؤل و مواطن او بين وزير ورعوي ...الخ،،فلا يشعرون كما اشرنا بذرة من حيأ او خجل لا من انفسهم ولا من الاخرين عندما يقدمون مشروع آخر يقضي بتقسيم الجنوب الى اقليمين في اطار دولة فيدرالية واحدة تجمعهم معه من ستة اقاليم مثلاً ،، كمشروع بديل عن هذا المشروع الذي يعلنون رفضهم له على اعتبار ان هذا المشروع الذي قدموه او الذي يدعون اليه هو المشروع الآمن من انفصال الجنوب عنهم والضامن الوحيد لبقاءه في حضن وحدتهم ..ولا ادري بأي حسابات يمكن ان تصبح الدولة الاتحادية القائمة على اقليمين بين الشمال والجنوب اشد خطراً على الوحدة الوطنية من الخطر الحقيقي الذي تمثله عليها فعلاً وقولاً ونوايا عواقب الفيدرالية القائمة على ستة اقاليم مستقلة يكون نصيب الجنوب منها اثنين (شرقي وغربي)...اي كيف يمكن ان يؤدي تقسيم الجنوب الى اقليمين الى تثبيت دعائم وحدته مع الشمال حتى وان كان الشمال اقليم واحد فقط في هذه الدولة ..فما بالك حين يكون الشمال من اربعة اقاليم ...
ان تقسيم الجنوب الى اقليمين ضمن هذه الدولة الفيدرالية وبذات الحسابات التي يعتمد عليها الشماليون انفسهم في الوصول الى ذلك الاستنتاج الذي يبررون به خوفهم من بقأ الجنوب موحداً سوف يهيئ لحضرموت ولإعتبارات كثيرة يتميز بها هذا الاقليم وحده عن بقية الاقاليم الاخرى الفرصة السانحة التي ماكانت لتتهيأ لها او تسنح امامها للانفصال عن الاقليم الغربي في اي وقت او وضع آخر ..فإذا نالت حضرموت وحدها فقط انفصالها بأي شكل من الاشكال كدولة مستقلة وذات سيادة مستقلة عن الدولة الفيدرالية اليمنية فأن اليمن باقاليمه الستة او الخمسة المتبقية كله سيتشضى الى اشلأ ودويلات صغيرة ..
ان المطالبة بتحقيق النظام الفيدرالي في ظل دولة مابعد النظام الفاسد الساقط وما بعد مؤتمر الحوار بمؤسساتها من اعلى الهرم الى السلطات الثلاث والدستور الواحد الذي يجب ان يعدل او يجدد بعد الفراغ من مؤتمر الحوار الوطني الشامل ،لن تتوقف بعد ذلك خصوصاً إذا نجح النظام الفيدرالي بين الاقليمين في خدمة الشعب اليمني في اجزاء الوطن المختلفة و ترسخ نظام يسهل اداء الخدمات التي ترتبط بحياة الناس اينما كانوا وحيثما وجدوا ، وهذه من اهم سمات هذا النظام ومحاسنه هذا ان لم تتطور ويرتفع سقف هذه المطالب مع اي رفض قد يواجهها بالنسبة للجنوبيون الذين يدعون اليها حتى الان او الذين لايزال من الممكن التحاور معهم حولها حتى الان ..
وفي ضوء هذه المعطيات تأتي اهمية الاخذ بالنظام الفيدرالي في اليمن الجديد وفقاً لرؤية الحزب الاشتراكي اليمني وباسرع الخطوات ضمانا لتثبيت اسس الدولة الجديدة بين الجانبين والخروج من المآزق التي نشاهدها ونلمسها يوما بعد اخرومنذ وقت طويل،على الاقل كخطوة اولى على الطريق الصحيح الذي سيتسمر السير عليه لاحقاً..
افلا يجدر بنا دراسة موضوع الفيدرالية القائمة على اقليمين التي يدعوا اليها الجنوبيون وتلك القائمة على اكثر من اقليمين التي يدعوا اليها الشماليون بعمق وجدية والاخذ بالافضل منهاومتابعة احوال الدول والشعوب التي تعيش في ظل هذا النظام المثالي ومقارنتها مع غيرها من الدول الاخرى التي تطبق الانظمةالفيدرالية الاوسع . ومحاولة الحكم بنظرة محايدة وموضوعية بعيدا عن الاهواء للوصول لمعرفة الحقيقة المجردة، وذلك دون نشر الفزاعات والمخاوف من أن الفيدرالية بين اقليمين هي حالة انفصال للوطن او تقوده اليه وكأن المطاليبين بها ليسوا وطنين ولاتهمهم مصلحة اليمن بل وربما طلاب سلطة او منافع شخصية والامر ليس كذلك فالمطالبون بهذا النظام هم الوطنيون الحقيقيون الذين ناضلوا وقاوموا طغيان صالح ونظامه ولم تحتويهم حبائل النظام المنهار بمغرياته التي سقط فيها الكثير من ضعاف النفوس وهم المتنورين والمثقفين من ابنا الشعب في الجنوب والشمال وقادة الفكر فيه ..
على ان المتفق عليه بين كل ابنأ الشعب بمختلف تشكيلاتهم السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية هو ان التجربة التي عاشها الشعب اليمني منذ اعلان الوحدة الاندماجية بين شطريه والى اليوم أثبتت فشلها الذريع في تحقيق الأمن والحرية والرخاء للمواطن خلال العقدين الماضيين من عمرها، بل على العكس فقد ساهمت هذه الدولة في زرع الفتن الطائفية و الوطنية والسياسية والمذهبية والقبلية والاجتماعية وزادت من توسيع الشرخ السياسي والاجتماعي الموجود ليس فقط بين الجنوب والشمال بل وبين اطراف سياسية ومناطقية وجهوية ومذهبية وقبلية متعددة واصبحت الهوية والمناطقية والقبلية تلعب دورها في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المجتمع وتقلص دور الحركات التنظيمية و المدنية التي تحمل برامج ومشاريع وطنية للتغيير،كما ان اغلب المشاكل الاقتصادية والمعيشية التي نعاني منها اليوم ظهرت بوادرها مع تحقيق الوحدة الاندماجية بين الشطرين التي لم يمر عليها غير وقت قصير قبل ان تتحول الى حرب اهلية بين القطبين ..
وان ما يحملنا على القول بالخيار القيدرالي بين اقليمين ما نلاحظه بوضوح من ظروف سياسية واجتماعية ومعيشية واقتصادية وامنية بالغة التعقيد ولايمكن حلها الا بالاخذ بهذا النظام الذي تسعى إليه الاحزاب والتيارات السياسية والجماهيرية والوطنية والثورية في الشمال والجنوب وفي كل جهات الوطن بهدف التخلص من الاستبداد والتسلط السياسي وإلغاء العنصرية القبلية والمذهبية و السياسية ومركزية الجكم التي قد تهدد وحدة اليمن ـ ووحدة شعبه وسيادته الوطنية فالطريق الامن والسليم إنما يكمن في (اشراك) جميع اليمنيين في الحكم والادارة عبر هذا النظام لضمان وحدة الشعب اليمني باشراف ورقابة الدولة والسلطة المركزية وفي حدود نظام دستوري يعين ويحدد صلاحيات كل من المركز (العاصمة) والاقاليم ان كانت بين اكثر من اقليمين او الحكومة المحلية لكل اقليم ويقوم على اساس العدل والديمقراطية وتكافؤ الفرص والشورى والرقابة لتحقيق اهداف الشعب وثورته الناجزه في البناء والاعمار،والامن والازدهار الاجتماعي واقامة صرح الدولة المدنية الحديثة التي يتطلع اليها.