كل ما شهده وما يشهده البلد من عمليات قنص وتفجير وقصف وحروب وتفخيخ واختطاف هناك شيء واحد يجمعها وهو انها كلها تأتي على خلفية سعي هذا الشعب للتغيير المنشود .
واحدة من اقبح عمليات هذا المسلسل الآثم تمت اليوم واستشهد فيها الدكتور/ احمد شرف الدين , الاستاذ الجامعي ورجل القانون الكبير وعضوا مؤتمر الحوار الوطني في فريق بناء " الدولة " عن مكون انصار الله , وهي عملية غادرة وجبانة وتحمل كامل قبح من يقفون ورائها ويعملون من خلال هكذا اعمال على إعاقة وصول هذا الشعب الى التغيير الذي ينشده .
عندما رحل الدكتور/ شرف الدين كان قد ترك لهذا البلد الالاف من ممن تتلمذوا على يده , وعندما يرحل هولاء يكونون قد تركوا للبلد تركة ثقيلة من الويلات ومن المشاكل والمحن .
عندما رحل الدكتور/ شرف الدين كان يدرّس النظام والقانون , وعندما يرحل هولاء يكونون قد أسّسوا وتمسّكوا بخرق النظام وبتعطيل القانون وخمدوا انفاس العدل .
عندما رحل الدكتور/ شرف الدين كان قد ترك لنا جهدا رائعا من العمل على التقارب والتحاور والتفاهم لما فيه خير البلد وابناءه , وعندما يرحل هولاء يكونون قد تركوا للبلد حالة من شحن ابناء البلد ضد بعضهم وحالة من اغراء اليمنيين بأنفسهم .
عندما رحل الدكتور/ شرف الدين كان يقف صخرة صلبة في طريق محاولة اغتيال تطلع ابناء هذا الشعب لتغيير حقيقي , وعندما يرحل هولاء يكونون قد أفنوا اعمارهم وقضوا مرحلتهم في خلق وفي التمسك بواقع بائس أهدرت فيه كل قيمة في هذا البلد .
عندما رحل الدكتور/ شرف الدين كان يعيش دون مرافقين ودون حمل سلاح , وكان يجسد مدنية كاملة راقية , وعندما يرحل هولاء سيكونون هم من سخّر عسكر الدولة لحماية نفوذهم وتسلّطهم وثرواتهم الآثمة , وسيكونون هم من نشر ثقافة السلاح والتقطع , ومن أفرغ مخازن معسكرات الجيش من اسلحتها بانواعها وفرّقها على ميليشياتهم ومرتزقتهم .
عندما رحل الدكتور/ شرف الدين كان يقربنا اكثر من القيم ومن الاخلاق ومن التعايش ومن الدولة , وعندما يرحل هولاء يكونون من دمر كل ما كان الدكتور احمد وامثاله يعملون على نقلنا اليه .
الدكتور/ احمد شرف الدين سيضل يترحم عليه كل شيء , و هولاء سيضل يلعنهم كل شيء ايضا .
سيلعنهم ملايين اليمنيين الذين ضيّقوا عيشهم وسرقوا ثرواتهم واهدروا مواطنتهم وشرّدهم وأذلهم في وطنهم وخارجه .
ستلعنهم الارض التي فرطوا فيها بثمن بخس , وفضوا بكارتها لينمّوا من نزيفها ثرواتهم الخاصة .
ستلعنهم الدولة التي احالوها الى عصابة وذراعا لقوى النفوذ تعبث فيها وبها كما تشاء .
سيلعنهم النظام والقانون الذي ضربوه في مقتل ليمرّ فسادهم ويتسع نفوذهم وتنموا مصالحهم .
ستلعنهم " القُبل " التي أغروا بينها العداوة واغتالوا قيمها وتقاليدها وحميتّها ونخوتها و " ناموسها " .
سيلعنهم التاريخ على ايصالهم البلد الى هذا الحال المزّري وكانوا استلموه بلدا فتيا طريا غنيا شريفا عظيما .
كل قطرة دم تسقط في سبيل التغيير هي تقربنا من تحقيقه اكثر , ودماء الدكتور/ احمد شرف الدين ستقربنا اكثر واكثر كما قربتنا منه دماء الدكتور/ جدبان من قبله ومن قبلهما قربتنا منه الدماء الزكية لشهداء التغيير .
سيدخل اليمن عهدا جديدا من الحرية والدولة والنظام والقانون والمدنية رغم انف العابثين والفاسدين والمتسلطين , وكل شهيد يسقط في طريق التغيير في صنعاء و عدن والضالع والحديدة وحضرموت وصعدة وفي كل مكان من هذا الوطن الطاهر سيزيد من تصميم اليمنيين على تحقيق التغيير المنشود .
كل شهيد يسقط هو قبس يضيئ لليمن الجديد , وكلما قتل هولاء شهيدا أنروا " سراجا " في اليمن الجديد وبددوا قدرا من ضلمته .
ايها القتله : الشهداء هم خطانا الى التغيير والحرية .
عظيم العزاء والمواساة لأسرة الشهيد الكريمة في مصابها الجلل , ولأنصار الله السلوان , وللوطن التغيير , ولا نامت اعين الجبناء .