الدكتور أحمد شرف الدين كان يعمل لتحقيق مشروع وطن .. لا مشروع عائلة أو
فرد .. لهذا اغتالوه أعداء الوطن .. واغتياله بمثابة اغتيال وطن بأكمله .
لم يكن رحمه الله الممثل الوحيد للحوثي بمؤتمر الحوار، ولم يكن من
الأعضاء الذين يعتمد عليهم الحوثي في تحقيق أهدافه بمؤتمر الحوار، هناك
العديد من ممثلي الحوثي في مؤتمر الحوار ممن يعتمد عليهم الحوثي كثيراً
في تحقيق طموحاته ومآربه تجاه الحوار والوطن، لم يتعرضوا لربع محاولة
اغتيال، لأنهم ليسوا إلا أدوات وأواني تنفذ مشروع سيدها وتلبّي احتياجاته
من عرقلة وتعكير لصفو الوطن .
ولأن مواقف الدكتور أحمد شرف الدين تخدم مصلحة الوطن لا مصلحة السيد، يجب
أن يموت كما وجب أن يموت الدكتور عبد الكريم جدبان .
أسباب عدة تقف وراء اغتيال الدكتور شرف الدين، ومن أهمها وعلى رأسها موقف
الدكتور من وثيقة الضمانات، ونيته على التوقيع عليها، وهذا ما أكده
الدكتور عبد الملك المخلافي المتحدث باسم لجنة الضمانات عندما أدلى
بشهادته قائلاً بأن الدكتور شرف الدين أبلغه صباح اليوم قبيل استشهاده
بأنه في طريقه إلى مؤتمر الحوار لحضور الجلسة الختامية والتوقيع على
وثيقة الضمانات ؛ وهذا ما لا يريده السيّد ولا يرضاه والزعيم .
ومن ضمن تلك الأسباب أن الدكتور شرف الدين كان يؤمن بالشراكة الوطنية
والتداول السلمي للسلطة، وهذا ما يتنافى ويتناقض مع عقيدة السيد وتوريث
الحكم للعائلة .
الدكتور شرف الدين كان لا يؤمن أبداً بدستور السيد الذي ينص على توريث
الحكم للسيد وابن السيد وحرام على من سوى السيد ، ولا يؤمن بخزعبلات
السيد وأساطيره الخرافية التي يحاول السيد أن يطليها على أبناء الشعب .
الدكتور شرف الدين كان يؤمن بمؤتمر الحوار ومخرجاته ويعوّل عليها كثيراً،
ولكن السيد لا يؤمن بمؤتمر الحوار ولا يعوّل على مخرجاته ونتائجه، بل
ويرفضها .
وقد كان الدكتور شرف الدين يشارك بمؤتمر الحوار لبناء وطن لا لبناء
عائلة، ويشارك من أجل إنجاحه لا من أجل اللعب والعبث به لإفشاله كحال بعض
الأعضاء .
الدكتور شرف الدين كان يرسم مستقبل اليمن ومستقبل جماعة الحوثي عبر مؤتمر
الحوار ومخرجاته، ولكن السيد يرسم مستقبل اليمن ومستقبل جماعته المسلحة
في جبهات القتال بأفواه البنادق وقوة السلاح .
لهذه الأسباب اغتالوا الدكتور شرف الدين وأخرجوه من الحياة بسبب موقف ..
ولكن الاختلاف في الرأي أو في القضية لا يصل إلى حد التصفية الجسدية ..
حتى إن حزب المؤتمر عندما اختلف مع الأرياني بشأن التوقيع على وثيقة بن
عمر لم يصل به الحال إلى حد التصفية الجسدية، ولم تكن ردة الفعل غير
شرشحته بالإعلام ؛ وربما كانت ردة الفعل هذه فقط من الزعيم تجاه الأرياني
لأنه سبق وأن وقّع الأرياني دون علم الزعيم وحزبه، بخلاف شرف الدين الذي
كان في طريقه إلى التوقيع .
خسارة كبيرة رحيل الدكتور شرف الدين على اليمن شعب ودولة .. خسارة كبيرة
الدكتور على التعليم في اليمن وبالذات جامعة صنعاء طلاب ودكاترة .. ولكنه
ليس خسارة على الحوثي ومليشياته المسلحة .. فلم يكن سيّداً إلى جانب عبد
الملك ، ولم يكن قائداً عسكرياً بمليشياته أو يحمل السلاح بصفوفه وميادين
قتاله .
ولا نستغرب تصفية الدكتور شرف الدين وقبله الدكتور جديان وغيرهم الكثير
من أبناء اليمن من أحزاب وتيارات مختلفة ، فمتى ما كان لدى الشخص مشروع
بناء وطن، ومتى ما كان يقدّم مصلحة الوطن على مصلحة حزبه فإنه هدفاً لقوى
الشر المُتآمرة على هذا الوطن التي تحدث عنها الرئيس هادي بالجلسة
الختامية لمؤتمر الحوار الوطني .