يُحيي اليمنيون في يومين متتاليين ذكرى حدثين متناقضين، ففي حين يُعد نشطاء وأنصار الحراك الجنوبي لإحياء الذكرى التاسعة عشرة للإعلان الثاني لقيام جمهورية اليمن الديمقراطية في جنوب البلاد، التي تصادف اليوم الثلاثاء وهو ما بات يعرف بـ (إعلان الانفصال) أو (فك الارتباط)، يحتفل اليمن رسميا غداً الأربعاء بالذكرى الثالثة والعشرين لإعلان دولة الجمهورية اليمنية .
وتجيء هاتان المناسبتان في وقت يشهد فيه اليمن وضعاً سياسياً متوتراً بعد خروجه من أزمة سياسية حادة كادت ان تعصف بالبلاد، لولا التسوية السياسية التي أُبرمت على اساس المبادرة الخليجية التي وقعتها الاطراف السياسية في صنعاء، وأخرجت الرئيس السابق علي عبدالله صالح من رئاسة البلاد بعد ان قامت ضد نظامه ثورة شبابية شعبية شملت عموم البلاد مطلع العام 2011 .
وتستعد مدينة عدن، جنوب اليمن، التي كانت إلى ما قبل عام 1990 عاصمة للشطر الجنوبي من البلاد لاستقبال ما يطلقون عليها “المليونية السابعة”، التي تعد لها قوى الحراك الجنوبي، لإحياء إعلان الانفصال، وهو اليوم الذي أعلن فيه نائب الرئيس الأسبق علي سالم البيض قيام جمهورية اليمن الديمقراطية مجدداً بعد أربعة أعوام من دخوله في وحدة اندماجية مع الشطر الشمالي من اليمن عام ،1990 رداً على الحرب التي شنها الرئيس السابق، إلا أن تلك الجمهورية لم تستمر أقل من شهرين .
وستحتضن ساحة العروض في حي خور مكسر بمدينة عدن فعالية جماهيرية ينتظر ان تقدم اليها حشود كبيرة، والأبرز في هذه الفعالية هو دعوة البيض لها، باعتباره صاحب اعلان فك الارتباط، والتي حشد لها حملة اعلامية واسعة تولتها قناة “عدن لايف”، التي تبث من بيروت .
وبدأت وفود عدد من محافظات وبلدات جنوبية بالتوافد إلى مدينة عدن للمشاركة في الفعالية، حيث شهدت الطريق الرئيسة الواصلة إلى المدينة مرور حافلات النقل التي تقل نشطاء وأنصار الحراك الجنوبي، على أن يتم استكمال وصول بقية المشاركين نهار اليوم تلبية لدعوة الزحف إلى عدن، وفق تعبير نشطاء الحراك .
وقال رئيس اللجنة التحضيرية للفعالية إن “الانفصال حقيقة قائمة في الأرض والوحدة منتهية شكلاً ومضموناً، وقائمة بقوة السلاح” .
وكانت قوى في الحراك الجنوبي بمختلف شعاراتها قد دعت أنصارها للمشاركة في هذه الذكرى، إلا ان بعضها لا يتفق مع تكريس الفعالية لصالح البيض وترى في ذلك محاولة منه ومن تياره فرضه كقائد شرعي للجنوب، وهو ما ترفضه، وما يفسر اعلان اكثر من لجنة تحضيرية للفعالية ذاتها ومن قبل مكونات اخرى، ويعكس حالة من الخلاف في قيادات مكونات الحراك الجنوبي .
ويتخوف ناشطون جنوبيون من ان تعكس هذه الفعالية، على الرغم من الحشد الكبير والواسع لها، حالة عدم التوافق حول قيادة الجنوب وتمثيل القضية الجنوبية وهو الهدف الذي ما زال قائما في تطلعات قوى الحراك ويواجه صعوبات كبيرة حالت دون عقد مؤتمر جنوبي يضم كل قيادات الجنوب بمختلف تكتلاتها .
بالمقابل تستعد السلطة المحلية في محافظة عدن للاحتفال بالعيد الثالث والعشرين لقيام الجمهورية اليمنية يوم 22 مايو/أيار بإقامة العديد من الفعاليات الفنية والثقافية والسياحية والرقصات الشعبية، كما اعلن مصدر في المحافظة، إلا أن لا إشارة إلى كون تلك الفعاليات ذات طابع جماهيري مفتوح، تجنباً لصدامات محتملة مع نشطاء وأنصار الحراك الجنوبي الذين يرفضون ويهددون بمنع أية احتفالات بمناسبة ذكرى الوحدة اليمنية، التي يرون أنها كانت نكبة للجنوب والجنوبيين، بسبب نظام الرئيس صالح الذي استباح الجنوب ونهب أراضيه وسرح كوادره القيادية المدنية والعسكرية