يتضح جلياً، بدون أدنى شك، سقوط المشروع الحوثي في اليمن، لعدم جديته، وعدم وجود أرضية خصبه تمثل حاضنةً شعبية للنضال – الوهمي - الذي تسعى جماعة أنصار الله للتصوير له على أرض اليمن السعيد.
تلقف هموم الشارع اليمني كان مرتكزاً هذه المرة لرحلة الحوثي، الذي وبكل أسف، عاد يُحيي شعارات "الصرخة"، التي صدحت حيناً في طهران على ألسنة أنصار الخميني. الشعار الذي لا يتجاوز كونه ظاهرة صوتية "الموت لأميركا.. والموت لإسرائيل" لا أكثر!
في الأمر كثيرٌ من التناقضات. دعت الجماعة أو "تلقفت" رفع الدعم المالي المقدم من الحكومة اليمنية عن الوقود والمشتقات النفطية، وأقام أنصار الله الدنيا ولم يقعدوها. وبذكاء من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، قطع الطريق أمام الجماعة، وأعاد الدعم للمشتقات النفطية، واستقالة الحكومة، تلبيةً لمطالب الشارع اليمني لا أنصار الله، ووضع الدولة في مأزقٍ مالي لا تحمد عقباه، رغبةً في التهدئة، والسعي لإتمام العملية السياسية، بعد مرحلة من حكم اليمن بيد رجل واحد.
وفي سيطرة الجماعة المسلحة لعدد من المحافظات اليمنية، صورة من صور استدعاء نقيضها المذهبي، والمقصود هنا "تنظيم القاعدة"، لخلق بؤرة صراع ربما تتطلب مواجهتها عقوداً من الزمان. هذا ما أشار له هادي صراحةً قبل أيام، من خشيته "مذهبة" الحراك الذي يشهده الشارع اليمني.
ومن هذا المنطلق، يجب أن يتفهم الرئيس هادي والطاقم الرئاسي في اليمن ضرورة "قطع رأس الأفعى"، مسبوقاً بإدراك يمني، بعدم صلاحية دمج جماعة أنصار الله في العملية السياسية في اليمن، على شاكلة ممثلين في الحكومة أو البرلمان. في لبنان تجربة مشابهة، متمثلة في وجود جماعة مسلحة كـ"حزب الله"، تمكنت من اختراق العملية السياسية وشاركت في الحكومة، وبات هدفها الأول والأخير، التعطيل، والتفرد بالسلطة، والاستقواء حتى على الدولة، ناهيك عن انتهاج الابتزاز السياسي منهاجاً لوجودها في السلطة.
وفي الأمر أيضاً، استدعاء حتمي لتفهم الإدارة اليمنية، بتبعية الجماعة، لعدة أطراف، ليست إيران وحدها، ويبرز في هذا الإطار النظام اليمني السابق، الذي أبقى على الجماعة طوال عقودٍ مضت، كـ"دجاجة تبيض ذهبا"، لابتزاز أطراف داخلية، وإقليمية، ومناكفة بعض الرموز السياسية من أجل الوصول للتوريث.
* صحيفة الوطن السعودية