br />
أثار توافد قيادات بارزة من جنوب اليمن إلى دولة الإمارات أسئلة عدة حول الملفات التي سيجري التباحث حولها في اللقاء المزمع عقده في الأيام المقبلة في دبي، وتداعياتها على الأزمة اليمنية، وسط خشية الكثير من أن يكون ملف الانفصال عن الشمال حاضرا في جدول الاجتماع، وبإيعاز من سلطات أبوظبي. يأتي ذلك في ظل سيطرة جماعة "أنصار الله" (الحوثي) على العاصمة صنعاء في خطوة انقلابية على الرئيس عبد ربه منصور هادي، وسيطرتها على زمام الأمور في صنعاء، بالتوازي مع انتقال مؤسسات الدولة إلى مدينة عدن جنوبي اليمن، التي باتت عاصمة البلاد بحكم الأمر الواقع.
ويضم اللقاء عددا كبيرا من القادة الجنوبيين، بينهم رؤساء سابقون لجمهورية اليمن الجنوبي، قبل أن تتحد مع دولة الشمال في آيار/ مايو 1990. وأبرز هؤلاء: الرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد، الذي وصل مدينة دبي، بحسب مصادر خاصة لـ"عربي21"، وكذلك أول رئيس وزراء لليمن بعد الوحدة حيدر أبو بكر العطاس.
هل تتجاوز أبوظبي مساعي الرياض؟
ويرى الصحفي والمحلل السياسي، ياسر حسن، أن "اللقاء المزمع عقده بدولة الإمارات، يضم عددا كبيرا من قادة الجنوب في الداخل والخارج، كان دعا إليه الرئيس الجنوبي الأسبق حيدر العطاس، ويهدف -مثل غيره من اللقاءات السابقة- إلى لمّ الصف الجنوبي، وتوحيد رؤية الجنوبيين، حيال التطورات التي تشهدها اليمن بشكل عام".
وقال في حديث خاص لـ"عربي21" إن "الأحداث الأخيرة التي مرت بها اليمن جعلت تلك القيادات تدعوا للاجتماع، لبحث الدور المطلوب للحراك الجنوبي ومختلف القوى في جنوب اليمن في المرحلة الحالية"، على حد قوله.
وأوضح المحلل السياسي أن "موضوع الانفصال سيكون حاضرا على قائمة أعمال اللقاء، وربما يتبنى البعض تأخيره، والاستفادة من الوضع الحالي في مدينة عدن، عبر فتح قنوات تواصل مع الرئيس هادي والتقارب معه، لتحقيق مكاسب أكثر للقضية الجنوبية، بالإضافة إلى دعم موقفه أمام خصومه الحوثيين".
وأشار الصحفي حسن إلى أن "توقيت اللقاء يأتي في ظرف صعب تمر به اليمن، وربما أراد المجتمعون استغلال الظرف الراهن لصالحهم ولصالح القضية الجنوبية، إما بالدعوة للانفصال عن الشمال الذي بات الحوثيون يسيطرون على أغلب المناطق فيه، أو لتحقيق أكبر قدر من المكاسب لقضيتهم من خلال دعم الرئيس هادي"، وفق تعبيره.
وبشأن رعاية الإمارات للقاء في مدينة دبي، استبعد حسن أن تلعب أبو ظبي دورا مغايرا عن النهج السعودي الخليجي العام، بل يمكن قراءته على أنه لن يتجاوز المساعي الخليجية لحل الأزمة اليمنية في الشمال والجنوب، منوها إلى أن الساسة في دولة الإمارات يريدون الضغط على قادة الجنوب لدعم موقف هادي والتنسيق معه خلال المرحلة القادمة".ا
لإمارات في خندق واحد مع طهران
من جانبه، أكد الكاتب والمحلل السياسي عباس الضالعي، أن "انتقال هادي إلى مدينة عدن (جنوبي اليمن) أثار عددا من القوى الجنوبية، الذي نتج عن ذلك بروز ملامح الصراع الجنوبي القديم في منتصف الثمانينيات والمعروفة إعلاميا صراع الطغمة والزمرة في اليمن الجنوبي، بدعم إقليمي يجسده الاجتماع المقرر في دبي".
وأضاف أن "ملامح الصراع، بدأ عندما قام الرئيس هادي منح إدارة السلطة والأمن والدفاع في عدن لعناصر محسوبة جغرافيا على مسقط رأسه مدينة "أبين"، وأبرز ذلك "اللجان الشعبية المسلحة التي أغلب عناصرها من تلك المنطقة، بالإضافة إلى تسليم الموالين له والمحسوبين على الزمرة ـتيار جنوبي ينحدر من محافظتي أبين وشبوةـ مسؤولية قيادة السلطة ومؤسسات الدولة في مقر إقامته في عدن".
وأكد في حديث خاص لـ"عربي21" أن "هذه الإجراءات دفعت بجبهة "الطغمة"-التيار السياسي الذي ينتمي قادته إلى مدينتي لحج والضالع- إلى إعادة تشكيل قواها في الخارج والداخل لمواجهة المشروع الذي يتبناه هادي".
ولفت الضالعي إلى أن "هناك خلافات خفية بين السعودية ودولة الإمارات، التي تبدو واضحة في تفاصيل الشأن اليمني، حيث تدعم الرياض الرئيس اليمني الحالي والقوى المؤدية له، وعلى النقيض من ذلك، تقف أبوظبي في مسار مغاير عبر دعمها العلني لجماعة الحوثي، ومن قبلهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح"، على حسب وصفه.
وتوقع الكاتب اليمني أن "تشهد المرحلة المقبلة صراعا "جنوبيا جنوبيا" يوازيه دخول قوى شمالية في الصراع، بينها تحت ذريعة دعم شرعية هادي وشرعية ثورة الحوثي، وهو صراع مرتبط بقوى إقليمية، وتحديدا بين السعودية ودول خليجية أخرى من جهة، وإيران ومعها دول خليجية من جهة أخرى، وفي مقدمة تلك الدول الإمارات، وهذه هي الحقيقة بكل وضوح".
وقال المحلل السياسي اليمني إن "من يراقب اللقاء الذي سيجري في دبي، والمشاركين فيه، سيجد أن أغلبهم مرتبط بإيران، وهذا ما يجعل ملف الانفصال عن الشمال، أولوية في هذا الاجتماع، وبرعاية ودعم إماراتي، والفترة المقبلة كفيلة بكشف القناع عن خطط طهران وأبوظبي" في البلاد.
ومن المقرر أن تجتمع قيادات بارزة من جنوب اليمن خلال الأيام المقبلة في مدينة دبي بدولة الإمارات، لبحث عدد من القضايا المتعلقة بالمستجدات.
المصدر/عربي21،لندن