لم يكن يوماً التشريد وسيله للقضاء على تطلعات الشعوب وﻻ الحصار غايه تؤدي لرضوخ ابناء اﻻرض .. "العاصمة عدن" تحكي قصة صمود برغم المعاناة فالنازحين بمدينة المنصورة برغم المأساة التي يعيشونها إلا انهم محرمون حتى من المعونات المستحقه لهم .. مواطنون ليس لديهم ماياكلوه ، اسر رمى بها التشريد في بنايات الحرمان والنسيان وبؤس الحياة ذنبهم الوحيد انهم من ابناء هذا الوطن .. ليس بالجديد ان تطال ابناء الجنوب ويﻻت الدمار والتشريد والعذاب إﻻ أن الصمود يتجدد ويتجدد على الرغم من البطون الخاويه والاجساد النحيله التي انهكتها الحرب وتبعاتها .. زيارتنا لمدرستي(البنيان ، بن زيدون) جعلتنا نطلع عن كثب امام تلك المعاناة المهوله والوضع المزري بل والكارثي التي يعيشه النازحين بالعاصمة عدن ، وقد وقفنا على مقربه من تلك اﻻسر نطلع على احوالها واتينا لكم بهذا الإستطلاع ... فمن خلال زيارتنا لمدرسة البينان الاهلية للتعليم الاساسي والثانوي بمدينة المنصورة بالعاصمة عدن .. إلتقينا بالأخ / مشتاق محمد إبراهيم من مدينة كريتر حي الطويله .. تحدث معنا عن معاناته قائلاً : لقد تركنا منازلنا بسبب قصف مليشيات الحوثي والمخلوع صالح وأُجبرنا على الرحيل ولم نجد مواصلات تنقلنا انا واسرتي المكونه من 6 افراد إلى مدينة المنصورة وعندما وجدناها كان سعر المواصلات "عشرون الف ريال يمني" وهذا الارتفاع بسبب إنعدام البترول ولكن نحن في هذه المدرسة (البنيان الاهلية) تنقصنا عدة احتياجات اساسيه منها الطعام فقد احضروا لنا الزيت والسكر والرز وعلب الفاصوليا وعلب التونه من فاعل خير وبجهود شخصية ولكن كيف نطهي هذا الطعام ونحن لانمتلك ادوات للطهي ولا شولة (آلة طبخ ) وايضاً نحن بدون فرش او لحاف للنوم نحن خرجنا بملابسنا فقط .. وقد أتت إلينا عدة مؤسسات ومنظمات لتسجل اسمائنا منذ أن دخلنا المدرسة ولكن حتى هذه اللحظة لم نستلم منهم اي شيء .. ونحن في فصل الصيف والحرارة شديدة بالعاصمة عدن ولاتوجد ثلاجة لتبريد او لحفظ طعامنا ناهيك عن انقطاع التيار الكهربائي لعدة ساعات باليوم .. نتمنى من الله العودة إلى منازلنا قبل شهر رمضان الكريم فقد كنا بمنازلنا مستورون ومعززون .. وحسبنا الله ونعم الوكيل . وكان لقاءنا مع / ام رانيا توفيق القفعي من كريتر/شعب العيدروس مختلف فقد تحدثت قائله : نحن نزحنا بسبب الحرب من قبل الحوثي والمخلوع صالح ، فالقصف كان شديد وعشوائي على منازلنا من جهة وحمى الضنك منتشرة من جهة اخرى ونحن بهذه المدرسة نشكل حاله افضل ، نحضر الطعام احياناً من جبهات المقاومة واحياناً لايوجد ، ونعاني من دورات المياه المشتركة (الحمامات) .. وايضاً إبنتي رانيا كانت مريضه وتنزف دم ولايوجد معنا مصروف او مبلغ لعلاجها وحاولت أن اعالجها وهي مازالت تحت العلاج ولا استطيع استكمال علاجها بسبب إنتهاء المصروف علينا ... إن زوجي صياد بصيرة وهذه الايام توقف عن العمل بسبب الحرب .. وانا حامل بالشهر الخامس .. نحن نذهب مشياً على الاقدام من مدينة المنصورة الى الممدارة من اجل جلب الثلج (الماء المثلج) من ناس اقاربنا بالممدارة لاننا لانملك مبلغ المواصلات او قيمة الثلج .. نحن كنا نريد الذهاب لحضرموت ولكن المال وقف حاجز بيننا .. انا عندي ابنتين توأم ولا استطيع شراء علبة حليب لهم .. الحمدلله على كل حال .. نحن استلمنا دعم من فاعل خير ونحن احضرنا ادوات المطبخ معنا من منزلنا ، ولكن نحتاج الى الفرش واللحاف لننام عليه ، ولاتوجد اي مؤسسة او منظمة ترعانا وتدعمنا ، نريد الرحمة بشهر الخير والمغفرة و نريد ان تعود دولتنا "الجنوب" وننعم فيها بالإستقرار والأمان وأن نعود إلى منازلنا ..نشكركم ونشكر إلتفاتكم لنا وتكفينا الكلمة الطيبة . وعند لقاءنا بالاستاذة / امل عبدالله ناصر معلمة بمدرسة العيدروس للتعليم الاساسي بكريتر موظفة من تعيينات 2011م تحكي معاناتها قائلة : هربنا من كريتر بسبب القصف من جهة وحمى الضنك من جهة اخرى ، فالموت اذا جاء لاخوف منه وهذا قضاء الله وقدره أما أن ارى اطفالي يتألمون امام عيني بسبب المرض ولا استطيع ان اعالجهم فهذا هو الموت بحد ذاته ولاتتحمله اي ام بالدنيا .. فالمستشفيات بكريتر لا علاج ولا ادوية .. نحن تركنا كريتر وذهبنا إلى منزل صديقة لي بالخيسه في مدينة البريقة بالعاصمة عدن ثم إنتقلنا إلى منزل اخر بسبب ازدحام الاسر كنا 12 اسرة بمنزل واحد ، وذهبنا لمنزل اخر بالخيسة وكنا اربع اسر وتضايقنا وبعدها ذهبنا إلى مدينة الصالح التي تقع بين مدينة الشعب وبئر احمد حيث كان فيها شقق عديدة خاليه ولكنها بدون خدمات لا ماء ولا كهرباء ولا صرف صحي ولا خدمات صحيه والمجاري "البيارات" طافحة بالشوارع والبعوض منتشر وانتشرت حمى الضنك .. مافائدة نزوحنا والمرض يلاحقنا !! وللاسف لايوجد اسعافات أولية بمدينة الصالح ولا وحدات صحية إلا بمنطقة بئر احمد يوجد مجمع صحي واحد والمسافة بعيدة جداً ولا توجد مواصلات فقد مرضت ابنتي وتعذبت في علاجها واضافة الى ذلك الضرب العشوائي على مدينة الصالح ومدينة انماء .. كذلك السيارة التي تجلب الماء لم تأتي بسبب القصف والماء كان من مدينة الشعب .. والمواد الغذائيه بمدينة الصالح لايتم توزيعها بشكل منظم توجد عشوائية وفوضى كبيرة بالتوزيع .. اما الاسعار بمدينة الصالح سياحيه وكأننا سياح ولسنا نازحين بدون رواتب او بيوت ولذلك انتقلت إلى المنصورة إلى مدرسة البنيان لان مدينة الصالح معزوله عن الناس .. نحن بدون رواتب ثلاثة اشهر متتالية ومقبلين على شهر رمضان وللاسف تبادر الى مسامعنا اننا تعيينات 2011م لن نستلم راتب لانعلم لماذا !! نحن توظيفنا رسمي ولانعلم مدى صحة هذا الكلام وايضاً إستلام الراتب يكون من خارج العاصمه عدن .. اين نذهب !! يجب عليهم فتح البريد في عدن .. وكذلك لاتوجد لدينا ادوات نظافة لم يوفروها لنا حيث الامراض منتشرة وهناك انتشار كبير للقمامة اين دور البلدية ؟ واين الجهات المسؤولة ؟ نحن هنا نعاني ولا احد يشعر بنا نهم وجبة الفطور لاطفالنا واذا انتهى الفطور نفكر بوجبة الغذاء واذا انتهى فكرنا بالعشاء .. وماينشروه من اخبار بأن كريتر عادت إليها الكهرباء والحياه فهذه الاخبار مزيفة وكاذبة .. وفي ختام حديثها تساءلت اين دور الرئيس عبدربه منصور هادي ودول التحالف من مساعدة النازحين جراء هذه الحرب الشوعاء . وكذلك إلتقينا بالطفله / زهراء احمد عمر عوض عمرها 10 سنوات تسكن خور مكسر حي العريش وتدرس بمدرسة العريش نازحه في بلوك 33 بالمنصورة .. وجدناها بأحد الشوارع تحمل كيس به ملابسها أتت وكانت برفقة اخوانها الصغار .. تحدثت معنا أنهم تركوا منزلهم بسبب القصف الحوثعفاشي على منازل المواطنين فقد اشتد القصف وحرقت منازل امامهم وجوارهم مما اضطروا للهروب من منزلهم .. وأضافت قائله نحن نسكن بدون مواد غذائية وابي يعمل صياد بساحل ابين بخورمكسر والان لايستطيع الذهاب للعمل بسبب هذه الحرب ونحن نتمنى ان نرجع لمنزلنا واعود للعب مع صديقاتي واعود لمدرستي . وعند ذهابنا لمدرسة ابن زيدون بالمنصورة بالعاصمة عدن إلتقينا بإحدى النازحات من المعلا التي لم يمضي على ولادتها 20 يوم فتحدثت معنا قائلة : نحن بهذه المدرسة أتت إلينا منظمة الصليب الاحمر وكذلك بعض المساعدات من اهل الخير ، ولكنها غير كافيه ولاتوجد معنا حتى لحاف او فرش ننام عليه .. واهل الخير بالمنطقة تعاونوا مع التاجر الصلاحي ووفروا لنا مطبخ لطباخة وجبة الغداء فقط ، أما الفطور والعشاء لاتوجد اي وجبات .. انا وضعت هذه المولوده هنا اثناء النزوح والولادة كانت بمستشفى الصداقة ، اطفالنا ماذنبهم يظلون بدون طعام ونحن بدون رواتب او عمل .. وعندما سألناها ماهي الكلمة التي توجهها لأهل الخير والجمعيات الخيرية والمنظمات بقرب حلول شهر رمضان المبارك فاضت عيناها بالدموع ولم تستطيع التعبير ولم تقل غير اتمنى من الله ان نعود إلى منازلنا .. هذه المعاناة ننقلها كما هي وقد نكون مقصرين بنقل المعاناة بكل آلآمها ، إنها الكارثة الانسانيه التي يعيشها النازحين خاصة وابناء شعب الجنوب عامة .. لعلها تجد اذان صاغيه وقلوب رحيمة للوقوف بجوار هذا الشعب الصامد والثابت ثبوت جبال شمسان الشامخة .