� كل بلد يتعرض لحرب، تتفكك أبرز المنظومات التي كانت تحفظ هذا البلد وتحمي مجتمعه مما قد يتهدده، وسواء كان ذلك التهديد داخلياً أو خارجياً، وهذا بالضبط ما حصل في الجنوب بشكل عام، وفي عدن العاصمة على وجه الخصوص، حيث تتعرض مراكز حيوية هامة إلى الجور والبسط، من قبل أناس لا يعرفون لغة القانون ولا سطوته على الأقل في هذا المنعطف الفارق، والذي بات فيه كل واحد يريد أن يأكل لقمته بأي شكل من الأشكال، ودون أن يهمه أكانت تلك اللقمة حلال او حرام، المهم هو ألا يجد من يعترضه ويستنكر فعلته من الناس أو من جهات الاختصاص، وهو بالضرورة قوي على الظلم، فهو لم يعتدِ على حق أحد، بل اعتدى على ملك الدولة العام، وبهذه الطريقة المركبة تجد البعض يفكر، وعلى هذا النحو يستمر السكوت..
تركـــةٌ ثقيلـــة
ولا شك أن النهب والسلب والاستيلاء على الممتلكات العامة ما يزال تركة ثقيلة خلفها نظام صالح المليشيوي القبلي، للعاصمة ولأبنائها الذين عايشوا المدنية منذ وقت مبكر، شأنه شأن كل غاصب لأرض، ومثله مثل بريطانيا المستعمرة العظمى، التي تعمدت أن تزرع خلافات وفرقة وشتات فيما بين الإخوة وأهل البلد الواحد، بعد أن تأكدت أن أهل هذه البلد لا يحبونها ولا يرحِّبون بها وبوجودها، كذلك صالح والحوثي فعلوا، ليثبتوا أن مليشياتهم هي من كانت توزع صكوك القانون وهي الوحيدة التي تطبقه بصولجان سلطانها الحصري، بعدما استمروا في إفراغ دائرة الأمن العام، في هذه المدن، وزرع بذور الفتن والمشاكل، وعندما يطردهم الأهالي من مدنهم، سيكون هنالك إرث ضخم، للصراعات البينية، وهذا نزر مبتسر مما حدث بالضبط هنا.
مبنى التربية يتحول لمحلات تجارية !
وها نحن اليوم قمنا بالنزول بعد أن تلقينا بلاغاً من العديد من المواطنين، بأن مبنى التربية والتعليم بمديرية الشيخ عثمان سابقا (المبنى القديم) الواقع بالشارع الرئيسي لمديرية الشيخ عثمان بالعاصمة عدن قد تم تحويله الى محلات تجارية، وهذا المبنى تم اقتحامه سابقا عام 2011م من قبل مجموعة من الاشخاص وتأجيره لأشخاص آخرين.
وتفاجأ التربويون يوم الخميس 19 نوفمبر 2015م باستحداث بناء داخل سور المبنى ثم يوم السبت تم هدم وكسر السور الخارجي للمبنى وفتح ابواب خارجية مطلة على الشارع الرئيسي (الممتد من جولة عبدالقوي إلى مسجد النور) لتحويله إلى محلات تجارية واستغلال الوضع العام الذي تعانيه العاصمة عدن.
واحتج ناشطون شباب من منظمات المجتمع على السطو على مبنى التربية، مضيفين بأن ذلك يعد إهانة للتربية وللتعليم، وغزو إلى عقر دارها، حسب تعبيرهم.
وطالبوا الجهات المختصة والمحافظ بالذات بالتحرك إزاء هذا العمل الذي ينتهك حرمة العلم، ويستهين بقدسيته، التي تعد قدسية أبنائنا وبناتنا جميعاً، حد قولهم.
مدير التربية بالشيخ: أخلينا مسؤوليتنا
وفي لقاء خاص أجرته "الأمناء" مع مدير إدارة التربية والتعليم بالشيخ عثمان الأستاذ "أنور محضار راجح"، حول هذه الحادثة حيث تحدث بأن قرار تعيينه كمدير للتربية كان في تاريخ 2 نوفمبر 2015م ومباشرة العمل في 4 نوفمبر 2015م، موضحا ان هذا الموقع تم الاستيلاء عليه واقتحامه منذ عام 2011م، وقد كان مبنى لمكتب التربية والتعليم بالشيخ عثمان سابقا.
موضحا أنه في يوم الخميس وهم مشغولون بامتحانات الثانوية العامة، تم إشعاره من قبل الحراسة الخاصة بالتربية بوجود استحداث وبناء داخل المبنى القديم وتم هدم السور الخارجي وفتح أبواب خارجية مطلة على الشارع الرئيسي، مضيفاً: "قمت بإشعار الجهات المعنية كمدير عام مديرية الشيخ عثمان ومدير عام مكتب التربية والتعليم بعدن وغرفة عمليات المقاومة الجنوبية بعدن برساله رسمية حتى نخلي مسؤوليتنا، كما تخاطبنا مع كل الجهات المسؤولة والمخول لنا بالمخاطبة معها رسمياً.
وحصلت "الأمناء" على نسخة من البلاغ المقدم للإدارة العامة في الشيخ عثمان، وفيه إشعار واضح بما حصل، وإخلاء كامل للمسؤولية عن كاهل الإدارة العامة للتربية في الشيخ، والتي أفادت بأنها قامت بالإشعارات المتكررة، وبأسلوب إداري راقٍ، حسب ما ظهر لدينا في البلاغ الذي نحتفظ به، وهذه شهادة موثقة بما يلزم.
تربويون يناشدون
ومن جهة أخرى ناشد تربويو الشيخ عثمان محافظ عدن والمقاومة الجنوبية والسلطة المحلية بوقف الاعتداءت على المباني والممتلكات التربوية وتحويلها الى محلات تجارية او منازل للايجار أمام مرأى ومسمع الجميع .
وفي نهاية المطاف، تساءل تربويو الشيخ عثمان بقولهم: لماذا تم ترك هذا المبنى دون ان يضم الى ادارة التربية والتعليم اثناء بنائه، وكان لابد من أن يستغل ويرمم لتأهيله كمبنى تربوي تُرك للسطو والاقتحام ؟!.
-