ولي ولي العهد محمد بن سلمان في اقوی حوار صحفيا مع صحيفة أمريكية يكشف عن مستقبل المملكة واليمن
2015/11/27
الساعة 07:50 صباحاً
(هنا عدن -متابعات )
ولى ولى العهد السعودى يتحدث عن مستقبل المملكة في حوار مع «نيويورك تايمز»
قذائف «بن سلمان»
أجرى الصحفى الأمريكى المخضرم «توماس فريدمان» أول حوار من نوعه مع الأمير «محمد بن سلمان» ولى ولى العهد السعودى ووزير الدفاع الشاب، ونشر تفاصيله في مقال بصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، مصحوبا بتعليقه ورؤيته لشكل نظام الحكم مستقبلا.
ويحظى «بن سلمان» باهتمام كبير من جانب صحف الغرب، وترصد العديد من الجهات، وبخاصة في الولايات المتحدة، كل تحركاته وتصريحاته، لاستخلاص ما ستكون عليه البلاد في ظل الحكام الشباب الصاعدين بقوة لتولى زمام الأمور بالمملكة.
وكشف الأمير الشاب أنه يضع الاقتصاد على رأس أولوياته ويعمل على تعزيز التطور والنمو، وتقليل الاعتماد على عائدات النفط، وخلق نظام اقتصادى قوى ومؤثر يسمح بالاستمرار والمنافسة ويلبى احتياجات البلاد على المدى الطويل.
واسترعى انتباه فريدمان ما وصفه بانتهاج سياسة المكاشفة، وأنه يجرى إعداد برنامج لمحاسبة الحكومة سيكون متاحًا على شبكة الإنترنت، من خلال لوحة قياس ستعرض بشفافية أهداف كل وزارة وأداءها ومدى تحقيقها المستهدف، وسيتم من خلال ذلك محاسبة كل وزير.
وقال ولى ولى العهد، إنه يرمى إلى مشاركة المملكة بجميع طوائفها في الأداء الحكومي، وأن يكون هناك تسريع في عملية اتخاذ القرارات وتنفيذها مع الالتزام بالدقة ومعايير الجودة.
ونقل بعض الوزراء والمسئولين للصحفى الأمريكى أنهم فوجئوا بحجم التطور الذي شهدته البلاد إداريا، وأصبح هناك قرارات مهمة ومؤثرة تخرج للنور في أسبوع أو أسبوعين، في حين أنها كانت تتطلب عدة أشهر في السابق لتطبيقها.
ومن أكثر الأفكار التي تؤرق الأمير الشاب في الوقت الحالي، الاعتماد بشكل كامل على النفط في الدخل القومى للبلاد، فضلا عن وجود خلل في عملية الإنفاق واستهلاك موازنة المملكة، لذلك فإنه يجرى التفكير في تطوير الأداء الاقتصادى وفرض ضرائب وإعادة توزيع الثروة وتقنين الإنفاق.
وكشف عن خطة تهدف لتقليص الدعم للسعوديين الأغنياء، الذين يجب أن يتحملوا جزءا من العبء مع الدولة، لذلك فهم لن يحصلوا على الخدمات بأسعار مخفضة مثل بقية المواطنين، وسيدفعون مقابلا ماديا أكبر للحصول على الغاز والكهرباء والماء وحتى البنزين.
ووفقا لمقال «فريدمان» يجرى حاليا بحث إمكانية فرض ضرائب مختلفة على الأفراد والشركات، منها ضريبة القيمة المضافة وضرائب على السجائر والمشروبات، وكذلك ضرائب على الأراضى غير المطورة، وهو ما سيوفر للمملكة مليارات يمكن توجيهها لخدمة الاقتصاد، وإقامة مصانع ومنشآت صناعية تخدم البلاد على المدى الطويل.
ويهدف البرنامج الاقتصادى المخطط له إلى تقوية اقتصاد المملكة بشكل كبير وجعله قادرًا على تحمل أي مشكلات في أسواق النفط العالمية، حتى لو انخفض سعر النفط إلى ٣٠ دولارا للبرميل.
يأتى ذلك إضافة إلى منح القطاع الخاص مميزات كبيرة لجذب الشركات ودفعها لتوسيع أعمالها وتشجيع المواطنين على الانضمام إليها، خاصة أن ٧٠٪ من السعوديين تحت سن ٣٠ عاما ووجهة نظرهم تختلف عن باقى الـ٣٠٪.
وقال فريدمان إن الأمور ليست بالطبع وردية فهناك مقاومة للتغيير منذ فترة طويلة، وبالطبع فإن هذه المقاومة ستزداد وتيرتها الآن ومستقبلا لمقاومة أي محاولة لتطوير وجه المملكة، خاصة فيما يتعلق بفرض الضرائب وزيادة الأعباء المالية على المواطنين، فالعمال السعوديون لا يدفعون ضرائب على الدخل.
ونقل عن ولى ولى العهد أن المجتمع السعودى لا يقبل بالضرائب، والمواطنون لا يستخدمونها، لذلك حذر فريدمان من أن فكرة فرض ضرائب قد تكون لها تداعيات سياسية.
لكن الفيصل في الأمر حاليا، وفقا لفريدمان، هو الدعم الذي يحظى به ولى ولى العهد من والده خادم الحرمين الملك «سلمان بن عبدالعزيز»، الذي جاء بوزيرين من غير الأمراء في وزارتى الصحة والإسكان كجزء من تحول واسع لإضفاء الطابع المهنى على الحكومة وتحفيز القطاع الخاص على لعب دور أكبر في الاقتصاد.
وألمح إلى أن وزير الصحة الجديد هو أهم رئيس تنفيذى في البلاد، وهو خالد الفالح الذي أدار شركة أرامكو النفطية الوطنية.
وبحسب بن سلمان، يدرك النظام الحاكم للمملكة حاليا أن هناك فسادا يجب التصدى له بكل قوة، وأن الفساد الحكومى أبرز التحديات، وهو ما جعله يتبنى برنامجا يغلب عليه السرية لتطهير الحكومة من الفساد والبيروقراطية.
وفضلا عن ذلك، التخلص تدريجيا من الدعم ورفع أسعار الطاقة المحلية والتحول إلى الطاقة النووية لتوليد الكهرباء، وكذلك الطاقة الشمسية وجعلها قادرة على المنافسة في السوق المحلية، كما أن هناك حاجة ماسة إلى ذلك حتى تتمكن المملكة من تصدير المزيد من النفط بدلا من استهلاكه في الداخل.
في سياق آخر، نفى محمد بن سلمان لفريدمان بشكل قاطع أي علاقة للسعودية بأفكار داعش، وقال إن التنظيم الإرهابى ليس نتاج فكر دينى سعودي، معتبرا أن التنظيم يعد رد فعل مضادا للوحشية التي تعرض لها السنة في العراق على يد حكومة تقودها الشيعة وموجهة من إيران هناك في عهد رئيس الوزراء السابق نورى المالكي، وكذلك نتاج ما تعرض له السنة في سوريا على يد حكومة دمشق المدعومة من إيران، مضيفا أنه لم يكن هناك داعش قبل رحيل أمريكا من العراق، فعندما تغادر أمريكا وتدخل إيران يظهر «داعش».
وأبرز حديث ولى ولى العهد أنه في الوقت الذي يقوم فيه التنظيم بتفجير المساجد في السعودية من أجل زعزعة استقرار النظام، يتهم العالم المملكة بأنها مصدر أفكار التنظيم، وفى الوقت نفسه يتهمه الإرهابيون بأنه غير مسلم.
وعلى صعيد آخر، أكد ولى ولى العهد على محاولة المملكة التوصل إلى حل في اليمن، مستدركا: «لكن الجانب الآخر عندما يتعرضون لخسائر على الأرض وضغوط دولية يكونون جادين بشأن المفاوضات، ونحن نحاول إنهاء ذلك»، مضيفا أن الجانب الآخر يعانى من متاعب في التوصل إلى اتفاق سياسي.
كما نقل الصحفى الأمريكى عن ولى ولى العهد، قوله إنه كغيره من المسئولين في الإمارات والكويت والسعودية، لديهم رغبة في عدم تخلى الولايات المتحدة عن المنطقة، مشيرا إلى أن هناك أوقات يكون فيها قائد وأخرى لا يكون فيها قائد في العالم، وعندما لا يكون هناك قادة فإن الفوضى ستترتب على ذلك.
«بن سلمان» في زيارة إلى واشنطن
قال فريدمان إن الأمور ليست بالطبع وردية فهناك مقاومة للتغيير منذ فترة طويلة، وبالطبع فإن هذه المقاومة ستزداد وتيرتها الآن ومستقبلا لمقاومة أي محاولة لتطوير وجه المملكة، خاصة فيما يتعلق بفرض الضرائب وزيادة الأعباء المالية على المواطنين.