الحصار الذي تعيشه مدينة تعز اليمنية للشهر العاشر يجبر سكانها على استدعاء الوسائل التقليدية، لا سيّما اللجوء إلى الحمير، لتهريب المواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية. فشلت المنظمات الإغاثية الدولية مراراً في إدخال المساعدات إلى المدينة طوال فترات الحصار بالرغم من تعهداتها. يوضح المواطن سليم كامل أنّه يضطر لإرسال أبنائه إلى مناطق سيطرة جماعتي أنصار الله (الحوثيون)، والرئيس السابق علي عبد الله صالح، بهدف شراء بضاعة دكانه الصغير داخل المدينة، وذلك باستخدام طرق ومنحدرات جبلية صعبة وخطرة أمنياً. يقول كامل لـ"العربي الجديد" إنّ "معظم التجار الصغار يلجؤون للتهريب على الحمير من أجل تأمين المواد الغذائية الهامة لزبائنهم. يشير إلى أنّ معظم ما يتم إدخاله هو الأرز والدقيق والبقوليات وبعض الأنواع من الأدوية. يضيف: "لا تسمح لنا نقاط التفتيش بإدخال أي بضائع، مع ذلك أشعر بالألم عندما أجد أطفالاً يطلبون مني الغذاء ولا أستطيع توفيره، ولهذا أرسل أبنائي لشراء بعض المواد الغذائية الضرورية من خلال تهريبها على ظهور الحمير أو الجمال أحيانا". يزعم أنه يبيع معظم ما يشتريه بخسارة، لكنه يعتبر المسألة إنسانية أكثر منها تجارية أو ربحية. كذلك، تعمل بعض المنظمات بالتعاون مع المهربين على إدخال بعض المساعدات المنقذة للحياة إلى داخل المدينة. من جهته، يؤكد المسؤول الإعلامي لائتلاف الإغاثة الإنسانية في تعز عبد الحميد سيف دخول مساعدات ضئيلة إلى المدينة، خصوصاً تلك التي وصلت إلى بعض شيوخ القبائل في المناطق التي لا تخضع للحصار. يشير إلى أنّ المعونات التي أعلنت منظمات إغاثية أممية عن وصولها إلى تعز نهبت ولم تصل إلى من يحتاجونها داخل المدينة المحاصرة. يلفت إلى أنّ حديث المنظمات الدولية عن تقديمها مساعدات للمدينة لا يغير في واقع الحصار شيئاً. فالمساعدات لم تصل، والمدينة مقبلة على كارثة. يستغرب سيف من تفضيل المنظمات الإغاثية الدولية التعامل مع الشيوخ على حساب مليوني نسمة من المدنيين. وذلك من خلال رفض الجهات الدولية تلك التعامل مع جمعيات لها تاريخ طويل من العمل المنظم والمسؤول البعيد عن معايير الانتماءات السياسية. كما يطالب المنظمات بالضغط على المليشيات و"تطبيق اتفاقية جنيف التي تؤكد ضرورة إلزام الجهات المسيطرة على أي مناطق جغرافية بالسماح بإدخال المساعدات والأدوية وحرية التنقل وإسعاف الجرحى". في السياق نفسه، يتهم مصدر قبلي المنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة الغذاء العالمي، بأنها تقدم المساعدات إلى تجمعات سكانية مختلفة خاضعة لسيطرة الحوثيين من دون أن يكونوا بحاجة إليها. يقول المصدر إنّ الحوثيين، بالتنسيق مع المنظمات الدولية، يوزعون المساعدات على أنصارهم أو على الأهالي في منطقة عمران (شمال). يشير إلى أنّ المنظمات تكتفي بإيصال هذه المساعدات إلى مناطق التوزيع، وتعتمد على شيوخ القبائل الذي يستغلون المساعدات لإيهام السكان أنّ الحوثيين يقفون وراءها بهدف تعزيز ولائهم لهم وتجنيد المقاتلين. لكنّ الأمر ينتهي بنهب معظم الشيوخ كميات كبيرة من هذه المساعدات وتوزيع القليل منها للنازحين والفقراء بحسب المصدر. يضيف أنّ المنظمة الدولية لم تلتزم بمعايير الشفافية، ولم تضع أرقام هواتف مكاتبها ومسؤوليها على شاحنات الإغاثة من أجل الشكوى أو التعقيب على جودة الإغاثة واهتمامات المستفيدين. يتابع المصدر، الذي يفضل عدم ذكر اسمه، أنّ "الحوثيين يحرصون كثيراً على وجود مندوب منهم لدى توزيع المساعدات المقدمة من منظمة الغذاء العالمي للقبائل والمواطنين، لإيهامهم أنّهم هم من يقدمون المساعدات". كما "يفرضون موظفين موالين لهم كعمال في المنظمات". تعهدات لم تتحقق توصل المشاركون في مباحثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في سويسرا، وتجمع أطراف الصراع الرئيسيين في اليمن، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي إلى اتفاق على المبادرة الفورية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى مدينة تعز، على وجه الخصوص، تبعاً لما تعانيه المدينة. لكنّ ذلك لم يتحقق بحسب بيانات وتصريحات صدرت عن المنظمات الإنسانية والحقوقية داخل المدينة المحاصرة.