�شفت دراسة ميدانية لـ"المركز الإعلامي للثورة اليمنية" تفاصيل مثيرة حول مسؤولية مليشيا الحوثي المسلحة في إدارة وتشغيل السوق السوداء للمشتقات النفطية. الدراسة اعتمدت على وثائق ومعلومات إحصائية قام بها باحثون ميدانيون ومتخصصون أكدت وجود 689 سوق سوداء ونقطة بيع للمشتقات النفطية في العاصمة صنعاء وحدها، وهي نطاق تنفيذ الدراسة. وأن أرباح الحوثيين من مادة البنزين فقط تقدر بنحو مليون ونصف مليون دولار يوميا، وبما يقدر تحديدا بـ (43.5) مليون دولار شهريا، وهو المبلغ الذي يمثل فارق السعر الرسمي الذي تم تحديده لهذه المادة. وسردت الدراسة التي ينشرها المركز لاحقا أسماء الأشخاص المعينين من جماعة الحوثي كمشرفين للمديريات ومندوبين لها في المنافذ والجهات الحكومية. وخلصت الدراسة إلى أن هذه الأسواق التي تعمل بتناغم واضح ولا تتعرض لمشكلات أمنية ولا تشهد أي تنافس سلبي تديرها جماعة الحوثي عبر هيكلها وفق تنظيم هرمي. صناعة طبقة من مراكز النفوذ المالي وتتوزع الأسواق السوداء شوارع وأحياء ومديريات العاصمة كما هو واضح من شكل الانفوجرافيك الملخص للدراسة، معطلة نحو (154) محطة تعبئة بنزين في أمانة العاصمة، خصوصا محطات شركة النفط الحكومية، ومتسببة في انضمام الكثير من المحطات الخاصة لقائمة البيع بأسعار السواق السوداء، وتعمل على إنتاج وصناعة طبقة جديدة من مراكز النفوذ المالي في المجتمع. وبحسب الدراسة، تتصدر مديرية "السبعين" بـ (189) سوقا سوداء، تليها مديرية بني الحارث بـ(175) سوقا، لتستحوذ المديريتان على (50%) من إجمالي الأسواق السوداء ونقاط البيع المنتشرة في العاصمة صنعاء. وتأتي مديرية معين بعد السبعين وبني الحارث بواقع (80 سوق)، تليها الصافية (55 سوق)، ثم مديريتا الثورة والتحرير بـ(53 سوق) لكل منهما، ثم مديرية شعوب (47 سوق)، فمديرية الوحدة (35 سوق) ونقطة بيع، وأخيرا آزال (16سوق) وصنعاء القديمة (9) أسواق. أخطار قائمة وأخرى قادمة وتلاحظ الدراسة أن انتشار الأسواق السوداء يزداد في مديريات الأطراف: السبعين جنوبا، وبني الحارث شرقا، ومعين شمالا، بينما يقل تدريجيا كلما اتجهت إلى الوسط. وحذرت الدراسة من إفراز هذه الأسواق لأخطار قائمة وأخرى مستقبلية قادمة وبشكل مخيف حد تعبيرها، فقرابة 700 مركز وسوق سوداء لمواد الاشتعال منتشرة في جميع الأزقة والحارات، وقد سبق وقوع حرائق كبيرة في كل من: "شارع خولان" و"المطار" و"جولة عمران" أسفرت عن قتلى وجرحى بالمئات، فضلا عن تأثيرها المباشر على المواطن ومختلف مجالات الحياة. وتحتاج أمانة العاصمة يوميا إلى (1.783.098 لتر بنزين)، عدا مادتي الديزل والكيروسين اللتين لم تخض الدراسة فيهما. وبموجب الأسعار الجديدة فإن إجمالي الإيرادات من خلال السوق السوداء الذي يباع للسكان وليس للمصانع ولا يتم تصديره خارج العاصمة للمحافظات المجاورة تبلغ يومياً (534,929,400) خمسمائة وأربعة وثلاثين مليونا وتسعمائة وتسعة وعشرين وأربعمائة ريال، أي (2,488,044) مليونان وأربعمائة وثمانية وثمانون ألفا وأربعة وأربعون دولاراً. أي أن فارق السعر الجديد عن السعر الرسمي (نصف دولار/ لتر) يصل إلى نحو 1,5 مليون دولار يوميا، وأكثر من 43,5 مليون دولار في الشهر. ولفتت الدراسة إلى أن إصدار تشريع (لائحة) لتنظيم ما أسموه استيراد المشتقات فيه إجهاز كامل على شركة النفط اليمنية، وجعل المستورد الوحيد للمشتقات من أتباع الجماعة والممولين لها، ما يمثل شرعنة للسوق السوداء ولتجارها، ويوقف عمل المحطات الرسمية. استثمار الحرب والسياسة وأوردت دراسة "المركز الإعلامي للثورة اليمنية" قائمة بأسماء وبيانات من وصفتهم بـ"مستثمري الحرب" في المديريات والمنافذ والجهات الحكومية، والذين وضفتهم مليشيا لصناعة مراكز مالية جديدة تابعين لها. بالإضافة إلى خلق مؤسسات موازية للدولة استطاعوا من خلالها تحويل إيرادات هائلة تكفي لتمويل حروبهم وتؤثر في مستقبل الدولة، كما ضاعفوا من هجمة النفوذ ومحاربة أي منافسين محتملين لهم عن طريق القوانين والتشريعات الحاسمة لردعهم. ولاحظت الدراسة أن هذا النموذج في إدارة السوق السوداء يشبه بتفصيلاته إدارة "الحرس الثوري" لمؤسساته الموازية في إيران، بما في ذلك السوق السوداء التي يديرها بتشريع حكومي ويمتلك موانئ خاصة به لتهريب المشتقات، كاستدامة لموارده المالية. وقالت الدراسة إن جماعة الحوثي تستغل العمليات العسكرية لقوات التحالف إدارة هذه السوق بأريحية تامة بعد أن تمكنت بمساعدة إعلام أطراف خارجية داعمة لها من خلق رأي عام يبدو مقتنعا إلى حد ما بمسؤولية التحالف عن الأزمة القائمة في المشتقات النفطية. صعوبة عودة الكهرباء للعاصمة كشفت دراسة حديثة للمركز الإعلامي للثورة اليمنية صعوبة إعادة خدمة التيار الكهربائي للبلاد، في ظل استمرار الأسواق السوداء بالعمل بعيداً عن شركة النفط التي لن تتمكن من شراء المشتقات العاملة في البلاد فيما مديونية وزارة الكهرباء بالمليارات. الدراسة التي أعدها باحثون متخصصون أشارت إلى أن هذه الأسواق السوداء تبتلع "سوق الصرف المالي" فالشراء للمشتقات يتم عبر الأشخاص وحدهم بالعملة الصعبة "الدولار" ما يجعل تجار السوق يشترون العملة بأي ثمن ممكن، وهو ما يجعل السوق أحد أهم مصادر تذبذب السعر، ما يفاقم المشاكل لدى البنك المركزي اليمني. وتوضح الدراسة إلى أنه بوجود الأسواق السوداء والاستيلاء على موازنات وعائدات الحكومة النفطية والضرائب والجمارك وكل تلك الإيرادات من الصعب أن تعود خدمة الكهرباء للمواطنين، فشركة النفط لن تتمكن من شراء المشتقات للمحطات العاملة في البلاد، فيما مديونية الوزارة بالمليارات. وأجرت الدراسة حصراً للأسواق السوداء لمشتقات النفط في 10 مديريات بأمانة العاصمة والتي تكشف عنها وجود (689) سوقا ومركزا لهذه الأسواق مقابل 154 محطة تعبئة رسمية في تلك المديريات العشر وهو ما أثرى قيادات جماعة الحوثي العاملة في تلك الأسواق حيث تبين أن الجماعة تكسب فارق السعر عن السعر الحقيقي لمادة البنزين في أمانة العاصمة وحدها قرابة مليون ونصف المليون دولار. كما أن هذه الجماعة تكسب من مصدر دخل آخر من خلال إلزام المؤسسات الحكومية والمختلطة ورجال الأعمال بشراء المشتقات من خلال الأسواق التي يديرونها، حيث قام الحوثيون بتعيين مسؤول للجماعة في كل مؤسسة حكومية ومختلطة، بما في ذلك إدارات الأمن والوزارات وقاموا بتغيير المدراء الماليين لمعظم المؤسسات بالإضافة إلى مدراء المخازن والمشتريات، من تمرير مشروعهم وإرغام المؤسسات الحكومية على شراء المشتقات النفطية من السوق السوداء، لتشغيلها، في ظل انقطاع الكهرباء عن عموم اليمن. وتشير الدراسة إلى أن الحوثيين استطاعوا السيطرة على القطاع النفطي في البلاد من خلال عدة مراحل، المرحلة الأولى تتمثل في الاستيلاء على عائدات المؤسسات الحكومية وموازنتها، وطرد الشركات الأجنبية العاملة في اليمن بعد ابتزازها بعشرات الآلاف من الدولارات يومياً بحجة الحماية، والمرحلة الثانية إيهام المواطنين أن انقطاع المشتقات النفطية يعود إلى سبب الحصار المفروض من قبل التحالف، فيما يقومون بتخزينها طوال تلك المُدة حتى يتعطش السوق وتباع بالأسعار التي يرغبون بها، وبالتزامن مع ذلك يتم وضع كميات قليلة للمحطات في البلاد من أجل تأكيد وجهة نظرهم بأن السبب هو الحصار، والمرحلة الثالثة، كانت قرار بتعويم أسعار المشتقات النفطية والتي تهدف إلى إقصاء شركة النفط اليمنية من العمل في السوق والسماح لتجار الجماعة المسلحة باستيراد الكميات التي يريدونها، وفي ذات الوقت يحاربون المؤسسات التجارية من استيراد تلك المشتقات حتى يتمكنوا من بيعها لهم بسعر السوق السوداء 300 ريال/ لتر. المرحلة الرابعة والأخيرة اصدار تشريع (لائحة) لتنظيم ما أسموه استيراد المشتقات وفيه اجهاز كامل على شركة النفط اليمنية، وجعل المستورد الوحيد للمشتقات من أتباع الجماعة والممولين لها، ما يعطي شرعنة للسوق السوداء ولتجارها، ويوقف عمل المحطات الرسمية".