من وحي الألم وتعاسة الحياة التي تحيط بالنازحين من أبناء مديرية كرش محافظة لحج المشردين من قراهم منذ ما يقارب الشهرين والنصف، بسبب امتداد فترة الحرب الدائرة في مناطقهم، التي تحولت إلى أرض تستقر فيها رصاصات " الهاون والكاتوشا" للعدوان المليشاوي الحوثي العفاشي اليمني، الذي باتت مليشياته تتمركز على أجزاء من التلال المطلة على مناطق بكرش، كانت تحت سيطرة المقاومة الجنوبية منذ ما قبل فترة نزوح المواطنين وهي الفترة التي عجزت فيها المقاومة في استعادتها وإحكام السيطرة عليها بفعل الفشل واستفادة أطراف في الجبهة من بقاء الاوضاع على ماهي عليه لتلقيها دعما مباشرا من التحالف العربي تسخره بطريقة حزبية وفيدية..
غيـــاب كامـــل
كاميرا الأمناء وفي زيارتها الأولى لوادي الربوع المتناثرة في جنباته الأسر المشردة، صوبت عدستها بعجالة؛ لكشف حقيقة الأوضاع التي تضاعف من حجم المعاناة بالنازحين من أبناء مناطق الجريبة وحدابة كرش يوما إثر آخر، والمشردين على طول وادي الربوع ابتداء بمنطقة الأعشار وانتهاء بمناطق الربوع وسوقه الذي تتواجد فيه مدرسة مكتظة بالنازحين والمسجد المجاور للمدرسة الذي بات مأوى للمواطنين، كذلك وجدنا كهوفا في الجبال وأشجار باتت سكنا يتخذها النازحون لهم، وعند زيارتنا للمنطقة اطّلعنا عن كثب واقتربنا من تلك المعاناة التي رصدناها وقلوبنا تعتصر ألما وتقطر دما " مشاهد مؤلمة وأوضاع مزرية سترتقي لوصفها بالكارثة الانسانية اذا تساقطت الأمطار لا سمح الله.
غابت دول التحالف العربي ووسائل الإعلام المقروءة والمرئية ومن تتواصل معهم دول التحالف وتسلم لهم الدعم الكامل للنازحين من أبناء كرش وهم يسخرونه في غير موقعه ونترككم مع نداءات وصرخات النازحين هنا.
حيث يؤكد النازح "أحمد عبده ناجي" أحد أبناء كرش في مدرسة الربوع، بأن هناك غياب كامل للعمل الإنساني للمنظمات والجهات المعنية في ظل تردي الأوضاع المعيشية لكثير من النازحين وفقدان آخرين لأرزاقهم جراء اتساع رقعة الاستهداف لمناطقهم وطول أمد الحرب في كرش في ظل صمت مخزي للمنظمات الإنسانية وغياب المساعدات مناشدا المنظمات الإنسانية بالتحرك العاجل لإنقاذ حياة النازحين المشردين هنا.
نساء تلد تحت الأشجار
ويواصل ناجي وصفه للمشهد المؤسف: نحن في مدرسة وعددنا تجاوز الخمسة عشر أسرة موزعين على ستة فصول دراسية، ويوجد لدينا حمام واحد، تنعدم معه المياه، وقد خرجنا بأجسادنا من بيوتنا، تاركين كل أغراضنا فيها"، كما أن هناك نازحون اتخذوا من الجبال والأشجار مكانا يستظلون بها من حرارة الشمس، وهم يحتاجون إلى الغذاء والبطانيات والخيام والعلاج بحكم الحصار المفروض علينا جميعا، حيث تلد النساء تحت الأشجار وهذا ما قُدِّر لأن يكون لأبناء كرش الذين باتت شخصيات حزبية تتاجر بمساعداتهم وإيهام المنظمات بأن المنطقة غير آمنة بهدف سرقة مواد الإغاثة التي تأتي باسمنا ويتم توزيعها للبعض منها بطريقة مسيسة ومؤسفة.
وكذلك النازح "علي غالب سالم" هو الآخر، قال بأن مأساة الحرب لن تتوقف في ظل الصمت المخزي لجهات الاختصاص المنظمات المعنية بتوزيع مواد الاغاثة للنازحين وعدم مرافقتهم للتأكد من وصول مواد الاغاثة إلى المستحقين لها بعيدا عن المحسوبيات والتسييس الضيق.
مناشدا سرعة إنقاذهم من هذا الوضع واتخاذ التدابير اللازمة بكيفية توصيل الاغاثة للمواطنين بعيدا عن الطرق المحسوبية والتسييس الضيق ولغة الفيد التي باتت تخيم على عقول ممن لا يخافون الله وهم يتحدثون باسم الدين.
قضية مؤرقة ومأساة مؤسفة
من جانبه، عبر القيادي في الحراك والمقاومة الجنوبية "عماد أحمد غانم" رئيس مجلس المقاومة بكرش عن بالغ أسفه لتلك الأوضاع والمعاناة الخانقة للنازحين المشردين من أبناء كرش في العند ومناطق عديدة وبوجه الخصوص المشردين على طول وادي الربوع الذين انصدمنا في زيارتنا لهم مؤخرا قائلا : وجدنا قضية إنسانية تؤرق البال وتدمي القلب بالمديرية بعد أن تحولت جبهة كرش من إرادة انتصار للمقاومة إلى ارادة هزيمة ومعاناة النازحين لا نستطيع وصفها.
مؤكدا بأن النازحين هنا مهددين بكارثة إنسانية إن طالت أمدها لأيام سقوط أمطار بفعل المأساة الموجودة وفقدان النازحين للمواد الغذائية والإغاثة الإنسانية وانتشار للإمراض ونقص للمياه وبطانيات التدفئة لدى الغالبية العظمى منهم لكون النازحين قد غادروا منازلهم ولم يتمكنوا من إخراج ملابسهم وحيواناتهم التي افترستها تلك الفلول والعصابات الإجرامية الحوثية العفاشية وغيرها من الممتلكات الضرورية وذلك بفعل مباغتة تلك المليشيات لاحتلال مناطقهم في عدة قرى من مناطق المديرية جنوب عاصمة المديرية والفشل المخزي لقيادات ما تسمى بمقاومة في الجبهة بفعل المقاولات الفاشلة في الجبهة التي أدخلت تلك المليشيات وبدم بارد إلى تلك القرى المحتلة، مناشدا المنظمات الإنسانية إلى التحرك العاجل نحو النازحين و تقديم مواد الإغاثة والخيام والأدوية لهم.
واجب إنساني وديني
وبات نزول المنظمات الإنسانية واختراقها لمربع الصمت واجب ديني وإنساني لإنقاذ ما يمكن انقاذه تجاه تلك الأصوات الشاحبة والوجوه المكسوة بالألم والمعاناة التي تفتح باب التساؤل والاستفسار التي تدور في الذهن كطوفان هائج باحثة عن إجابة شافية عن الجهات المسؤولة إلى متى سيبقى وضع النازحين والمواطنين المشردين من أبناء كرش؟ ومتى سيلبى نداء هؤلاء وسيوقف العبث الموجود في جبهة كرش ليعود الناس إلى منازلهم آمنين؟.