أحمد داود أوغلو... الأستاذ المنظّر لتركيا القوة الإقليمية
2016/05/07
الساعة 03:35 صباحاً
(هنا عدن -متابعات)
الإقليمية
إسطنبول ــ باسم دباغ
يتنحى رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو (مواليد 1959)، ليغادر العاصمة أنقرة، بعد نحو 13 عاماً، انتقل خلالها ابن مدينة قونيا عاصمة الصوفيين في العالم من دور الأكاديمي إلى رجل السياسية الذي لن يكون من المبالغ وضعه بين كبار الساسة الأتراك في تاريخ الجمهورية.
بدأ "الخوجا" أي المعلم كما يُلقّب في قواعد حزب "العدالة والتنمية"، حياته السياسية بعدما قدّمه الرئيس التركي السابق عبدالله غول عام 2003 ليغدو مستشاراً لرئيس الوزراء التركي حينها رجب طيب أردوغان. بدأ بدور قيادي في إعادة تشكيل عقيدة الخارجية التركية، ناقلاً إياها من الانعزال بجناحَين يقومان على الاهتمام بالمجال الحيوي القومي التركي وبالعلاقة مع الغرب، إلى عقيدة يختلف الخبراء على توصيفها، لكنها واكبت على أكمل وجه صعود الجمهورية وتحولها إلى قوة إقليمية لا يمكن تجاوزها، مدّت نفوذها في كل مكان وصولاً إلى أفريقيا وأميركا اللاتينية.
"
بدأ تأثير الأستاذ الحاصل على ماجستير في الإدارة العامة والدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولة، تحديداً منذ عام 2003
"
بدأ تأثير الأستاذ الحاصل على ماجستير في الإدارة العامة والدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولة، تحديداً منذ عام 2003، بعدما حصل على رتبة سفير بقرار مشترك بين رئيس الجمهورية التركية حينها، نجدت سيزار، ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. كانت أولى نشاطاته في الدبلوماسية التركية مع الانفتاح التركي الأول على المنطقة العربية عام 2003 من خلال اجتماعات دول جيران العراق، قبيل الغزو الأميركي. وعلى الرغم من معارضته الشديدة للسماح لواشنطن باستخدام الأراضي التركية لغزو العراق لم يؤثر ذلك على علاقته بأردوغان الذي كان ميّالاً للموافقة، فتسلم داود أوغلو في ما بعد وزارة الخارجية عام 2009.
الفكر السياسي
يختلف الباحثون في وصف رؤية مهندس الدبلوماسية التركية خلال العقد الأخير، إذ يرى الأكاديمي اليوناني، أستاذ داود أوغلو، ديمتري كيتسيكيس، أن "العثمانية الجديدة" كان لها دور أساسي في إدارة داود أوغلو للدبلوماسية التركية. والعثمانية الجديدة هي نظرية جيوسياسية ترى أنه يجب أن تكون أنقرة لاعباً أساسياً في الأراضي التي كانت خاضعة للإمبراطورية العثمانية بدءاً من شرق أوروبا في البلقان، مروراً بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا والقوقاز. هذا الأمر الذي لا يرفضه فقط تلامذة داود أوغلو بل هو نفسه. وقال الأخير في إحدى مقابلات جريدة صباح التركية، "علينا أن نبتعد عن هذا المفهوم لأنه بات يستخدم ضدنا"، مشدداً على أنه ضد فكرة أن تركيا تحاول إحياء الإمبراطورية العثمانية، "قلت مراراً إن تركيا كدولة قومية لا تختلف عن أي دولة أخرى في منطقتنا سواء كانت صغيرة أو كبيرة من ناحية عدد السكان".
من جانبه، يؤكد أحد تلامذة داود أوغلو، أستاذ العلوم السياسية بهلول أوزكان الذي أمضى وقتاً في دراسة أكثر من 330 مقالاً كتبها "الخوجا" بين 1990 و2000، أنّ مفهوم الوحدة الإسلامية وليس العثمانية الجديدة هو المهم بالنسبة لداود أوغلو في رؤيته لمحاولات تركيا الاندماج مع القوى الغربية. وذلك عبر تكوين وحدة إسلامية في منطقة الشرق الأوسط المتعدد الأعراق، تساهم في استقراره وتكون دافعة لتركيا لزيادة النفوذ في القارة الأوروبية. ويشير إلى أن فكر داود أوغلو يقوم على منتصف المسافة بين انتقاد رؤية الرئيس التركي الأسبق تورغوت أوزال الموالية للغرب وأقرب إلى رؤية السلطان عبد الحميد الثاني في موضوع الوحدة الإسلامية. وبحسب أوزكان، فإنه على الرغم من أن رؤية الأخير كانت دفاعية في عهد ضعف الدولة العثمانية فقد كانت بالنسبة لداود أوغلو وسيلة للتوسّع وزيادة النفوذ، مشدداً على أن الوحدة الإسلامية بالنسبة لداود أوغلو هي وحدة إسلامية سنية لا مكان لإيران فيها.