�ندر الدوشي واشنطن نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ورقة بحثية للخبيرين "ماثيو ليفيت، ونداف فلولاك" بعنوان: "حزب الله تحت النار"؛ للتأكيد على وضع "حزب الله" الصعب الذي جعله في حالة ترنح بعد مقتل "مصطفى بدر الدين"، إضافة إلى نجاح السعودية ودول الخليج في تضييق الخناق على "الحزب" ماليًّا واجتماعيًّا بعد تصنيفه بأنه "حزب إرهابي"، حيث كشف الباحثان أن "حزب الله خسر" أكثر من ألف مقاتل. وقال الباحثان في الورقتين: "أدّى مصرع القيادي البارز في حزب الله "مصطفى بدر الدين" في سوريا في مايو إلى ترك الحزب يترنح من هول الصدمة، ولكن ليس للسبب الذي يعتقده معظم الناس، صحيح أنه فقد أحد قادته المؤهلين تأهيلاً خاصاً والذي يتميز بِنَسب فريد من نوعه كونه نسيب "عماد مغنية"، الذي تآمر معه "بدر الدين" لتنفيذ هجمات إرهابية مدمرة يعود عهدها إلى تفجيرات بيروت في الثمانينيات". وأضافا: "كان "بدر الدين" يشغل وظيفتين في أثناء وفاته كقائد لكل من الشبكة الإرهابية الدولية للحزب منظمة الجهاد الإسلامي أو منظمة الأمن الخارجي ولقواته العسكرية المنتشرة على نطاق واسع في سوريا. ولا تعتبر خسارة مثل هذا القائد الكبير والمحنك نكسة صغيرة لـ"حزب الله". وأردفا: "مصرع "بدر الدين"، بحد ذاته، ليس السبب الحقيقي لشعور حزب الله بالقلق، بل إن حقيقة عدم كون إسرائيل العدو اللدود للجماعة المسؤولة عن مقتله على ما يبدو، هي سبب الشعور بالإحباط، ويبدو أن هناك حالياً أعداء لـ"حزب الله"، هم أكثر أهمية وإلحاحاً من إسرائيل؛ الأمر الذي أدى إلى جعل حزب المقاومة مرتبكاً ومنزعجاً، ومنذ عام 2012، لقي مقاتلو "حزب الله" مصرعهم في معارك ضد المتمردين السنة في سوريا بأعداد أكبر مما خسر الحزب في جميع معاركه وحروبه مع إسرائيل". وتابعا: "المسألة ليست مجرد أعداد، بل مصرع قادة رئيسيين، فوفقاً لبعض التقارير قُتل عدد قليل من قادة حزب الله على يد إسرائيل، بمن فيهم جهاد مغنية وسمير القنطار، ولكن هذه الحالات هي الاستثناء التي تُثبت القاعدة، أي أن معظم كبار قادة حزب الله لقوا مصرعهم على أيدي "المتمردين السنة" وليس على أيدي الإسرائيليين". وقال الباحثان: "بالنسبة لحزب الله؛ تعتبر معظم الأشياء السيئة نتاجاً لمؤامرة إسرائيلية، بدءاً من الحركة اللبنانية الشعبية التي كانت قد طردت سوريا من لبنان عام 2005 إلى الحرب الأهلية السورية، وبالتالي فوفقاً لمنطق حزب الله، جاء مصرع المقاتلين والقادة في المعارك المختلفة، نتيجة لخوض حرب تُعتبر في مخيلة الحزب بأنها نتاج مؤامرة "تكفيرية- إسرائيلية – أمريكية" ولكن الاغتيال المستهدف لشخص بارز بمستوى "بدر الدين" بعيداً عن خط المواجهة هو حدث قائم بذاته". وأضافا: "عندما خرج زعيم الحزب "حسن نصر الله"، على موجات الأثير ليعلن أنه "لا توجد إشارة أو دليل يقودنا إلى الإسرائيليين"، كان ذلك إنجازاً رائعاً بالفعل، وقد أضاف "نصر الله" بسرعة أن حزب الله "لا يخشى اتهام إسرائيل عند الضرورة"، ولكن في هذه الحالة "قادت تحقيقاتنا إلى الجماعات الإرهابية السنية". ولا يمكن أن يكون "نصر الله" أكثر وضوحاً، عندما قال: "خلال 24 ساعة عرفنا من قتل "سيد مصطفى"، لا تحاولوا مجرد الإشارة إلى إسرائيل". وأردفا: "المتمردون السنة السوريون هم ليسوا العدو الوحيد لـ"حزب الله" من غير الإسرائيليين، وقد تم تأكيد ذلك من خلال القرار الذي اتخذه مجلس التعاون الخليجي في وقت سابق من هذا العام من خلال إدراج حزب الله على القائمة السوداء، والاستنكارات التي واجهها الحزب من قبل جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وفي الواقع، فإنه وحتى قبل اتخاذ هذه الإجراءات، كان السعوديون يقودون بالفعل محاولة للتصدي لأنشطة حزب الله في منطقة الخليج وبلاد الشام على حد سواء. وقد أدى جهداً واحداً على وجه الخصوص إلى نتائج مذهلة". وتابعا: "في أغسطس 2015، أُلقي القبض في بيروت على السعودي "أحمد المغسل"، زعيم الجناح العسكري لـ"حزب الله" الحجاز والمهندس الرئيس لتفجير "أبراج الخبر" عام 1996؛ حيث أفادت التقارير أنه كان يعيش تحت حماية حزب الله اللبناني، وتم تسليمه إلى المملكة العربية السعودية، فبعد تمكنه من الهرب لفترة قاربت الـ20 عاماً، جاء إلقاء القبض المفاجئ على المغسل كصدمة غير مرحب بها لحزب الله". وقال الباحثان: "في الواقع، فإن "المغسل" الذي يتحدث الفارسية هو في وضع فريد يؤهله إلقاء الأضواء على النشاطات السرية للعملاء الإيرانيين ووكلائهم في المنطقة، وخاصة حزب الله". وأضافا: "يجب أن لا تأتي المقالة التي نشرها وزير الخارجية السعودي في صحيفة "نيويورك تايمز" في يناير "والتي أُدرجت فيما بعد في نطاق مستند تقني من قبل الحكومة السعودية" كمفاجأة عندما استخدمت لغة حادة ضد حزب الله؛ حيث قال "الجبير": "إن حزب الله، الذي يعمل تحت وصاية إيران، يحاول السيطرة على لبنان وشن حرب ضد المعارضة السورية - وفي هذه الحالة يساعد على ازدهار تنظيم الدولة الإسلامية". وأردفا: "من الواضح لماذا تريد إيران بقاء بشار الأسد في السلطة في سوريا: ففي تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية حول الإرهاب صدر عام 2014، كتبت الوزارة أن إيران تَعتبر سوريا "جسراً حيوياً لإمدادات الأسلحة لحزب الله". وأشار التقرير أيضاً، نقلاً عن بيانات الأمم المتحدة؛ إلى أن إيران وفرت السلاح والتمويل والتدريب "لدعم الحملة الوحشية لنظام الأسد التي أسفرت عن مقتل 191 ألف شخص على الأقل". وتابعا: "أشار نفس التقرير لعام 2012 إلى أن "رعاية الدولة الإيرانية للإرهاب قد ظهرت من جديد"؛ حيث إن النشاط الإرهابي لكل من إيران وحزب الله "قد وصل إلى درجة لم يسبق لها مثيل منذ التسعينيات". وقال الباحثان: "كما أن السعوديين ليسوا وحدهم في الجهود التي يبذلونها للتصدي لنفوذ حزب الله وعملياته في المنطقة وخارجها على حد سواء. وفي غضون بضعة أسابيع من إصدار وزارة الخارجية الأمريكية لأحدث طبعة من تقريرها السنوي حول الإرهاب؛ أكد مسؤول أمريكي رفيع المستوى أن "التصدي لأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار ولدعمها للإرهاب كان عنصراً أساسياً في حوارنا الموسع مع دول مجلس التعاون الخليجي، في أعقاب قمة قادة هذه الدول في كامب ديفيد في مايو 2015، كما وسّعنا أيضاً التعاون مع شركائنا في أوروبا وأمريكا الجنوبية وغرب أفريقيا لبلورة وتنفيذ استراتيجيات للتصدي لأنشطة الجماعات المتحالفة مع إيران التي ترعاها الجمهورية الإسلامية، مثل حزب الله". وأضافا: "بالنسبة لجماعة تأسست على مبادئ "المقاومة" ضد إسرائيل، يتعيّن على حزب الله التعامل مع الواقع الصعب بأنه خسر أكثر من ألف مقاتل في المعارك ضد إخوانه العرب والمسلمين، وليس الإسرائيليين. ويُنظر إلى الجماعة في جميع أنحاء المنطقة كسلاح طائفي في الترسانة الإيرانية؛ فهو ليس قوة مقاومة تحارب الاحتلال، بل قوة تدعم احتلالاً في سوريا. وفي مقال ظهر في موقع "ناو" في مايو، اعترف مقاتل في حزب الله قائلاً: "نحن غزاة، هذا هو دورنا الآن. نعم، لديّ العديد من الأسئلة، ولكن الحرب معقدة للغاية ولديّ عائلة يجب أن أدعمها". وأردف الباحثان: "مكانة حزب الله قد تراجعت بشكل كبير في مختلف بلدان الشرق الأوسط. وكانت شعبية الجماعة قد ارتفعت في أعقاب الحرب مع إسرائيل عام 2006، ولكن هذه هي قصة مختلفة في الوقت الحالي. فبعد قيام مجلس التعاون الخليجي بتصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية، أصر "نصر الله" أن معظم العالم العربي رفض هذا القرار ولا يزال يؤيد الحزب، بيد، تعطي استطلاعات الرأي من سبتمبر 2015 صورة مختلفة؛ حيث يحمل 86% من الأردنيين نظرة سلبية عن حزب الله، كما حصل الحزب على نسبة تأييد لا تزيد على 13-15 % فقط في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة". واختتما الورقتين البحثيتين بالقول: "يُظهر اغتيال "بدر الدين"، أن حزب الله نفسه في ورطة كبرى في استطلاعات الرأي فيما يتعلق بالمشكلة السنية، وإن هذا المجرى للأحداث ذو دلالة كبيرة عندما لا تأتي المشكلة الأمنية الأكبر من إسرائيل بل من سوريا"