أكد رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر أن رجال الإمارات صنعوا المعجزات في اليمن خلال عامين من انطلاق عمليات التحالف العربي لدعم الشرعية.
ولفت ابن دغر في حوار مع «البيان» أن تدخل التحالف أنقذ الدولة اليمنية من السيطرة الإيرانية، لافتاً إلى أن الشرعية مستعدة للحل السياسي وفق المرجعيات، وأي خروج على المرجعيات لن يكون مقبولاً، وهو ما حدث حين قدم وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري رؤية للحل كانت عبارة عن عقاب للشرعية ومكافأة للانقلاب. وقدر رئيس الوزراء اليمني ذو النشأة الحضرمية تكاليف إعادة الإعمار بأكثر من 100 مليار دولار تحتاج إلى عشر سنوات لإنجازها فيما لو تم البدء بها الآن.
إلى تفاصيل الحوار مع رئيس الوزراء اليمني الذي تحدث فيه أيضاً عن معضلتين تواجهان الحل السياسي، وكذلك الخيارات المقبلة مع الإدارة الأميركية الجديدة.
من توليكم مهامكم على رأس الحكومة وحتى يومنا هذا.. كيف تقيمون أداء المؤسسات الشرعية خلال هذه الفترة؟
لعله من الصعب أن نعطي تقييماً لعملنا في الحكومة قد نراه موضوعياً فلا يراه الآخرون كذلك، لكنني سأذكر بعض المعلومات الهامة. بعد أيام تكون الحكومة قد أكملت عاماً على تعييني رئيساً لها، تسلمنا مهامنا في ظروف صعبة، انعدمت فيها الإمكانيات إلا من القليل منها، وما كان متاحاً لم يكن يكفي حتى لرواتب الحكومة نفسها لشهرين. كانت مساعدة الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة عبر مركز الملك سلمان والهلال الأحمر الإماراتي هي ما ساعدتنا على الصمود في عدن.
قبلنا المسؤولية، تدعمنا ثقة الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي والمواطنين بنا، كان لديهم إحساس بأننا سنفعل شيئاً ما يساعدهم على الخروج مما هم فيه من اضطراب شديد في الأمن، وانعدام شبه تام للخدمات. تسلمنا المهمة والموظفين في المناطق المحررة من دون رواتب، وصرفنا الرواتب وبانتظام، تسلمنا وعمليات القاعدة الإرهابية التي تستهدف الجنود والضباط بدرجة رئيسية تكاد تكون شبه يومية أو أسبوعية، وها قد تراجعت هذه العمليات، وتسلمنا والخدمات في أدنى مستوياتها وها نحن نتغلب على هذه الحالة شيئاً فشيئاً.
حركنا بعضاً من قدراتنا الاقتصادية والنفطية بتعاون الأشقاء في الإمارات وتوجيهات مباشرة من الرئيس عبدربه منصور هادي ودعم وإسناد من القيادة الإماراتية، وها نحن نقوم ببيع الدفعة الرابعة من نفط حضرموت. توقفت مرتبات معظم وحدات الجيش والأمن لأشهر قبل عام، وقد صرفنا المرتبات للمرة الثانية، ونهيئ أنفسنا لانتظام صرفها.
قبل عام تجمدت كل المشاريع الصغيرة والكبيرة، وقد بدأنا ننفذ بعض الحيوي والضروري منها، كانت مطاراتنا كلها قبل عام من الآن مغلقة، وها هي مطارات عدن وسيئون وسقطرى تعمل بانتظام، وقريباً مطار الريان، وقد خدمت هذه المطارات جميع المواطنين من دون استثناء.
توقفت الموازنة العامة للدولة عن تقديم المساعدة للمستشفيات والمراكز والوحدات الصحية، وها نحن نحاول تزويدها بما أمكن من المال لتستمر في تقديم الخدمة. نستطيع أن نقول إن جميع مؤسسات الدولة قد انهارت أو تكاد، إما بفعل العدوان أو بفعل انعدام الأمن بعد طرد الحوثيين من المناطق المحررة. وها نحن نستعيد الدولة ومؤسساتها بدءاً بالجيش والأمن ومروراً بالبنك المركزي ووزارة المالية، والخدمة المدنية، والتخطيط، والأشغال العامة والطرق، والنقل، والاتصالات، وبقية الوزارات الأخرى.
قبل عام واحد كان البعض من المواطنين من المحافظات الشمالية، يرحّلون قسرياً من عدن ولحج، شكاً في هوياتهم، وحرصاً مبالغاً فيه على الأمن، اليوم هذه الظاهرة لم تعد موجودة. الوئام الاجتماعي بين السكان يقوى يوماً بعد آخر، ذلك لأننا بذلنا جهداً لوضع الأمور في نصابها.
وانتقدنا الظواهر السيئة حينها وفي وقتها. وعالجنا الأمور في الواقع، وساعدنا على ذلك أهل عدن ولحج أنفسهم ومسؤولو السلطة المحلية، ووعي اليمنيين بيمنيتهم يعود إلى صفائه درجة درجة، اليمنيون حتى في الحروب رحماء بينهم.
ليس بإمكاننا أن ننسب هذه الإنجازات للحكومة بمفردها، توجيهات رئيس الجمهورية كانت البداية، السلطات المحلية في عدن ولحج ساعدتنا، وكذلك في حضرموت ومأرب والعديد من المحافظات الأخرى. الإعلام والعلماء والمثقفون، وأخيراً وليس آخراً الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ساهموا مادياً ومعنوياً في ما نقول إنه نجاح وإن كان نسبياً.
الخدمات المجتمعية
ما أهم العقبات التي تواجه الحكومة في مجال الخدمات المجتمعية وخاصة أن البلاد لا زالت في وضع حرب تسبب بها الانقلابيون؟
المؤسسات الخدمية في اليمن تقادمت مع الزمن. كل شيء كان يحتاج لإعادة البناء، ولكن بمستويات مختلفة، بالإضافة إلى ما أحدثته الحرب من دمار هائل، الحديث هنا عن المناطق المحررة، وتحديداً عدن وحضرموت ومأرب وما جاورهما من المحافظات. المناطق غير المحررة والواقعة تحت سلطة الحوثيين وصالح، الدمار فيها أكثر.
وكمثال على ما نذكر لنأخذ الكهرباء، وصلنا عدن وكانت الإطفاءات فيها تبلغ 14 ساعة تقريباً أو أكثر. ولا توجد في خزانات المؤسسة العامة للكهرباء مشتقات نفطية تغطي حاجة المحطات منها، ولا قطع غيار، ولا زيوت، وحتى إذا وجدت المشتقات النفطية قِدَم المحطات وتآكلها لا يسمح بالحصول على مزيد من الطاقة. كان وضع الكهرباء سيئاً، وقد انعكس ذلك على المياه والنظافة والتعليم والصحة. لكننا تجاوزنا ذلك بجملة إجراءات أو نكاد نتجاوز.
الكهرباء مشكلة في اليمن، محطات إنتاج وشبكات توزيع متهالكة، لكننا حصلنا على دعم الأشقاء في المملكة العربية السعودية وفي الإمارات، ثم دعم الأشقاء في قطر، ونحاول الاعتماد على الذات في التغلب على هذه المشكلة، التي تمتد جذورها لعقود مضت من السنين.
لم تعد لدينا مشكلات في المياه، وكانت المياه، تنقطع عن أحياء كاملة في عدن ولأسابيع، المساعدات من مركز الملك سلمان ومن الهلال الأحمر الإماراتي والهلال الأحمر القطري والهلال الأحمر الكويتي، هذه المساعدات التي اتجهت نحو الإغاثة الإنسانية العاجلة بدورها ساعدت على التعافي. نكرر هنا شكرنا الجزيل لأشقائنا جميعاً.
الخدمات في لحج وأبين والضالع وشبوة ومأرب والجوف وحضرموت والمهرة وسقطرى تحسنت بصورة يلمسها المواطنون اليمنيون هناك، جذر واحد لضعف الخدمات يبدأ من الكهرباء، وهو الأمر الذي نطلب فيه المساعدة. والمساعدة العاجلة، ولو على شكل قرض بفائدة أو من دون.
تأهيل القطاعات
إلى أي مرحلة وصلت جهود إعادة تطبيع الحياة في المحافظات المحررة؟
لدينا مقاييس نقيس بها الحالة الأمنية في البلاد أولها إحساس المواطن اليمني بأن أمنه قد غدا أفضل. لو سألت المواطن اليمني في عدن أو مأرب أو حضرموت، الحواضر المهمة الخاضعة للسلطة، سيخبرك الناس أن الحالة الأمنية أفضل مما هي عليه قبل عام.
تراجعت العمليات الإرهابية، وتتقلص تدريجياً المظاهر المسلحة يترافق مع ذاك اهتمام أكثر فأكثر بإعادة بناء الجيش وأجهزة الأمن، وتبدو الحياة في عدن والمكلا ومأرب وحتى في عواصم المحافظات الأخرى باستثناء أبين أفضل بكثير مما كانت عليه قبل عام فقط.
عادت المياه تُضخ للبيوت، وتحسن أداء المستشفيات بدعم الحكومة ودعم الأشقاء. كما اختفت الملاريا بعد ظهورها المحدود أو تكاد وكذلك حمى الضنك، والناس يذهبون إلى أعمالهم بانتظام، مع وجود هدر كبير في ساعات العمل، والطلبة يذهبون للمدارس والجامعات كما كانوا يذهبون إليها قبل الأزمة، والمرتبات تصرف بانتظام.
إعادة الإعمار
إرهاب «القاعدة» وحرب الحوثيين على الشرعية كلفت اليمن واليمنيين الكثير من الخسائر والدمار.. ما التكلفة والمدة التي تتوقعونها من أجل إعادة إعمار المناطق المحررة في الوقت الحالي؟
تقديراتنا الأولية تفوق مئة مليار دولار أميركي، فنحن لا نرى إلا القليل من الدمار، لقد تسبب الحوثيون وصالح في انقلابهم على السلطة في كل هذا الدمار الذي جرى ويجري في البلاد. ولا زال الدمار يكبر مع استمرار الانقلابيين في تمسكهم بالسلطة، وإصرارنا نحن على مواجهتهم حتى يلقوا أسلحتهم، وينسحبوا من المناطق التي احتلوها منذ عامين.
معنا في المعركة العرب كل العرب وتحت قيادة المملكة، وبمشاركة فعالة ونوعية على الأرض من جانب الإمارات، ودعم غير محدود من الأشقاء في مجلس التعاون، ودول التحالف العربية الأخرى.
لإعادة الإعمار سنحتاج إلى 10 سنوات كحد أدنى إذا توافرت الأموال، وهذا يفترض أن تتوافر من الأشقاء ومن المجتمع الدولي، وأن توظف إمكانيات اليمن في محلها. لقد تلقينا وعوداً بدعم غير محدود من الأشقاء وقد أعلنا عنه قبل أيام، نحن نجهز أنفسنا للبدء ببعض المشروعات في المناطق المحررة.
عامان على تدخل التحالف العربي ووضع حد للتمدد الإيراني وإنقاذ الشرعية.. إلى جانب دعم المناطق المحررة أمنياً وتنموياً.. بماذا تلخصون الدور الإماراتي حتى يومنا هذا؟
قلت أكثر من مرة، الإمارات تغيرت فكبرت بحكمة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، كان معه وإلى جانبه قادة كبار في الإمارات، تغيرت الإمارات وغيرتنا معها، وغيرت الكثير من المعادلات السياسية في المنطقة، ودورها في اليمن هو أبرز مظاهر التغيير وأكثرها دلالة سياسية وعسكرية. نعم لقد منع تدخل التحالف وتحديداً المملكة والإمارات من انهيار الدولة، لقد أوقف هذا التدخل الأخوي الأطماع الإيرانية عن السيطرة على اليمن.
من دون الإمارات ما كان للشرعية أن تفرض سيطرتها على 80 في المئة من الأرض، يسكنها 55 في المئة من السكان. واليوم جنود الإمارات والمملكة وجنود وضباط الشرعية يقاتلون في محافظة صنعاء والجوف ومأرب وتعز وعلى تخوم الحديدة المحافظة. وهي محافظات شمالية بالمعنى الجغرافي للكلمة. كما أن المقاومة وبفضل دعم التحالف والإمارات بدرجة خاصة تنمو بوتيرة عالية، كل ذلك لا يمكن رؤيته من دون رؤية الجهد الإماراتي العسكري والأمني، رجال الإمارات فعلوا المعجزات في اليمن.
على المستوى التنموي جهود الهلال الأحمر الإماراتي ملموسة إغاثياً وإنسانياً. في التغذية في الصحة في التعليم في المياه ونوعاً ما في الكهرباء. كما هي ملموسة جهود مركز الملك سلمان والهلال الأحمر الكويتي والهلال الأحمر القطري.
تدخلات إيران
في كثير من المناسبات تحدثت تقارير يمنية وعربية وغربية عن دلائل على دعم إيران الانقلابيين بالأسلحة والأموال والتدريبات.. لماذا تفعل إيران ذلك وما الهدف الحقيقي منه؟
عد إلى تاريخ العلاقات العربية الإيرانية، ستخرج بانطباع واحد فقط أن الفرس لم يتخلوا عن مشاريعهم القديمة الحديثة في السيطرة على المنطقة، في السيطرة على العرب، هم يرون المنطقة العربية فضاء يسمح لهم باستعادة مجد غابر. وينسون أو يتناسون أن هذا لم يحدث منذ معارك الفتح الإسلامي، وبزوغ فجر الحضارة العربية الإسلامية بالرغم من الانتكاسة الحضارية للعرب.
هذا الصراع بيننا وبين الإيرانيين لن ينتهي إلا بتوافق تام يحقق للعرب وللإيرانيين توازناً في المصالح، وأمناً مشتركاً، واعترافاً صريحاً بالآخر كما هو. عنصرية النظام الإيراني، والشعور الزائف والمتضخم بالذات القومية لدى الإيرانيين، والرغبة في تصدير الموت وتصدير المذهب هي السبب المباشر لأزمة المنطقة.
في هذا الإطار علينا أن ندرك أسباب تدخلاتهم المباشرة في العراق وسوريا واليمن ولبنان، ساعدتهم على ذلك الاضطرابات الاجتماعية وعدم الاستقرار في الدول العربية، وصعود التناقضات الاجتماعية إلى مستويات غير معهودة في المنطقة، والدينية منها على وجه التحديد.
خريطة الطريق
قدم المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مبادرة لحل الأزمة اليمنية، وقال إنها «عادلة وشاملة». لماذا اعتبرتها الحكومة شرعنة للانقلاب؟
لقد أخبرنا الأخ إسماعيل، وكل أشقائنا في التحالف، وجميع أصدقائنا في مجلس الأمن أننا لن نقبل أية تسوية لا تحقق انسحاباً حقيقياً من المناطق التي احتلها الحوثيون قبل عامين، وتسليماً للسلاح، وعندما يتقدم طرف ما بمقترحات تتجاوز المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن رقم 2216 فإننا لا نستطيع قبولها، كما أنها لا تصمد أمام قوة المنطق لدى الشرعية، وأمام إرادة شعبنا الذي يرفض القبول بالأمر الواقع، يرفض الاعتراف بالانقلاب والانقلابيين.
ولذلك كان مصير خطة كيري الفشل رغم أن حاملها هو الصوت الأعلى في الحكومة العالمية. وكان كيري مغادراً للخارجية، وأراد أن يجترح معجزة، لكن على حساب شعبنا، ولصالح إيران والحوثيين، ولذلك لم تنجح خطته، كانت كما قلت، شرعنة للانقلاب واعتراف بالأمر الواقع، واستسلام للعنف الميليشاوي لم تكن عادلة ففشلت.
لماذا هذا الموقف الحكومي من المبادرة.. رغم أنها تعتبر امتداداً لخطة دولية تحدث عنها كيري في أغسطس الماضي ودعمتها اللجنة الرباعية المؤلفة من وزراء خارجية السعودية والإمارات وأميركا وبريطانيا؟
لم يعبر أحد من أعضاء اللجنة الرباعية أنهم قد تخلوا عن المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن رقم ٢٢١٦. لم نسمع ولم نقرأ شيئاً من هذا القبيل، وطالما أعضاء اللجنة - باستثناء كيري حينها قبل أن يغادر الخارجية الأميركية - ما زالوا ملتزمين بهذه المرجعيات، فنحن جميعاً متوافقون على رفض ما يخالفها. وقد كانت خطة كيري مخالفة خطيرة لكل هذه المرجعيات.
كيري كان يريد الاعتراف بالانقلاب ويريدنا أن نتخلى عن الشرعية، وأن نقبل بالأمر الواقع، خطة كيري كانت تقضي بمعاقبة الشرعية، وتدميرها لصالح الحوثيين، انظر نصها ومضمونها، «ينقل الرئيس كل صلاحياته لنائب متوافق عليه»، أي مشروطاً بموافقة الحوثيين، وطبعاً لن يوافق الحوثيون إلا على نائب يضمنون ولاءه، ليقوم هذا النائب بإقالة الحكومة الشرعية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية. أفكار كيري كانت تعاقب الشرعية بدلاً من معاقبة المعتدين عليها، وعلى الدولة، وعلى الجميع.
ماذا يعني ذلك؟
ببساطة يعني أن يتخلى الرئيس الشرعي لنائب مرضي عنه من الانقلابيين، وأن يصبح عبدربه منصور ضيفاً دائماً على المملكة العربية السعودية، لا حول له ولا قوة، وفي هذه الحالة فإن التحالف الذي جاء بدعوة من الشرعية، لن يكون قادراً على الصمود في وجه الحوثيين وصالح وإيران، ولا بد من أن الحوثيين سوف يشترطون على النائب الجديد التخلي عن التحالف، والدعوة لوقف إطلاق النار، وإذا دعا النائب الجديد لوقف إطلاق النار قبل الانسحاب وتسليم الأسلحة سينتهي هذا التحالف، وسيصبح الحوثيون أمراً واقعاً، وستكون إيران قد انتصرت، وأن حديثها عن خضوع صنعاء عاصمة رابعة لم يكن من باب الدعاية. وسيكون الخليجيون والعرب قد خسروا حربهم القومية في اليمن، وستكون هذه الخسارة هزيمة سياسية وعسكرية، وتستطيع أن تقول وتاريخية أيضاً في آن واحد.
وفوق ذلك سيترتب على هذا تحول خطير في الحالة الجيوسياسية في المنطقة، سينشأ عنها تهديد حقيقي للأمن في الجزيرة العربية، والأمن القومي العربي. هذا باختصار ما كان سيترتب على القبول بخطة كيري، لذلك رفضناها. ولذلك يرفضها عقلاء العرب اليوم.
قوات عربية
هل تتوقع أن يكون جزء من حل الأزمة في اليمن هو تشكيل قوات حفظ سلام عربية؟
لن يقبل ممثلو إيران في صنعاء بهكذا مقترحات، هناك معضلتان أمامنا جميعاً في سعينا للسلام في اليمن، المعضلة الأولى تسليم السلاح، والثانية الانسحاب من صنعاء والمناطق التي احتلوها بمساعدة الحرس الجمهوري ومؤيدي صالح.
وحل هاتين المعضلتين ليس بالأمر المستحيل، ولتسهيل مهمة المبعوث الدولي اقترحنا أن يتم تسليم السلاح لطرف عربي وإسلامي محايد، وأن يتم تجميعها في محافظة ما من اليمن تحت إشراف دولي، وأن تظل عهدة بيد هذه القوة العربية الإسلامية حتى تجري الانتخابات، حينما يتسلم رئيس جديد منتخب السلطة. لكن الحوثيين لم يردوا بإيجابية على هذا المقترح، وحاولنا الخروج من معضلة الانسحاب وجعله على مراحل تتوافق مع تقدم الحلول السياسية، لكن الحوثيين أيضاً رفضوا.
لدى الحوثيين وهم بإمكانية حكم اليمن بقوة السلاح وبخرافة «الحق الإلهي»، الإمامة (أي السلطة) في المذهب الزيدي ركنه الركين. وللأسف هناك الكثير من اليمنيين ما زالوا يقبلون هذه الخرافات. هو الجهل بقضه وقضيضه كما كان قبل ألف عام. لكن هؤلاء قد غدوا اليوم قلة، وهم في تناقص. الوعي بالحرية، الوعي بالحقوق، بالعدالة والمساواة يكبر في اليمن وسوف يسود.
قطاع الكهرباء
ركز رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر على قطاع الكهرباء في اليمن وعبر عن رغبته إبداء اهتمام أكبر بهذا القطاع. وقال إن حل مشكلة الكهرباء في عدن والمحافظات القريبة منها حاجة لكل بيت وكل أسرة وكل إنسان. كما أن في حالة عدن الكهرباء أكثر أهمية من ترميم مدرسة، لأننا نستطيع أن نفعل ذلك بإمكانياتنا المحلية، وعند الموظفين أكثر أهمية من سلة الغذاء.
وأوضح أن سكان عدن عانوا في الصيف الماضي كثيراً، مؤكداً عزم الحكومة على ألا يتكرر صيف حار هذا العام.
محاربة الإرهاب
تحدث رئيس الوزراء اليمني لـ«البيان» عن أفق التعاون مع الإدارة الأميركية في ظل قيادة الرئيس دونالد ترامب، قائلاً إن الإرهاب واحد من المشكلات الكبرى في المناطق المحررة، ومشكلة عامة في اليمن والدول العربية وبعض الدول الإسلامية، تماماً كمشكلة الحوثيين، وأن الحوثيين والإرهابيين لديهم سمات مشتركة، يقتلون، يدمرون، ينهبون ما يقع تحت أيديهم، ويسعون للحكم على دماء الناس، ولهم في إرثنا الثقافي منابع مشتركة وإن بدت للبعض مختلفة.
وأردف أنهم تمكنوا عبر التعاون المشترك مع المجتمع الدولي والحلفاء وبدرجة رئيسية مع الإمارات العربية المتحدة من تحرير هذه المناطق جميعها من قبضة القاعدة.
وفي ما يتعلق بجديد السياسة الأميركية قال بن دغر إنه ليس في الإمكان الآن الركون إلى سياسة واضحة للتعاون مع الإدارة الجمهورية الجديدة، لكن الثابت في السياسة الدولية، والأميركية على وجه الخصوص، وخاصة لدى الجمهوريين، أن الإرهاب آفة يجب استئصالها من جذورها، وإلا قضت علينا، يجب وضع جهود محاربة الإرهاب في رأس قائمة الأولويات وهي كذلك بالنسبة لنا.
المرجعيات
شدد رئيس الوزراء اليمني أنه لا حلول ولا سلام خارج مرجعياته المتوافق عليها وطنياً والمؤيدة عربياً، والمسنودة دولياً بالقرار الدولي. خارج هذه المسلمات سيكون اليمن غير اليمن الذي نسعى جميعاً إليه، وسيكون الخليج في وضع مختلف، وستتغير أمور كثيرة لكن ليس لصالح اليمن ولا لصالح العرب.
وأضاف أن طرف الحوثيين وصالح لا يبدي أي قدر من المرونة، هم يراهنون على الضغوطات الدولية التي تحركها الجوانب الإنسانية، تحركها النتائج، ولا يأبهون للأسباب. كل هذا الدمار، كل هذا الأذى الذي يلحق بالشعب اليمني له سبب رئيسي وأولي هو الانقلاب على الشرعية والاستيلاء على العاصمة بقوة السلاح.
اليمن سيتعافى
رداً على سؤال ما هي فرص خروج اليمن موحداً من هذه الأزمة التي فرضتها مليشيات الانقلاب ودمرت خلالها مقدرات الشعب اليمني ومزقت النسيج الاجتماعي، قال أحمد عبيد بن دغر إن واحدة من مآسي هذه الحرب أنها قد ألحقت أضراراً بوحدة المجتمع اليمني، وعززت الانقسامات الموروثة من الماضي فيه، وأصابت الهوية الوطنية الموحدة بجروح عميقة. وأضاف: «هل مرت بك حالات رأيت فيها مصاباً بجروح خطيرة وعميقة ونجا منها بسبب من بنيته القوية وقوة المناعة لديه.
أنا رأيت الكثير، واليمن حالة شبيهة بذلك»، مؤكداً أنه رغم الجراح العميقة التي أصابت الهوية اليمنية الواحدة الموحدة، لكنه يتعافى وسيتعافى نهائياً من جراحه قريباً، وسيفاجأ الأشقاء والعرب بأنه قد حافظ على هويته الموحدة في دولة واحدة، ولكنها مختلفة في الشكل والمضمون، نراها الآن دولة اتحادية مدنية وديموقراطية. أزمة السلطة والثروة فيها قد حلت بتوافق وطني، هدف الانقلاب هو القضاء على هذه الإرادة المجتمعية، ومنع قيام دولة عادلة ومواطنة متساوية.
تورط إيران
حول تهريب السلاح، قال بن دغر لـ«البيان» إن الإيرانيين هم مصدر السلاح للحوثيين، حيث لم تكن الرقابة البحرية التي تفرضها الأمم المتحدة، ويشارك فيها العرب، فعالة بما فيه الكفاية، لذا حصل الحوثيون وصالح على أسلحة حديثة وفتاكة، وأن التهريب تم بطرق مختلفة بحراً وبراً، وفي بداية الأزمة جواً.
وأوضح: «لدينا في الحكومة ما يثبت تورط إيران في تهريب السلاح لليمن، حتى بلغ في تقديري الآن مستوى قد يهدد مستقبل المنطقة الأمني. لقد دربوا الحوثيين وشحنوا شبابهم بالبغضاء والكراهية، وباختصار شديد إذا ظهرت أي مشكلة في الوطن العربي فتش عن إيران ستجدها ماثلة أمامك».