br />
يعمل المعلمون اليمنيون في مناطق سيطرة المتمردين الحوثيين منذ أكثر من عامين بدون مرتبات وتتدهور الأوضاع الإنسانية والمعيشية لفئات واسعة من المجتمع اليمني بسبب انقطاع الرواتب وتوقف الأعمال كآثار خلفتها الحرب الطويلة في اليمن.
وفي محاولة للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية واستجابة لمساعي منظمة اليونيسيف أعلنت المملكة العربية السعودية قبل أكثر من ثلاثة أشهر عن تقديم منحة مالية بواقع 70 مليون دولار يتم صرفها كحوافز للمعلمين اليمنيين الذين يعملون في مناطق سيرة المتمردين الحوثيين.
وزير التربية والتعليم في الحكومة الشرعية عبدالله حامد لملس اعتبر تلك المساعي، التي أفضت إلى موافقة السعودية على تقديم منحة مالية، محاولة من قبل منظمة اليونيسيف لإنقاذ الحوثيين الذي عجزوا عن دفع مرتبات المعلمين في مناطق سيطرتهم.
ورغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر إلا أن عملية الصرف لا تزال تواجه عراقيل تحرم المعلمين من الإستفادة من هذه المنحة التي كان يفترض حسب تصريح أدلى به وزير التربية والتعليم عبدالله حامد لملس لبرنامج حديث المساء في قناة يمن شباب الفضائية أن يتم تسليمها عبر الآليات التي تعتمدها الحكومة اليمنية لصرف رواتب الموظفين في مختلف القطاعات.
وأضاف لملس في حديثه للقناة "مكتب اليونيسيف في صنعاء هو من تطوع لإنقاذ الحوثيين من المأزق الذي وضعوا فيه بعد عجزهم عن صرف المرتبات للمعلمين في مناطق سيطرة الحوثيين، ذهبت اليونيسيف للبحث عن تمويل خارجي لإنقاذ الحوثيين".
وحسب المسؤول الحكومي فإن شروط الحوثيين هي التي أخرت دفع الرواتب للمعلمين وأن المبالغ لا تزال موجودة في حساب اليونيسيف.
ومن حديث الوزير لملس فإن ما يجري حالياً هي ضغوطات من جماعة المتمردين الحوثيين على منظمة اليونيسيف لتمكينهم من نهب المبالغ والتصرف فيها على النحو الذي يريدون، خاصة أن جماعة الحوثيين استبدلوا آلاف المعلمين والموظفين الحكوميين العاملين في قطاعات الحكومة المختلفة بعناصر من أنصار جماعتهم.
يقول لملس: "وصلوا إلينا في عدن وأبلغناهم بقدرتنا علي توزيع الحافز للمعلمين وفق كشوفات 2014 وليس كشوفات ???? التي عبث بها الإنقلابيون وسلمناهم هذه الكشوفات إلا أنهم يبدو رضخوا للضغوطات في صنعاء".
لا يستطيع الوزير في الحكومة الشرعية أن يلقي باللائمة على الجهة التي قدمت المنحة أنها سلمت المبلغ للمنظمة ولم تسلمه للحكومة الشرعية بينما كان يفترض أن يقتصر دور المنظمة على مراقبة عملية وآليات الصرف لضمان وصولها إلى المستهدفين.
الأسبوع الماضي خرج برنامج الغذاء الدولي وهو واحدة من أكبر المنظمات العاملة في اليمن في مجال الإغاثة الإنسانية، خرج عن صمته وكشف عن ما تبدو أنها أمبر عملية نهب منظم وممنهج للإغاثة الإنسانية في اليمن.
ومع أن البيان الصادر عن برنامج الغذاء العالمي وتصريحات مسؤولين فيه بدا كخطوة جيدة للكشف عن سطو المتمردين الحوثيين عن الإغاثات المقدمة لليمنيين المتضررين من الحرب إلا أن ما هو أكبر من ذلك أن هذا الكشف المتأخر أفصح عن تواطؤ ومساهمة فاعلة من قبل المنظمات الدولية والجهات التي تمولها في سرقة أقوات اليمنيين والإستفادة من مآسي خلفتها الحرب.
بيان برنامج الغذاء العالمي قال إن مراجعات بسيطة لعمليات صرف ووصول المساعدات كشف عن أن أكثر من 120 ألف طن متري من المساعدات الغذائية التي قدمها البرنامج لم تصل إلى مستحقيها.
وتعمل مختلف المنظمات من داخل صنعاء وبشروط الحوثيين كونهم المسيطرين على الأرض، وتقبل المنظمات بتلك الشروط لتتمكن من مواصلة عملها وبالتالي الحصول على تمويلات من المنظمات المانحة.
يضغط الحوثيون اليوم على منظمة اليونيسيف لإيداع مبلغ المنحة المالية المقدمة كحوافز للمعلمين عبر البنك المركزي في صنعاء وبالتالي صرفها عبر أجهزة الحوثيين لكشوفات جديدة استبعدوا فيها آلاف المعلمين الذين لم يصبحوا جزءاً من منظومتهم.
وبهذه الطريقة يمكن القول إن مبلغ سبعين مليون دولار التي قدمتها السعودية للمعلمين عبر اليونيسيف في طريقها لأن تصبح جزءاً من المجهود الحربي الذي يسخره الحوثيون لتمويل المعركة التي يخوضونها منذ أكثر من أربع سنوات.
"لا تزال اليونيسيف تلتزم الصمت" يقول الوزير لملس، وهو الصمت الذي يبدو مقدمة لرضوخ منظمة اليونيسيف لاشتراطات الحوثيين ومن ثم تمكينهم من التصرف بالمنحة السعودية بالطريقة التي تخدم معركتهم "ضد العدوان".
لم يجد الوزير لملس إجابة على سؤال وجهته له مقدمة البرنامج حول لماذا لم تسلم الحكومة السعودية مبلغ المنحة المالية للحكومة اليمنية لتتمكن وزارة التربية من صرف المبلغ عبر آليات تضمن وصول المبالغ للمعلمين علق بالقول "لو عرفنا كنا حذرنا الأشقاء من تسليم المبلغ لليونيسيف" وأردف "أنا لم يتواصل معي أحد بشأن هذا الموضوع".
كان الجميع يدرك منذ سنوات أن المنظمات الدولية التي تعمل من صنعاء باتت تحت سيطرة شبه تامة لمنظومة المتمردين الحوثيين والمنظمات المحلية التي استحدثوها منذ سيطرتهم على صنعاء وبالتالي تستحوذ على المعونات والمنح المقدمة عبر المنظمات الدولية، وهو ما أكده البيان الأخير لبرنامج الغذاء العالمي وتحقيقات صحفية أجرتها صحف ووكالات أنباء دولية وكشف كل ذلك أن ما يصل للمستحقين لا يتجاوز 20% من حجم المبالغ المقدمة، ومع ذلك تستمر التمويلات من قبل المانحين الكبار وفي مقدمتهم "مركز الملك سلمان للإغاثة" لهذه المنظمات التي تعمل بآليات تفضي إلى ذهاب جزء كبير من المعونات لتمويل الحرب وبناء اقتصاد موازي تابع للجماعة المتمردة في صنعاء.
*المصدر اونلاين*