لم يكتف النظام الإماراتي بسلسلة فضائح من التجسس عبر تطبيقات الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي، بل لجأ لأساليب جديدة لانتهاك الخصوصية تكرس القمع التعسفي في الدولة.
وأعلن النظام الإماراتي عن تطبيق منظومة “المراقبة الإلكترونية” على مستوى الإمارات، سعيا لانتهاك حقوق المواطنين والوافدين عبر تتبع تحركات الناشطين من مدونين وحقوقيين ما قد يسهم في تقييد الحريات الشخصية التي لا علاقة لها بالأمن كما تروج له الأجهزة الاستخباراتية في الدولة.
وتتلخص فكرة منظومة “المراقبة الإلكترونية”، في أن “المحكوم عليهم في قضايا محددة تركب أساور إلكترونية للمراقبة عليهم، وهي بمثابة جهاز إرسال إلكتروني مدمج، طوال فترة الوضع تحت المراقبة”.
ويكون الجهاز قادرا على إرسال بيانات صحيحة ودقيقة إلى الجهات المختصة بالمراقبة، وينفذ الجهاز عن طريق وسائل إلكترونية مراقبة عن بعد، ويعمل على إرسال كل المعلومات إلى غرفة عمليات خاصة داخل وزارة الداخلية بصورة سلسة وسهلة وموثوقة.
ومنذ نيسان/أبريل الماضي، بدأت دوائر القضاء في الدولة في تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بوضع المحكوم عليهم تحت المراقبة الإلكترونية، فيما أعلنت وزارة الداخلية جاهزيتها التامة لتنفيذ الأحكام، وذلك بعد مرور المدة القانونية المحددة بستة أشهر.
واعترف مدير دائرة التفتيش القضائي بوزارة العدل القاضي “جاسم سيف بوعصيبه” أنه “بإطلاق المرحلة الأخيرة من تطبيق الخطة الوطنية للمراقبة الإلكترونية المعتمدة من مجلس الوزراء أصبحت الإمارات من أوائل الدول الرائدة عالميا في تطبيق هذه المنظومة”.
وللإمارات سجلا حافلا ملطخا بفضائح التجسس الاستخباري داخليا وخارجيا.
وقبل أيام تم الكشف عن استخدام الإمارات لتطبيق (ToTok) من أجل الرقابة والتجسس على الأشخاص حول العالم.
ووفقا لتقرير صحيفة نيويورك تايمز، التي نقلت عن مسؤولين أمريكيين قاموا بتحقيقٍ استخباراتي، فإنّ (ToTok) في الواقع أداة تجسس تستخدمه حكومة الإمارات لمحاولة تتبع كل محادثة وحركة وعلاقة وتعيين وصوت وصورة لمن يقومون بتثبيته على هواتفهم.
وأتاح التطبيق إلى حكومة الإمارات العربية وسيلةً مباشرة للتجسس على الأشخاص، بعد أن كانت تلجأ الدول مثل الإمارات وقطر والسعودية إلى شركات مختصة في التجسس وأجهزة الرقابة، لقرصنة واختراق حسابات الأفراد والحصول على معلوماتهم، لكنّ الآن أصبح الأفراد يقدمون بياناتهم بشكل مباشر إلى جهة تتبع إلى الحكومة رأسًا.
وأوضح التقرير بعد تحليل تقني ومقابلات مع خبراء في الأمن الرقمي، أن شركة (Breej Holding) تقف خلف التطبيق الذي انتشر مؤخرًا حول العالم، وهي كما يٌشير التقرير واجهة تتبع لشركة (DarkMatter) ومقرها أبو ظبي، وهي الناشطة في في مجال الاستخبارات الإلكترونية والتطفل، مشيرةً إلى أن مسؤولون في المخابرات الإماراتية وموظفو وكالة الأمن القومي الأمريكي السابقون وعملاء آخرين يتعبون للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، يشاركون في إطار هذه الشركة.
وتضمن التقرير تحقيقًا استخباراتي أمريكي، أفضى إلى أن التطبيق المذكور له أيضًا علاقة بشركة (Pax AI)، وهي شركة لاستخراج البيانات مقرها أبو ظبي ويبدو أنها مرتبطة بالشركة الأولى أيضًا، ومقرها في نفس مبن وكالة استخبارات الإشارات في طيران الإمارات.
وتُعد شركة (DarkMatter) ذراع للحكومة الإماراتية، وقامت بعمليات اختراق لوزارات ومؤسسات حكومية في إيران وقطر وتركيا، والتجسس على المديرين التنفيذيين لمنظمة كرة القدم العالمية “فيفا”، وصحفيين ومعارضين.
ومنذ أشهر، قام الملايين حول العام بتنزل (ToTok) على هواتفهم المحمولة في أجهزة أندرويد وIOS، وبالأخص في مناطق الشرق الأوسط، وأمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا وأفريقيا، وأصبح التطبيق من أكثر التطبيقات الاجتماعية التي تم تنزيلها في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي.
ويقوم التطبيق بتتبّع موقع المستخدمين من خلال توقعات حول الحالة الجوية، كما يقوم بالبحث عن جهات اتصال جديدة، عندما يتصل به المستخدم، بذريعة “محاولة التواصل مع أصدقائه”، كما يصل التطبيق إلى أجهزة التسجيل الخاصة بالهواتف المحمولة، كما تفعل تطبيقات “فيسبوك” و”انستغرام”.
ومما يثير القلق والكثير من التساؤلات أيضا أن منصات شبه رسمية قامت بالترويج لتطبيق (ToTok)، على اعتبار أنه تطبيق مجاني لطالما “سعى إليه الإماراتيون”.
حيث وصلت رسائل إلى المستخدمين في الإمارات خلال شهر كانون الأول/ديسمبر الجاري، ، ينبههم باستخدام التطبيق، الذي أشارت إلى أنه “تطبيق مراسة مجاني وسريع وآمن”، مع رابط لتثبيت التطبيق.
لاحقا، فإن “جوجل” و”آبل” أزالتا تطبيق “توتوك” من متجرها الخاصّ على أجهزة في خطوة مهمة لمتابعة مجرى التحقيق في مزاعم التجسس.
وهذه ليست المرة الأولى التي ترتبط فيها حكومة الإمارات بعمليات مراقبة وتجسس، فهي لها تاريخ طويل في هذا المجال، خصوصًا في مراقبة الصحفيين والنشطاء والمعارضين.
وكشفت كالة رويترز العالمية للأنباء قبل أسابيع عن تحقيق أمريكي حول برنامج استخباري إماراتي استهدف مسئولين وناشطين خليجين ودبلوماسيين بالأمم المتحدة.
وذكر التحقيق أن المسؤول السابق بالبيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية ريتشارد كلارك ساعد الإمارات بعمليات واسعة للتجسس برفقة مسؤولين أميركيين أمنيين سابقين.
وأسس هؤلاء وحدة استخبارات تحمل اسم رايفين، فيما تضمن عمل البرنامج اختراق عناوين البريد الإلكتروني.
وأظهرت الوثائق أن البرنامج الاستخباري الإماراتي بدأ عام 2008. علما أن الإمارات سبق أن أطلقت 4 أقمار اصطناعية بغرض التجسس. أخرهم في يوليو الماضي حمل اسم “عين الصقر”.
وقد لمعت الإمارات في عالم الجاسوسية الكلاسيكية ثم أصبحت رائدة التجسس الالكتروني.
ودفعت الإمارات لضباط سابقين في سي آي إيه لبناء امبراطورية تجسس، واشترت تقنيات تجسس متقدمة من إسرائيل بمليارات الدولارات.
وتفرض الدولة رقابة صارمة على جميع الاتصالات في الدولة وتمتد أنشطتها التجسسية لدول إقليمية ومنظمات دولية.