((بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيل الفقيد الكبير هشام باشرحيل يعاد نشر مقال الكاتب فاروق ناصر علي الذي كتب في نوفمبر 2012م))
"أين سأحكي/ وأنا منذ العهد التركي/ مدني في زمن مكي/ صخر يأمرني بالتقوى/ وأبو لهب يضع الفتوى/ وأبو جهل يلعن شركي/ كيف وأين وماذا أحكي/ وأنا منذ العهد التركي متهم بحيازة فكي/ والبلوى أولها شكوى/ والشكوى آخرها بلوى/ والشاكي يحكمه المشكي".
أحمد مطر
الإهداء:
إلى الفقيد الشهيد هشام باشراحيل وأخيه الغالي تمام وإلى كل أفراد الأسرة الكريمة أسرة "الأيام" والتي عانت ومازالت تعاني حتى اللحظة من الظلم والقهر والباطل الذي جاء من التتار والهمج والمغول والبرابرة حكام صنعاء، وبمقالي هذا أساهم مع الشرفاء في إزاحة الباطل الجاثم على صدر أسرة "الأيام" وأتمنى من الأقلام الشريفة أهل الكلمة الحرة الصادقة، المساهمة، حتى لا يقال ضاع الوفاء من الشرفاء.
أولا: حتى تتضح الصورة لكل الشرفاء في هذا الوطن الجريح وخاصة للشباب الصامدين صمود الجبال، الإناث والذكور، وهذا قصدي حين أذكر كلمة الشباب من أجل وضوح صورة المأساة السارية على صحيفة "الأيام" وعلى أسرتها الكريمة، ودعونا ندخل إلى القضية من البداية:
1) بعد الحرب عام 94م وجدنا أنفسنا أمام مركز قوى من القبيلة والهمجية العسكرية المتخلفة والناهبة والعلماء المتاجرين بالدين ولصوص الثروات ولصوص الأراضي، أي من أحقر ما خلق الله من بشر، هؤلاء وجدنا أنهم يتعاملون معنا على أساس أننا لسنا أبناء هذه الأرض وأن علينا أن نقبل بتشريدنا من أرضنا بطردنا وتوقيفنا من أعمالنا بتجويعنا ونهب ثروتنا وفرض الذل والمهانة علينا وأن نصمت صمت القبور أمام المفروض علينا والمغلف باسم الوحدة، أصبحنا وكأننا عبء ثقيل على كاهل المنتصرين، انتصارهم جاء من خلال خيانة الجنوبي للجنوب، ولولا ذلك لما عرفوا معنى الانتصار. أعود للقول فرضوا علينا أن نقبل بكلمة نعم يا سيدي وأن نقبل بواجب الطاعة وقبول ما يفرض من باطل دون أن نتفوه بكلمة، ما لم فتهمة انفصالي ضد الشرعية ضد الوحدة عميل للخارج كافر وملحد.. كلها كانت جاهزة ومرتبة يضاف إليها صكوك التكفير من زنادقة ومتأسلمين مجرد متاجرين بالدين وهم في الحقيقة لصوص أراض وثروة.
2) في هذا الخضم داخل البحر الهائج المتلاطم ما بين فرض الباطل بالقوة وبين القهر ومرارة الغضب عادت "الأيام" إلى الصدور في تاريخ 19/ 10/ 94م العدد 189 وبعودتها وجدنا المتنفس الصادق لبيان ما يجري علينا وعلى العالم ومن هنا وتحديدا في عام 1996م كشرت مراكز القوى السابق ذكرها انيابها ضد هذه الصحيفة الخارجة عن الطوق واعتبرتها عائقا خطيرا يعرقل كل أهدافها ومصالحها ويفضح مخططاتها الحقيرة في النهب والفيد والاستيطان على نهج إسرائيل في فلسطين بل أحقر منها، لذا قررت ضربها وتأديبها وعملوا ذلك بكل نذالة وحقارة، لأنهم في الأساس كانوا مجرد لصوص وحثالات لا دين لهم ولا ملة، مجرد أوغاد وأهل غدر وخيانة.
3) استمرت "الأيام" وكتابها يعرون الباطل ويكشفون النهب والفيد والإفساد والفساد وتشويه وتغيير معالم المدن وخاصة عدن ويظهرون لكل أبناء الجنوب حقيقة الواقع المزري وظلوا ينيرون الطريق في ظل ظروف قاسية وليال كالحة حالكة لكن جميعهم كانوا يؤمنون بأن الكلمة مقدسة والحرف إذا لم يكن صادقا نزيها محترما وشجاعا فإن عليه البقاء داخل الجدران وتحت الأرض لذا كانت ومازالت الكلمة ترعب الأنظمة وبالرغم من أن الصحيفة الرائعة "الأيام" كانت تفتح المجال للرأي الآخر على حد سواء، لكن صدق الكلمة يرعب دوما زيف الأنظمة.
4) اتسع نطاق (التنوير) من خلال أقلام المثقفين الشرفاء ومن على صدر هذه الصحيفة الرائعة العظيمة "الأيام" وعلى مدى 14 عاما كانت الكلمة الصادقة والحرف الشجاع أقوى مليون مرة من أسلحة الاحتلال ومن كلاب الصيد الجنوبية والأفاعي الشمالية السامة، وتحول الصمت الغاضب إلى عاصفة جنوبية وضربت صحيفة "الأيام" بكل أنواع الأسلحة وضرب منزل الأسرة الكريمة وسجنوا الفقيد الشهيد هشام وأولاده، ومازالت المحاكمة النازية الصهيونية المتأسلمة والوضيعة سارية حتى اليوم وفي داخل صنعاء جرى على "الأيام" نفس الوضع ومازال البطل العبادي المرقشي سجينا بتهمة حتى هتلر لا يجرؤ على فعلها ومحاكمة مزرية حتى جولدا مائير لا تقبل بها ولكن زنادقة صنعاء والشحاذين الذين تحولوا إلى مليونيرات من احتلال الجنوب ونهب ثروته يقبلون ويفعلون كل ما هو حقير ولديهم حثالات يدعون أنهم علماء في الدين الإسلامي كل همهم إصدار الفتاوى التي تساهم في اتساع الباطل وطمس الحق وامتلاء خزائنهم بالأموال.
العبادي المرقشي منذ أربع سنوات لا يزال في السجن وفي عدن لا تزال محكمة جنكيز خان مستمرة.. يا لسخرية الزمن!! يحاكمون هشام حيا وميتا.. ألا أي عار هذا يا جنوب!!.. ألا أي عار هذا يا زمن العار!!.
"أيها السادة لم يبق اختيار/ سقط المهر من الإعياء/ وانحلت سيور العربة/ ضاقت الدائرة السوداء/ صدرنا يلمه السيف/ وفي الظهر الجدار".
أمل دنقل
ثانيا: أقول للأخ رئيس الجمهورية العربية اليمنية أنت على علم تام بما جرى لـ"الأيام" والأسير البطل العبادي المرقشي، وكنت كما أعتقد ضمن لجنة الوساطة مع الأخ أحمد مساعد قبل ضرب منزل وصحيفة "الأيام" بيوم واحد، وإنني أعطي لنفسي الحق في هذا التساؤل: هل كانت "الأيام" قد استكملت بناء مفاعلها النووي بعد امتلاكها أسلحة الدمار الشامل؟ الأمر الذي عجل بضربها خوفا على البشرية!.
يا سيدي الكلمة الحرة الشجاعة التي نورت جماهير الجنوب هي السلاح الوحيد الذي كان بحوزتها، ولأنه يخالف شرع الغاب حق عليهم العقاب وأنت تعلم ذلك وكل التفاصيل لديك من قهر وظلم واستبداد، واليوم أمام شعب الجنوب وكل شرفاء الأرض ليس أمامك غير الاختيار ما بين اثنين:
1) السير في طريق العدل وإعادة الحق إلى نصابه والتاريخ والأجيال في الجنوب المحتل والشرفاء في العالم كله سوف يرحبون بهذا القرار الأمين الشجاع والعادل.
2) عدم الاهتمام بإعادة الحق إلى نصابه والصمت على الباطل واستمرار الظلم والقهر والاستبداد والأجيال سيذكرون ذلك..
ولك وحدك حرية اتخاذ الطريق والأجيال والشرفاء يتطلعون إلى ذلك.
"للحزن أولاد سيكبرون/ للوجع الطويل أولاد سيكبرون/ لمن قتلتم في الجنوب صغار سوف يكبرون/ للأرض للحارات أولاد سيكبرون/ هؤلاء كلهم تجمعوا منذ سنوات/ في غرف التحقيق في مراكز البوليس في السجون/ تجمعوا كالدمع في العيون/ هؤلاء كلهم في أي لحظة/ من كل أبواب الشمال سيدخلون".
نزار قباني