الرئيسية - اقتصاد - انهيار كارثي للريال اليمني.. وحملات إلكترونية واسعة تطالب بإنقاذ العملة وسط صمت حكومي مطبق

انهيار كارثي للريال اليمني.. وحملات إلكترونية واسعة تطالب بإنقاذ العملة وسط صمت حكومي مطبق

الساعة 03:10 مساءً (هنا عدن / خاص )

تقرير/ مصطفى صالح


شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن، تفاعلا كبيرا من الناشطين والصحفيين ومسؤولين، على وقع انهيار الريال اليمني، الذي تخطى حاجز الألف مقابل الدولار الأمريكي الواحد، و265 مقابل الريال السعودي في العاصمة المؤقتة عدن، في ظل صمت مطبق من الحكومة الشرعية برئاسة معين عبدالملك.



وانطلقت اليومين الماضيين حملات إلكترونية واسعة تحت هاشتاقات #العملة_اليمنية_تنهار #الدولار_بألف_يامعين #الريال_اليمني_ينهار #انقذوا_الريال_اليمني ، عبر خلالها المغردون عن غضبهم جراء الانهيار غير المسبوق للعملة الوطنية.

ومع تباين طفيف بشأن الجهات المسؤولة عن الكارثة الاقتصادية في اليمن، إلا أن الغالبية يجمعون على تحميل كافة أطراف الصراع المسؤولية عما آلت إليه العملة الوطنية من انهيار كارثي غير مسبوق.

في ضوء ذلك، دعا الخبير الاقتصادي، أحمد أحمد غالب، المسوؤلين في الحكومة الشرعية، إلى الاستقالة إذا لم يتخذوا موقفا صريحا وشجاعا مما يحدث.

وقال في منشور على صفحته في الفيسبوك إن "الاشقاء في الجزيرة والخليج يتفرجون" والشعب اليمني يغرق ويغرق وينتظر الوفاء بالوعود.. وأضاف: "انهيار اليمن سيغرقكم أيضًا وعواقب الغرق أخطر  وأكبر من  كلفة أي دعم تقدموه لإنقاذه.. إلى متى الانتظار".


رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، من جهته قال إن تخطي الدولار الواحد ألف ريال يمني، هي لحظة كارثية، تعكس حجم المشكلة والخلل، المتمثل في "بنك مركزي عاجز وحكومة غائبه ، وسلطة شرعية مشلولة، وتحالف تخلى عنها في منتصف الطريق!" وفق تعبيره .

*مسؤولية الحكومة الشرعية والحوثيين*

أكد المهندس محسن باصرة، نائب رئيس البرلمان، أن الحكومة والبنك المركزي لم يتخذا أي إجراءات لانهيار العملة، معتبرا في تصريح نقلته "الأيام" أن وصول سعر الدولار إلى ألف ريال يمني، جريمة بحق الشعب.

وفي حين صب كثير من المغردين جام غضبهم على الحكومة الشرعية، التي يقيم أغلب أعضائها برئاسة معين عبدالملك في الرياض، فإن الصحفي الاقتصادي، محمد الجماعي، اعتبر أن "تحويل الوجهة باتجاه الحكومة هو هجوم ضد كل أعمدة الشرعية وخاصة الذين يعملون في الداخل سلطات مدنية وعسكرية ورجال في الميدان"، وقال إن "استهداف الحكومة في ميدان الاقتصاد هو مثل اضعافها في الجانب العسكري".

وأضاف الجماعي في تغريدات على تويتر، أن "فوارق العملة بهذا الشكل هي جريمة ضد الانسانية، والحملات يجب ان توجه للمجتمع الدولي الضامن"، وحمل  جماعة الحوثي السبب في كل ما يلحق بالعملة وغيرها، مشيرا إلى أن العملة تحديدا هي آخر أوراق الجماعة للعبث، وأن الشرعية في طريقها لسحب هذه الورقة.

ويتفق السفير السابق، عبدالوهاب طواف مع الجماعي إلى حد كبير، في التقليل من مسؤولية الحكومة عن الانهيار الاقتصادي الراهن، لكنه يوجب عليها "الخروج إلى الرأي العام، وإخباره ما يجري ويدور في الكواليس".

ويقول إن  الشرعية لا تتحمل إلا الجزء القليل من المسئولية، فهي محاصرة ومكتفة، ويرجئ مسؤوليتها "الجزئية" في ذلك إلى أنها "دفعت بكثير من القيادات غير الكفؤة إلى مناصب الدولة، بمعايير حزبية ومناطقية وأسرية، والنتيجة فشل".

أما الصحفي رشاد الشرعبي، رئيس مركز التدريب الإعلامي والتنمية، فكتب على حسابه في تويتر أن  "العملة الوطنية تنهار بشكل مريع وكارثي، فيما لم يكلف رئيس الحكومة والوزراء المختصين واللجنة الاقتصادية المزعومة أنفسهم لقول شي او تحرك ما او حتى (نحنحة)" وأضاف أن الاقتصاد معركة أخطر من المعركة العسكرية والسياسية في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران.

فيما أشار الناشط معاذ الشرجبي، إلى أن "شخصيات حكوميه بالشراكة مع ادارة البنك المركزي- عدن متورطة بعمليات المضاربة بالعملة ومتواطئة مع الهوامير وتجار الحروب من أجل التلاعب بالعملة".

الصحفي مأرب الورد من جهته، اتهم رئيس الوزراء معين عبدالملك شخصيا بالمسؤولية عن انهيار الريال اليمني، وقال : "كلما سُئل معين عبدالملك عما يفعله في الرياض، أجاب: لدينا نقاش سياسي بخصوص اتفاق الرياض!".

وتساءل الورد في تغريدة على تويتر قائلًا: "هل وظيفتك كلها مختزلة في نقاشات من هذا القبيل؟ أين أداء واجبك في تلبية الحد الأدنى من احتياجات مواطنيك؟".. وأضاف مخاطبا معين عبدالملك: "تذكر أيها الفهلوي أن التاريخ سيسجلك أفشل وأجبن رئيس حكومة للجمهورية اليمنية".


وذكّر معين عبدالملك بتصريح شهير له عقب توليه منصب رئاسة الحكومة في 2018 بالقول: "قلت عقب توليك منصبك، إنك غير معني بالأمور السياسية والعسكرية، وأنك ستركز على الاقتصاد، واليوم تجاوز الدولار حاجز الألف ريال يمني، بما يؤشر لكارثة فوق ما يعيشه الناس مما لا يخفى على أحد.. ماذا ستفعل الآن، وماذا تنتظر؟".

 

*الدور الإماراتي والسعودي*

تتجاوز ايرادات الموانئ اليمنية من الجمارك والضرائب الخاصة بشحنات الوقود المستوردة نصف مليار دولار سنويا، لكن الحكومة الشرعية لا تستفيد من هذه الإيرادات عبر قنواتها المالية الرسمية في ظل خروج كثير من هذه المنافذ عن سيطرتها، حيث تسيطر الإمارات على ستة موانئ رئيسية في اليمن.

وفي الوقت الذي بإمكان الحكومة الشرعية مضاعفة إنتاج وتصدير مشتقات نفطية، ما يفوق أكثر من ملياري دولار سنويا بواقع مئة ألف برميل نفط حاليا، ومليار دولار من عائدات الغاز المسال، إلا أن الإمارات تمنع ذلك.

إذ تسيطر الإمارات على منشآت تصدير الغاز الطبيعي المسال وحقول النفط بمحافظة شبوة (جنوب شرقي البلاد)، وتمنع تصدير الغاز والنفط وتعرقل عملية إنتاج وتصدير النفط والغاز من باقي الحقول النفطية في البلاد.

ومنذ بداية الحرب وتدخلها في اليمن ضمن التحالف الذي تقوده السعودية، لعبت الإمارات أدوارا مشبوهة عديدة، وعملت على ضرب الاقتصاد اليمني بختلف الطرق والأساليب.

السفير اليمني السابق عبدالوهاب طواف، في مقالة له نشرتها صحف إلكترونية، قال إن التحالف "خلق ميليشيا جديدة في جنوبي اليمن، فعرقلت الحكومة الشرعية، وصادرت المنافذ والموانئ والمطارات، ومنعت الدولة من التواجد في عدن، فُطبعت مليارات الريالات، لتذهب غالبيتها إلى جيوب الفاسدين"، محمّلًا المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيًا مسئولية عرقلة عودة قيادات الدولة إلى عدن، لتحمل المسئولية أمام المواطن اليمني.

وأضاف: "الإمارات تتحمل مسئولية خلق مليشيات وجيوش مناطقية في الجنوب، ومصادرة مؤسسات الدولة اليمنية من مطارات وموانئ، ومباني، كما تتحمل وزر وجريمة سيطرتها وعبثها على جزر اليمن، وقناعتي أنها تسعى لإدامة الصراع في الشمال، لضمان استمرار سيطرتها على الجنوب".

واعتبر السفير طواف أن ما يحدث لليمن كارثي، والسكوت كارثة، وغياب الحكومة كارثة، واستمرار المعارك في وضعية المدافع كارثة، والسكوت على تآمر الإمارات على اليمن كارثة، والكارثة ستنتقل إلى دول الجوار، ما إن ظلت تتوسع الكارثة في اليمن. وفق تعبيره.

الصحفي أنيس منصور، من جانبه اعتبر أن " سياسة التحالف وفق المعنى الكنائي للمثل القائل(جوّع شعبك يتبعك) بهدف الإذلال الذي يولّد التبعية، باعتبارهاخير وسيلة لضمان تبعية شعب اليمن لهم وجعلهم يرزحون تحت ضغط الجوع والعوز وطوابير السلل الاغاثية وصعوبة المقاومة السياسية للسيادة الوطنية" .

فيما حمل الصحفي فتحي بن لزرق "التحالف بشقيه والحكومة الشرعية والإنتقالي مسئولية هذا الانهيار" الاقتصادي,

وقال بن لزرق على حسابه في تويتر إنه من المحزن أن يصل سعر الصرف إلى الف ريال للدولار الواحد في مناطق اليمن المحررة، التي "وُعدت ذات يوم بأن تكون واحة للأمن والاستقرار والرفاهية" لكن "بعد 6 سنوات لم يتحقق شيء من ذلك وتشارف الناس على الموت جوعا".


أما الناشط الصحفي صقر اليماني، فاتهم الإمارات بتدمير الاقتصاد اليمني، وفق "نهج خبيث تمارسه على اليمنيين" ما جعل الاقتصاد في حالة ركود متناهي بسبب جثوها (الإمارات) على موانئ اليمن ومنافذ حيوية كانت تدر على البلاد بمليارات الدولارات والتي من شأنها أن ترفع اقتصاد البلد الى أعلى المستويات.

*حلول الإنقاذ*

مر الريال اليمني بمراحل انهيار متعددة كانت البداية المخيفة في 2018 حيث بلغ مقابل الدولار الأمريكي الواحد 510 ريال يمني، وفي العام 2019 بلغ 600 ر.ي وبلغ العام الماضي 803 ر.ي فيما بلغ الشهر الجاري من العام الحالي 1006 ريال يمني.

وفي كل مرحلة انهيار تعلن السعودية تقديم منحة مالية للبنك المركزي اليمني في عدن، كما حصل في 2018 حينما أعلنت المملكة عن وديعة بملياري دولار، كما تعلن الحكومة عن إجراءات علاجية فيتوقف الانهيار ويشعر المواطنون بحالة تحسن طفيفة، لكن سرعان ما تختفي ويعود الانهيار من جديد.

وفي هذا يؤكد الصحفي فتحي بن لزرق أن ما يحدث للعملة اليمنية من انهيار هو أمر منظم، يتم دفع العملة صوب انهيار يصل إلى أكثر من 60 ريالا من قيمتها دفعة واحدة.

ويضيف على حسابه في تويتر: "تضج الناس وتحتج وتستغيث وفجأة يحدث شيء من التعافي البسيط لاتتجاوز قيمته 10ريالات، هنا يشعر الناس بالتفاؤل وينسون ماحدث وتنجح اللعبة وهكذا يتكرر السيناريو كل شهر".

السياسي المعروف، عادل الحسني، من جهته يقول إن المواطن لن يتحمل انهيارات أخرى، وأن على الجهات المتسببة في هذه الكارثة أن تتحمل أخطاءها وعلى الحكومة إيجاد حلول مستعجلة تضمن إيقاف التدهور، وتليها يحاول علاجية طويلة الأمد وعلى رأسها تفعيل المنتوج المحلي خاصة المنتجات النفطية الضخمة.

أما الصحفي عبدالحميد السلطان، فقال إن "الحلول الآنية كوديعة سعودية مثلا،لن تجدي نفعا في إنقاذ الاقتصاد اليمني، ولن تكون الحلول الآنية إلا خديعة وتخدير لليمنيين وترحيل كارثة لحظية إلى كوارث مستقبلية أكبر" وأضاف أنه لابد من " حلول جذرية على رأسها عودة الدولة وإعادة تصدير المشتقات النفطية وتشغيل الموانئ والمطارات".

المهندس باصرة، بدوره رأى ضرورة عودة سلطات الدولة الثلاث إلى المحافظات المحررة لتعيش معاناة المواطن من التدني وانعدام الخدمات وتدهور المعيشة بسبب انهيار العملة، حتى تقدم المعالجات والحلول من وقع المعاناة، أما الإدارة للبلاد عن بعد فلن تكون إلا الكارثة التي لا تحمد عقباها. حسب تعبيره.

فيما يرى الصحفي صالح منصر اليافعي، أن "الوضع في اليمن لا يصلح إلا إذا خرج الشعب اليمني بكل طوائفهم وانتماءاتهم في ثورة عارمة ضد التحالف والشرعية والحوثيين والانتقالي".

وبين هذا الحل وذاك، لم تقدم أطراف الحرب ولم تعلن حتى لحظة كتابة التقرير، عن اي حلول ناجعة، لكارثة جعلت 80 بالمائة من اليمنيين يحتاجون للمساعدة الماسة الضرورية للحياة، بحسب تقدير الأمم المتحدة.

ويتسبب انهيار الريال اليمني اليوم بزيادة الجوع والفقر في ظل انقطاع الرواتب وحرب طاحنة فهل سيكون هناك معالجة عاجلة للوضع الاقتصادي من الشرعية ومن تحالف دعم الشرعية أم أن الأمر لا يعني أحدًا -كما تساءل وزير مستشار الإعلام، مختار الرحبي-؟!!.