سياسي وقيادي بارز في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، شارك في الانتفاضة الأولى 1987، وكان أحد أبرز وجوه الانتفاضة الثانية 2000، اعتقل وأبعد أكثر من مرة، تعرض لمحاولات اغتيال إسرائيلية فاشلة، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة 5 مرات.
ولد مروان البرغوثي وكنيته "أبو القسام" يوم 6 يونيو/حزيران 1959 في بلدة كوبر بمحافظة رام الله والبيرة.
متزوج من فدوى البرغوثي، وهي محامية تعمل في المجال الاجتماعي والمنظمات النسائية. برزت سياسيا وإعلاميا بعد أسر زوجها، وكانت أهلا للدفاع عنه وحمل رسالته في كافة الدول والمنصات والملتقيات.
أنهى البرغوثي دراسة الثانوية العامة من مدرسة الأمير حسن في بيرزيت أثناء فترة اعتقاله وإبعاده عن مقاعد الدراسة بسبب سجنه بتهمة المشاركة في مظاهرات مناهضة للاحتلال في أواخر السبعينيات من القرن العشرين، وأيضا تمكن من تعلم اللغة العبرية ومبادئ في االلغتين الفرنسية والإنجليزية وتعزيز ثقافته خلال فترة السجن.
وبعد الإفراج عنه التحق بجامعة بيرزيت وتخرج منها بدرجة البكالوريوس في التاريخ والعلوم السياسية، وأنهى دراسة الماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة نفسها. وعمل حتى اعتقاله مجددا في أبريل/نيسان 2002 محاضرا في جامعة القدس أبو ديس.
عام 2010 حصل على درجة الدكتوراه من قسم العزل الجماعي في سجن (هداريم) في العلوم السياسية من معهد البحوث والدراسات التابع لجامعة الدول العربية، إذ أنهى كتابة رسالته في سجن "هداريم" واقتضى إيصالها سرا خارج السجن نحو عام كامل بمساعدة محاميه.
آمن البرغوثي بأن المفاوضات يجب أن تستند إلى نطاق صلاحيات اتفاقات السلام، وتمثل الرؤية التي يؤمن بها الرفض التام لتهويد القدس وسياسة الاستيطان اليهودي، ويعتبر المستوطنات بؤرا إرهابية يجب محاربتها، وهو من قيادات حركة فتح التي لها علاقة طيبة بالجماعات الإسلامية.
يعتبر أيَّ فلسطيني يساوم على حدود 1967 خائنا، لكنه يؤكد ضرورة التوصل إلى حل عادل ونهائي ضمن بنود قرارات الأمم المتحدة، ويرى حاجة عملية السلام إلى راعٍ آخر غير الولايات المتحدة لانحيازها الكامل لإسرائيل.
انضم لصفوف حركة فتح وهو في عمر 15 عاما، وتعرض للاعتقال أول مرة وعمره 17 سنة (عام 1976) لمدة عامين بتهمة الانضمام للحركة، ثم أعيد اعتقاله في 1978 وأفرج عنه في مطلع 1983، ولم يلبث قليلا خارج السجن حتى اعتقل مرة أخرى وأطلق سراحه في العام نفسه.
وبعد إطلاق سراحه في 1983 ترأس مجلس الطلبة بجامعة بيرزيت، وانتخب رئيسا لمجلس الطلبة لثلاث سنوات متتالية، كما كان من أبرز مؤسسي حركة الشبيبة الفتحاوية، ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى عام 1984 واستمر التحقيق معه لعدة أسابيع ثم أفرج عنه.
أعيد اعتقاله في مايو/أيار 1985 لمدة 50 يوما تعرض خلالها لتحقيق قاس، ثم فرضت عليه الإقامة الجبرية خلال العام نفسه قبل اعتقاله إداريا في أغسطس/آب.
برز دوره خلال الانتفاضة الأولى عام 1987 في تشكيل القيادة الموحدة، وسرعان ما أصبح مطاردا من قوات الاحتلال الإسرائيلي، حتى اعتقل وأُبعد للأردن بقرار من وزير الدفاع الإسرائيلي حينها إسحاق رابين.
بعد الإبعاد للأردن توجه إلى تونس وبدأت رحلته التنظيمية السياسية، واقترب من قيادة الصف الأول في حركة فتح. وخلال هذه الفترة عمل مع خليل الوزير ورافقه في زيارته الأخيرة إلى ليبيا، قبل أن يتم اغتيال الوزير بعد عودته إلى تونس بأيام.
انتخب مروان البرغوثي عضوا في المجلس الثوري لحركة فتح في مؤتمرها الخامس عام 1989. وبقي في المنفى عضوا في اللجنة العليا للانتفاضة في منظمة التحرير الفلسطينية، وعمل في اللجنة القيادية لحركة فتح، وتعامل مباشرة مع القيادة الموحدة للانتفاضة.
عاد إلى الضفة الغربية في أبريل/نيسان 1994 عقب اتفاق أوسلو، وانتخب نائبا للراحل فيصل الحسيني، وتولى منصب أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية، وتم انتخابه عضوا في المجلس التشريعي الفلسطيني عن دائرة رام الله عام 1996 وعام 2006، وكان الأصغر عمرا بين النواب.
كان لمروان البرغوثي نشاط واضح سنوات قبل الانتفاضة الثانية، إذ بدأ إعادة ترتيب وبناء حركة فتح في الضفة الغربية، وعمل على زيارة القرى والمخيمات وتطوير بنيتها التحتية، وذلك بالتنسيق مع المجالس البلديّة وهيئات مختلفة.
كما عمل على توسيع نشاطه السياسي بإجراء اتصالات ولقاءات مع ناشطي اليسار الإسرائيلي وجمعيات للسلام من حول العالم، وكان يأمل أن نهج السلام ونتائج اتفاقية أوسلو ستؤدي لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967.
خابت آمال البرغوثي بعد شهر من اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، نتيجة لعدم تنفيذ الاتفاقيات على أرض الواقع، وقال إن سلاح حركة فتح حاضر وستحافظ عليه حتى الحرية والاستقلال.
كان لأبي القسام حضور بارز خلال الانتفاضة الثانية، فقد شارك في المظاهرات وكان يقدم واجب العزاء بزيارته بيوت أهالي الشهداء، وداوم على حضور اللقاءات الصحفية، وهاجم التنسيق الأمني، وطالب الأجهزة الأمنية بحماية الشعب الفلسطينيّ وكوادر الانتفاضة واستهداف العملاء.
وبعد أقل من عام من اندلاع الانتفاضة انهالت الاتهامات الإسرائيلية على البرغوثي بمسؤوليته عن عدد من العمليات التي نفذتها كتائب الأقصى، الذراع العسكرية لحركة فتح، وتعرض لعدة محاولات اغتيال.
نجا مروان البرغوثي من عدة محاولات اغتيال فاشلة، أبرزها قصف موكبه أمام مكتبه في رام الله يوم 4 أغسطس/آب 2001، مما أسفر عن استشهاد مرافقه مهند أبو حلاوة.
وردا على هذه المحاولة هدد البرغوثي إسرائيل بتصعيد المقاومة، وبعد شهر أصدرت محكمة إسرائيلية مذكرة توقيف بحقه، وطلبت من السلطة الفلسطينية تسليمه بتهمة الضلوع في محاولات قتل وحيازة أسلحة بدون ترخيص والعضوية في تنظيم محظور.
كما أرسل الاحتلال الإسرائيلي خلال اجتياحه لرام الله سيارة ملغمة خصيصا للبرغوثي في محاولة أخرى لاغتياله باءت بالفشل.
ظل البرغوثي مطاردا حتى اعتقله الاحتلال الإسرائيلي من رام الله يوم 15 أبريل/نيسان 2002 مع ذراعه الأيمن أحمد البرغوثي.
استمرت التحقيقات وجلسات المحاكم أشهرا عديدة حتى صدر الحكم عليه بعد عامين من اعتقاله بالسجن 5 مؤبدات وأربعين عاما، بتهمة الضلوع في قتل 5 إسرائيليين، والمشاركة في 4 عمليات أخرى، والعضوية في "تنظيم إرهابي".
كان أمر اعتقال البرغوثي يستند للاشتباه في أنه ضالع في تنفيذ محاولات قتل وحيازة أسلحة بدون ترخيص، إضافة إلى عضويته في تنظيم محظور، في المقابل نفى البرغوثي هذه الاتهامات وأكد أن دوره سياسي وليس له أي صلة بالأعمال العسكرية.
واتهمته إسرائيل بأنه كان ضابط الاتصال بين الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وقادة المجموعات المسلحة لحركة فتح، وأنه كان المسؤول المباشر مع مرافقه الشخصيّ أحمد البرغوثي، عن توفير السّلاح والتمويل والمأوى وإعطاء الأوامر لتنفيذ العمليات العسكريّة.
وأظهرت الوثائق التي صادرها الاحتلال من مقرات السلطة أنه ليس للبرغوثي أي علاقة بالممارسات العسكرية على الأرض، وأن دوره كان تنظيميا على بعض مجموعات الكتائب، وكان حلقة الوصل بينها وبين عرفات، وساهم بتمرير طلبات الدعم المالي أو العسكري لمكتب الرئيس.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس برفقة محمد دحلانيسعيان للإفراج عنه خلال قمة شرم الشيخ في 2005، والتي تعهدت إسرائيل فيها بالإفراج عن 250 أسيرا كان بينهم مروان البرغوثي، ولكنها تراجعت لاحقا بحجة أن اسمه أدرج بالخطأ في القائمة.
وفي عام 2006 ترأس البرغوثي -من داخل سجنه- قائمة حركة فتح في الانتخابات التشريعية، ونادى في دعايته الانتخابية بمحاربة الفساد واجتثاثه، وطالب بمنح الحركة فرصة أخرى.
تجددت المطالبة بالإفراج عنه عام 2007، ولكن وزيرة الخارجية الإسرائيلية حينها تسيبي ليفني حسمت الموضوع بالتأكيد أن الإفراج عن البرغوثي أمر غير مطروح للنقاش.
وفي 27 أبريل/ نيسان 2013 عقدت الحملة الشعبية لقاء دوليا في رام الله للدعوة إلى تحرير البرغوثي والأسرى الفلسطينيين، وذلك بحضور 120 شخصية دولية. وتبنى اللقاء فكرة تشكيل حملة دولية لتحرير الأسرى، وتشكيل هيئة دولية عليا لإدارة الحملة ولجان تنفيذية في كل دولة على حدة.
ويوم 27 أكتوبر/تشرين الأول 2013 أعلن عن إطلاق الحملة، التي ضمت رؤساء دول ووزراء ورؤساء برلمانات، وقادة أحزاب، وقادة سياسيين، بالإضافة لتشكيل لجنة دولية عليا من 9 من حاملي جائزة نوبل للسلام.
على الرغم من اعتقال البرغوثي والحكم عليه، فإنه كان له حضور بارز للمشهد الفلسطيني من خلف جدران السجن، إذ كان هو من أعد صيغة اتفاق الفصائل الفلسطينية عام 2003 لوقف العمليات العسكرية لثلاثة شهور مقابل وقف الاحتلال عمليات الاغتيال والاقتحامات التي ينفذها، وكانت هذه الخطوة بداية لحضوره المتواصل من داخل سجنه.
وفي عام 2006 ساهم في صياغة وثيقة الأسرى نيابة عن حركة فتح، والتي عدلت لتصبح وثيقة الوفاق الوطني، سعيا لحقن دماء الفلسطينيين بعد الاشتباكات التي تلت فوز حماس بالانتخابات.
عام 2009 فاز البرغوثي بعضوية اللجنة المركزية لحركة فتح، وذلك خلال مؤتمرها السادس، ولكنه أقصي من تولي منصب نائب رئيس الحركة في المؤتمر السابع عام 2016، على الرغم من حصوله على 70% من أصوات الأعضاء، الأمر الذي أشعل الشقاق بينه وبين السلطة ووصفت زوجته فدوى هذا القرار بأنه انصياع لتهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو.
أعلن البرغوثي ترشحه لرئاسة السلطة الفلسطينية في منتصف يناير/كانون الثاني 2021 بعد إصدار محمود عباس مرسوما رئاسيا يحدد مواعيد الانتخابات، على الرغم من أن هذا الموقف يخالف قرارات حركة فتح، التي أوصت بأن يكون لديها مرشح واحد لهذه الانتخابات.
كتب البرغوثي داخل زنزانته عدة مؤلفات، وتمكن من تسريبها ونشرها خارج السجن، ومنها: