شهدت البلاد العربية والإسلامية عبر التاريخ عددا من الثورات والاحتجاجات، أبرزها ثورات الربيع العربي التي أشعلت تونس شرارتها عام 2011 وانتهت بإسقاط رئيسها زين العابدين بن علي، واستطاعت ثورات أخرى الإطاحة برؤساء وأنظمة حكم استمرت عقودا طويلة، منها الثورة السورية التي استمرت نحو 14 عاما، وأنهت حكم آل الأسد الذي استمر لأكثر من 60 عاما.
بشار الأسد سياسي وعسكري حكم سوريا عام 2000 بعد وفاة والده حافظ الأسد في العاشر من يونيو/حزيران من العام ذاته، وأجريت من أجل تعيينه تعديلات دستورية في زمن قياسي اعتُبرت الأسرع في البلاد، فأصبح بذلك أول رئيس عربي يخلف والده في الحكم بدولة نظامها جمهوري.
طالبت المعارضة السورية الأسد ألا ينهج نهج أبيه في الحكم، ونادت بإصلاحات سياسية واقتصادية، فبدأ نظام الأسد فورا شن سلسلة من الاعتقالات الواسعة، وقمع المعارضة وشدد الرقابة على المواطنين، واتسعت رقعة ممارسات أجهزة الاستخبارات السورية في الخارج، فتأزمت علاقات البلاد مع بعض الدول، أبرزها أميركا ولبنان.
وتأثر الشعب السوري بعد اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011 في تونس ومصر وليبيا واليمن، فانطلقت مظاهرات احتجاجية في 15 مارس/آذار من العام ذاته من العاصمة دمشق ومدن أخرى، وطالب الثوار بالحرية والإصلاح السياسي والتغيير.
رد الأسد على المظاهرات السلمية بالرصاص الحي، واعتقل المتظاهرين والناشطين، فتدهور الوضع الأمني بالبلاد، ثم لجأ الرئيس السوري إلى الدعم الخارجي لقمع الثورة، فحمل الثوار السلاح، وطالبوا بإسقاط النظام السوري، فدخلت البلاد بعدها في حرب سقط فيها مئات الآلاف من القتلى والجرحى.
وبعد مرور نحو 14 عاما على الحرب التي تدخلت فيها أطراف خارجية عدة، استطاعت المعارضة السورية إسقاط حكم آل الأسد الذي استمر أكثر من 60 عاما، عقب إطلاقها عملية "ردع العدوان" في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وفي اليوم الـ12 كانت قد دخلت العاصمة دمشق.
وأعلنت المعارضة يومها السيطرة على مبنى الإذاعة والتلفزيون والقصر الجمهوري وإسقاط نظام الأسد، وذكرت وسائل إعلام غربية أن الأسد غادر البلاد وأسرته، في حين أعلنت روسيا أن الرئيس المخلوع استقال من منصبه.
عمر البشير عسكري سوداني، وصل إلى الحكم بانقلاب عسكري أطاح بحكومة رئيس الوزراء الصادق المهدي في 30 يونيو/حزيران 1989، وظلّ بمنصبه 30 عاما شهد فيه السودان تقلبات أمنية وسياسية داخلية وخارجية.
اتهمته المحكمة الجنائية الدولية إلى جانب آخرين عام 2008، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الحرب التي دارت بإقليم دارفورضد حركات مسلحة، وأصدرت بحقه مذكرة اعتقال بعد تحميله مسؤولية مقتل آلاف الأشخاص في هجمات شنتها القوات السودانية ومليشيات "الجنجويد" التي دعمتها حكومة البشير آنذاك.
واندلعت في 19 ديسمبر/كانون الأول 2018 احتجاجات ضد سياسات الحكومة بسبب تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد، إذ ارتفعت أسعار الوقود والمواد الاستهلاكية وندرت، وانخفضت السيولة المالية في البلاد.
وقمعت قوات الشرطة السودانية المتظاهرين، واستخدمت ضدهم الرصاص الحي والغاز المدمع، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، فبدأ الثوار يطالبون بسقوط البشير ونظامه.
وفي السادس من أبريل/نيسان 2019، تمكن المحتجون من الوصول إلى موقع القيادة العامة للجيش السوداني، والاعتصام أمامه مطالبين الجيش بالانحياز لإرادة الشعب.
وفي صباح اليوم الـ11 من الشهر ذاته، أعلن المجلس العسكريالذي قاده وزير الدفاع حينذاك عوض بن عوف؛ عزل البشير وفرض حالة الطوارئ وتعطيل العمل بالدستور، لكن بن عوف تنازل عن منصبه بعد يومين، وسلم رئاسة البلاد للفريق عبد الفتاح البرهان.
علي عبد الله صالح سياسي وعسكري يمني، حكم اليمن الشمالي عام 1979، وتعرّض لمحاولة انقلاب عامها لكنها لم تنجح، فقرر الاعتماد بعدها على مقربين منه لإدارة الجيش والمؤسسات الأمنية، وأسند إليهم الوظائف المهمة في الدولة.
وبعد إعلان الوحدة اليمنية عام 1990 ترأس صالح اليمن، إلا أن الأوضاع لم تكن مستقرة في البلاد، وحدثت توترات عسكرية جنوب اليمن وشماله، ثم دخلت البلاد في حرب شاملة انتصرت فيها قوات سُميت "شرعية" بقيادة صالح، وفي 1999 أصبح أول رئيس ينتخبه الشعب اليمني بشكل مباشر.
ومع تصاعد التوترات في اليمن، خرج أهل اليمن للتظاهر مطلع عام 2011، واعتصموا في مختلف مدن البلاد متأثرين بموجة الثورات التي انطلقت في بلاد عربية حينذاك، وطالب المتظاهرون بإسقاط صالح ونظامه.
وفي الثالث من يونيو/حزيران 2011، تعرض صالح لمحاولة اغتيال أصيب فيها إصابات بالغة، ونقل على أثرها إلى السعودية لتلقي العلاج، ثم عاد إلى اليمن، ووقع اتفاقية برعاية مجلس التعاون الخليجي وجهات أخرى لنقل السلطة إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، والحصول على حصانة من الملاحقة.
وتنحى صالح عن الرئاسة في 27 فبراير/شباط 2012، بعد 33 عاما من حكم البلاد، ثلثها كان يحكم فيها اليمن الشمالي وحده، ليقتل أخيرا في الرابع من ديسمبر/كانون الأول 2017 بعد اشتباكات بين الحوثيين وموالين له.
معمر القذافي عسكري وسياسي ليبي، وصل إلى السلطة بانقلاب عسكري على إدريس السنوسي ملك المملكة الليبية آنذاك عام 1969، وأعلن قيام الجمهورية في ليبيا التي تحول اسمها لاحقا إلى الجماهيرية.
وعُرف عن القذافي ارتباطه القوي بالرئيس المصري جمال عبد الناصر، ودعواته القوية للوحدة العربية، حتى إنه كان من المتحمسين للوحدة الاندماجية مع جيرانه العرب مثل مصر وتونس.
وتوترت العلاقة بينه وبين الدول الغربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، بسبب تصريحاته ومواقفه ونشاطاته التي اعتبرتها القوى الغربية معادية لها وداعمة "للإرهاب الدولي".
وحكم القذافي البلاد لعقود، واتُّهِم فيها أفراد عائلته بالفساد وإهدار مقدرات البلاد وكبت الحريات، وأدت هذه التراكمات إلى اندلاع الثورة الليبية في 17 فبراير/شباط 2011، وطالبوا الثوار برحيل القذافي ونظامه، وإقامة نظام ديمقراطي تعددي.
وسرعان ما تحولت الاحتجاجات إلى مواجهات مسلحة بين المحتجين وكتائب القذافي التي اتهمت بقتل آلاف المدنيين، ورفض الرئيس كل الدعوات التي طالبته بالتخلي عن الحكم وأصر على تمسكه بالسلطة، متهما الثوار بالخيانة والعمالة للغرب.
وبعد أشهر من اندلاع الثورة، قتل القذافي في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2011 في مسقط رأسه بمدينة سرت، حيث ألقي القبض عليه من ثوار مدينة مصراتة إثر قصف موكبه الذي كان يحاول الخروج من سرت.
زين العابدين بن علي سياسي حكم تونس في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1987 بعد انقلابه على الرئيس حبيب بورقيبة الذي كان مريضا، فأعلن نفسه رئيسا للبلاد بدعوى عجز بورقيبة عن الاضطلاع بمهامه الرئاسية.
أرسى بن علي نظاما عُرف بالسلطوي والقمعي، واتهم بالفساد واستغلال النفوذ في انتخابات عامي 1989 و1994، لكن شرارة الثورة التونسية أشعلها الشاب محمد البوعزيزي الذي حرق نفسه في 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 احتجاجا على إهانة كرامته من طرف شرطية تونسية، فخرج التونسيون يطالبون برحيل بن علي.
وفي 14 يناير/كانون الثاني 2011، وبعد أسابيع من اندلاع الثورة، هرب بن علي من البلاد، وبقي في المنفى حتى وفاته في 19 سبتمبر/أيلول 2019.
حسني مبارك عسكري مصري، تولى رئاسة مصر عقب اغتيال الرئيس محمد أنور السادات في أكتوبر/تشرين الأول 1981، أثناء عرض عسكري، ورشح لرئاسة البلاد باستفتاء شعبي، وأعيد انتخابه مرات عدة.
وشارك في فترة حكم السادات في مباحثات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل وانتهت بتوقيع الاتفاقية عام 1978، واستطاعت مصر في عهد مبارك استرجاع أراضيها في شبه جزيرة سيناء بما في ذلك منطقة طابا عام 1989.
وفي 25 يناير/كانون الثاني 2011، اندلعت الثورة في البلاد بسبب تردي الأوضاع المعيشية للسكان الذين طالبوا بالعيش الكريم والعدالة الاجتماعية والحرية، واستمر الحراك 18 يوما، لينتهي بإعلان الرئيس مبارك تنحيه عن الحكم في 11 فبراير/شباط من العام ذاته، وتولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية مقاليد الحكم حتى 30 يونيو/حزيران 2012.
وقُدم مبارك للمحاكمة بتهم تتعلق بقتل المتظاهرين في الثورة، وقضت المحكمة بمعاقبته بالسجن المؤبد، وظلّ في السجن حتى تبرئته عام 2017 من معظم التهم، فخرج من السجن حتى وفاته في 25 فبراير/شباط 2020 بعد معاناة مع المرض.
محمد رضا بهلوي عسكري إيراني، اعتلى عرش إيران بعد تنازل والده له في 16 سبتمبر/أيلول 1941، ولقب بالشاه محمد رضا. نجا من محاولة اغتيال عام 1949 على يد أحد أعضاء حزب توده اليساري.
وفي أوائل خمسينيات القرن الـ20، نشب خلاف بين بهلوي ومحمد مصدق أحد أبرز القوميين الإيرانيين والقادة السياسيين في البلاد، فقرر بهلوي الفرار من إيران، ثم عاد لاحقا وأطلق برنامجه الإصلاحي الذي عرف بـ"الثورة البيضاء" عام 1963 بالتعاون مع الولايات المتحدة.
ووجد برنامجه انتقادات واسعة لا سيما من علماء الدين الإيرانيين الذين اتهموه بالتعاون مع الغرب، وتعالت الأصوات الرافضة لبرنامجه، لكن الشاه واجه الانتقادات بتشديد الإجراءات القمعية.
وفي عام 1979، اندلعت الثورة الإيرانية التي نادت بعودة آية الله الخميني الذي كان في المنفى. وفي 16 يناير/كانون الثاني من العام ذاته فرّ بهلوي خارج البلاد، وتوفي في مصر عام 1980.