هنا عدن | وسام الصالح
(حقبة زمنية مظلمة)
يجمع ابناء المحافظات الجنوبية اليوم، على ان الفترة من اواخر 2015 وحتى اليوم ،والتي وصلت فيها مليشيات وقيادات مايسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي لحكم المحافظات الجنوبية اليمنية، هي اسوأ "حقبة زمنية" مرت بتاريخ جنوب اليمن كله، كونها شهدت اسوا أوضاعهم معيشيا وامنيا وسياسيا واقتصاديا ووطنيا وفكريا ، وكونهم وقعوا فيها -كما يقولون- تحت حكم "امراء حرب" من "ارذل" طبقات المجتمع الجنوبي واسوأها ، امراء حرب عبارة عن قيادات جمعتها صفات الارتزاق والانحطاط والنهب والفساد والاجرام والاستبداد ضد كل من يقع تحت حكمهم وسطوتهم.
حيث يرتكز مشروع مليشيات المجلس الانتقالي على المناطقية الفجة ،ويستند على وسيلة "هدم واغتيال" الفكر والراي الاخر، وهذه العقلية الاقصائية هي من تحكم المشهد الان في عدن والمحافظات الجنوبية، التي غالبها تحت سيطرة هذه المليشيات ، وهي عقلية قائمة على التصفيات والاقصاء للمخالفين ورثوها عن ابائهم الرفاق منذ 1967م ، وسيلة "الاقصاء الدموي" للمخالفين ولو كانوا ينتمون لنفس مشروعهم السياسي الانفصالي، اذ لا صوت يعلوا فوق صوت قيادة المليشيا العليا،ولا مصلحة فوق مصلحة الكفيل الخارجي الذي يدينون له بالولاء المطلق والتبعية.
( صراع منطقة زبيد مع باقي مناطق الضالع)
فضل الجعدي، نموذج ممن تم اقصاؤه من صنع القرار داخل المجلس الانتقالي رغم انه من مخضرمي فكرهم "الانفصالي المتزمت"، ولكن تم ازاحته من المشهد بسبب خلاف شخصي له مع "عيدروس الزبيدي" ، حيث افادت مصادر خاصة ان خلافات كبيرة نشبت بين الجعدي وعيدروس ،كانت حول بعض القرارات والتعيينات والمصالح المالية، تم على اثرها فصل "فضل الجعدي" من سلطة الانتقالي ضمنيا رغم انه عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي، وبقاؤه فيها شكليا فقط، وبات "الجعدي" اليوم فقط "مفكر ومنظر" يكتفي بنشر تغريدات فكرية وخواطر وابيات شعر واخبار للفن بحسابه بمنصة اكس ، ةيصله راتبه لمصر كاملا، دون ان يجرؤ على الاعتراض على قرار ازاحته من نشاطات المجلس وفرق المفاوضات التي كان يشارك فيها بفعالية.
(طاغية مستوطنة زبيد )
تؤكد ذات المصادر، ان "الجعدي" واغلب قيادات الضالع من مناطق "الشعيب وحرير وجحاف وسناح" هم ضد زبيد، كونهم يرون ان قيادات زبيد استحوذت على كل شيء،ومسيطرون على القرار والمراكز المهمة بالسلطة السياسية الامنية والمحلية والعسكرية،وان عيدروس اقصاهم من اغلب المناصب، واصبح هو صاحب القرار الاول والاوحد ولا يشرك معه احد بصنع القرار .
(صراع شلال وعيدروس)
طبقا لمصادر خاصة، فان هناك "تباينات حادة" بين فريقين رئيسيين بمليشيات المجلس الانتقالي ،هما جناح عيدروس الزبيدي وجناح شلال شايع، واهم قيادات جناح شلال المقريون له هم يسران المقطري والجندب والنورجي ،وهذا الفريق كله مع قائده شلال شايع يتبعون مباشرة الولايات المتحدة دعما وتمويلا وحماية ، حيث جندتهم تحت مظلة ما يسمى "مكافحة الارهاب"، وهم مطلقي الايدي بكل الجرائم والانتهاكات ولا احد يعترض طريقهم، ويملكون نفوذ قوي مطلق الصلاحيات تحت حماية الامريكان ، ولا تعترض دولتي التحالف على اي عمليات يقوم بها هذا "الفريق الامريكي" ان صح التعبير، ولا تملك وزارة الداخلية اليمنية ولا حتى اعلى سلطة بالبلد القدرة او الجرأة على الاصطدام بهذا الفريق المتورط بالمئات من عمليات القتل والاغتيال والخطف والتعذيب، ولعل جريمة خطف واخفاء المقدم "علي عشال الجعدني" نموذج كاشف بقوة، لما يتمتع به هذا الفريق من صلاحيات مطلقة ، وحماية مطلقة من المساءلة والمحاسبة والخضوع للقانون والقضاء.
والفريق الاخر هو فريق "عيدروس الزبيدي" واهم قيادات فريقه هم حسن المرهبي واوسان العشلي ، وهذا الفريق تابع للامارات بالاوامر والحماية والتمويل والتخطيط.
والفريقان بينهما صراعات واحقاد قوية ،وكلها بسبب الصراع على الاراضي والمميزات والاموال والنفوذ.
وزادت حدة الصراع بعد انكشاف قضية "عشال" والتي فضحت تورط قيادات الانتقالي بالانتهاكات الجسيمة وفضحت سجونهم السرية، وهي القضية التي اكدت صحة مئات التقارير المحلية والدولية الحقوقية عن وجود السجون السرية والانتهاكات المروعة التي تحدث فيها، وتسببت هذه القضية بتصاعد حدة الصراع بين جناحي "الزبيدي" و "شلال" وبات كل فريق يرمي بالفشل والمسوولية على الاخر.
(هروب عيدروس من عدن خوفا من الاغتيال)
معلومات شبه مؤكدة، تتحدث عن ان سبب غياب "عيدروس الزبيدي" عن العاصمة عدن منذ عدة شهور متواصلة ، هو لخشيته من "جناح شلال شايع" ،وانه يملك معلومات ان الرجل ينوي به شرا، ويخشى الزبيدي ان الامريكان سيقفون مع شلال ويحمونه، فصراع الاجنحة داخل مليشيات المجلس الانتقالي عنيف وخطير، والعامل المشترك الذي يجمع هذه "الادوات" بمكون واحد رغم التضاد بينهم، هو عامل "الارتزاق" لقوى اقليمية ودولية، وتسابقهم على نهب المال الحرام الذي ينهبونه من موارد المدن التي يسيطرون عليها ، وليس عامل الوطن او قضية الجنوب كما يروجون للسذج من اتباعهم.
وبالتالي فان التخلص من اي "اداة" واغتيالها ضمن صراع الاجنحة هذا ،حتى لو كانت هذه الاداة بمنصب رفيع كالزبيدي ،هو امر لا يشكل مشكلة لكفيلهم الخارجي، كون الادوات المرتزقة يمكن استبدالها ببساطة بادوات اخرى اكثر ولاءا وتبعية وحنكة.
(عملية خطف واخفاء احمد علي حفين المرقشي)
خطف نجل "علي حفين المرقشي" نائب مدير محافظة ابين، هو "وجه" اخر للصراع والتصفيات التي تنتهجها قيادات المجلس الانتقالي ضد المخالفين ، وهو صراع اخر حدث مؤخرا قبل اسابيع، حيث قام "محسن الوالي" قائد الاحزمة الامنية في العاصمة عدن، بخطف واخفاء نجل نائب مدير امن ابين المجند بالحزام الامني بابين "احمد علي بن حفين المرقشي" ، وتم ذلك كعقاب لوالده بسبب موقفه و انحيازه مع قضية "عشال" ، وهو نموذج اخر للصراعات التي تحصل داخل منتسبي الانتقالي بينهم البين، او ضد من يخالفهم من خارج دائرة الانتقالي نفسه.
حيث ان نائب مدير الامن بابين "علي بن حفين المرقشي" لا ينتمي عمليا لمليشيات او دائرة المجلس الانتقالي، لكن ولده الشاب المختطف هو جندي بالحزام الامني، تم اقصاؤه ومنعه من اكمال الدراسة بكلية زايد العسكرية بابوظبي، واعادته لعدن بشكل مفاجئ، انتقاما من والده ولتصفية حسابات لا اكثر، وهو نموذج فاضح اخر لكيفية ادارة الانتقالي للحكم والخلافات البينية ،عن طريق القمع والاقصاء للاخرين، واحيانا كثيرة جدا تتعدى الامور الاقصاء لتصل الى القتل او الاخفاء القسري والتعذيب، وتم الافراج عن المختطف نجل "علي المرقشي" بعد قيام قبيلته بخطف شخص من اقارب "محسن الوالي" وهو مدير الغرفة التجارية بابين، وحصلت عملية مبادلة والافراج عن الشخصين وتسليم كل منهما لقبيلته.
( محاولة تصفية القيادي امام الصلوي)
كان الهجوم على امام النوبي من قبل قوات مشتركة تتبع "جلال الربيعي وصالح السيد واوسام العنشلي" في مديرية كريتر بالعاصمة عدن وذلك في عام 2021 .
وسبب الصدام بينهم، هو ان "امام الصلوي" تم ترشيحه من قبل السعودية لاختيار الف وخمسمائة فرد من عناصره واخذهم لخارج البلد لتأهيلهم وتدريبهم على "حماية المنشئات"، خاصة ان امام الصلوي قبل اقصائه والهجوم عليه ، كان هو وقواته من يحمون معظم المنشئات والدوائر الحكومية بمديرية كريتر مثل البنك المركزي والبنك الاهلي ومصلحة الهجرة والجوازات ، وحين عاد امام الصلوي هو وافراده الالف وخمسمائة فرد من الخارج بعد التدريب والتاهيل ،كان يفترض ان يتسلموا حماية المنشئات، لكن رفض جناح عيدروس الزبيدي ان يتسلم "امام الصلوي" المنشئات، واصدر الزبيدي قرارا للصلوي بان يسحب قواته من حراسة البنك المركزي وكافة المنشئات الحكومية وان يسلمها لقوات "اوسان العنشلي" ماتسمى بذلك الوقت بقوات العاصفة.
اضطر "الصلوي" ان يسلمها وهو يشعر بالغضب والاقصاء من جناح الضالع بقيادة الزبيدي ،وبدات الخلافات تتصاعد ،وبعدها شنوا عليه هجوم كبير هو وقواته في معقله بمعكسر 20 يونيو بكريتر وحدثت اشتباكات دامية استمرت لايام متتالية ،وكانت معركة كبرى هزت كل كريتر استمرت، وأضرت بالسكان وقتل واصيب فيها العشرات من المدنيين الابرياء وتضررت عشرات البيوت ، بالاضافة لقتل وجرح العشرات من "قوات الربيعي والعنشلي" وقوات "الصلوي"، وتم طرده من معسكره وانسحب الى منزله بحي الطويلة بكريتر ،وتمركز فيه هو ومن تبقى من قواته ،ثم تدخل شقيقه "مختار النوبي" (قائد محور ابين وقائد الواء الخامس دعم واسناد) واخترق الحصار واخرج اخيه من عدن وقام باخراجه الى مصر.
(صراع الاراضي الذي دفع بسببها هدار الشوحطي حياته)
يتذكر معظم الناس، الصراع العنيف قبل عدة سنوات، والذي دار بين القيادي بالحزام "هدار الشوحطي" مع "عبدالدائم الشعيبي" مدير مكتب شلال شايع وصهره، وشقيق عبدالدائم الملقب بالاوربي والذي كان هو الاخر مديرا لشرطة بير فضل بذاك الوقت، لا ينسى الراي العام الاشتباكات المسلحة العنيفة التي حدثت بين الرجلين وصراعهم الدموي على الاستحواذ على اراضي منطقتي ببر فضل وبير احمد، ونهبهما الواسع من بعد 2015 لمخططات واسعة بمساحات شاسعة وصلت اسعارها لمئات المليارات من الريالات.
واستمرت اشتباكاتهم وسط المناطق السكنية لايام متتالية وبالسلاح المتوسط ،حتى تدخل ضباط الامارات بانفسهم لفض الاشتباك ،بعد هذه الفضيحة المدوية التي كشفت مليشياتهم وهي تتصارع (بسلاح الامارات) على نهب وسرقة اراضي العاصمة عدن.
وتقول مصادر موثوقة ان "هدار الشوحطي" وشقيقه ناصر،كانوا يميلون للسعودية اكثر من ميلهم للامارات وكانوا يمسكون الحبل من الوسط بين الشرعية والمجلس الانتقالي، وهذا ماجعل الاماراتيون يوعزون لعيدروس وشلال التخلص من "هدار الشوحطي" عبر استدراجه للقتال بمنطقة الحد بمنطقته في يافع، وهناك تم قتل الرجل واغتياله، ثم الاعلان بانه قتل شهيدا على يد جماعة الحوثي.