الرئيسية - عربي ودولي - فضائح الإمارات "المنبوذة" من شعوب العرب.. صراع جديد في "قصور الحكم" في أبوظبي يعكس هشاشة التوازن الحاصل

فضائح الإمارات "المنبوذة" من شعوب العرب.. صراع جديد في "قصور الحكم" في أبوظبي يعكس هشاشة التوازن الحاصل

الساعة 03:06 مساءً



�نا عدن | متابعات
كشفت تقارير دولية حديثة، أبرزها تقرير لموقع إنسايد أوفر الإيطالي، عن توتر متصاعد داخل قصور الحكم في أبوظبي في إطار “صراع نفوذ صامت” بدأ يطفو إلى السطح بعد سنوات من التفاهم الحذر، ليكشف عن هشاشة التوازن القائم داخل عائلة آل نهيان، ويثير تساؤلات حول مستقبل مركز القرار في الدولة التي تُقدّم نفسها كواحة استقرار وسط بحر من الاضطرابات الإقليمية.

وبحسب التقرير فإن الصراع المشار إليه يدور بين الشقيقين طحنون وهزاع بن زايد آل نهيان.

وأبرز التقرير أن طحنون بن زايد – الذي يُوصف داخل الدوائر الغربية بأنه “رجل الظل” – يمثل اليوم الذراع الأخطر في منظومة الحكم الإماراتية، إذ يمتلك صلاحيات عابرة للمؤسسات الرسمية، ويدير شبكة مترامية الأطراف تمتد من الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا السيبرانية إلى الأمن والمخابرات والاستثمار.

وتُعتبر شركاته – مثل “جروب 42” (G42) و”الدار” و”لُنيت” – واجهات اقتصادية وأمنية تجمع بين توظيف الذكاء الاصطناعي ومراقبة البيانات والتحكم في تدفقات الاستثمار الخارجي.

ويضيف التقرير أن طحنون يُنظر إليه كالعقل المدبّر خلف العمليات السرية للتجسس والمراقبة داخل الإمارات وخارجها، خصوصًا ضد المعارضين السياسيين ورجال الأعمال الذين غادروا البلاد.

وتُتهم مؤسساته الأمنية بأنها تعمل بتنسيق مباشر مع شركات إسرائيلية وأميركية متخصصة في المراقبة السيبرانية، ما جعل طحنون أحد أقوى صانعي القرار الفعليين في الإمارات إلى جانب شقيقه الأكبر محمد بن زايد.

غير أن هذا النفوذ المتزايد بدأ يثير حساسية واضحة داخل أجنحة أخرى من العائلة الحاكمة، خصوصًا لدى شقيقه هزاع بن زايد، الذي يرى مراقبون أنه بدأ يتحسس تضييق دوره التقليدي داخل منظومة الحكم.

هزاع بن زايد.. “الوجه الهادئ” الذي يتحرك في الظل المقابل

يُقدَّم هزاع بن زايد، نائب حاكم أبوظبي الحالي، باعتباره الوجه الهادئ للعائلة الحاكمة، إذ كان مكلفًا لسنوات بملفات البنية التحتية والتنمية المحلية، وكان يحرص على الابتعاد عن الصراعات السياسية.

لكن التقرير يؤكد أن هزاع بدأ في الأشهر الأخيرة يتحرك داخل مناطق نفوذ شقيقه طحنون، خصوصًا في ملفات حساسة مثل اليمن وليبيا والسودان، حيث تداخلت مصالح الأجهزة الأمنية والاقتصادية التي يديرها طحنون مع مصالح هزاع وشبكاته الخاصة.

ويشير التقرير إلى أن هزاع يسعى إلى إعادة التوازن داخل دائرة القرار، محاولًا تعزيز حضوره السياسي بعد أن جرى تهميشه تدريجيًا مع صعود طحنون إلى صدارة المشهد الأمني والاقتصادي.

فبينما تزداد قبضة طحنون على المؤسسات السيادية والاستثمارية، يسعى هزاع إلى كسب النفوذ في الملفات الخارجية، ما جعل العلاقة بينهما أكثر توترًا من أي وقت مضى.

تعيينات 2023.. إعادة توزيع السلطة أم ترسيخها بيد محمد بن زايد؟

يُرجع خبراء هذا الصراع المكتوم إلى التعيينات التي جرت عام 2023، حين أصدر محمد بن زايد قرارات تاريخية نصّبت نجله خالد بن محمد بن زايد وليًا للعهد، وجعلت شقيقيه طحنون وهزاع نائبين لحاكم أبوظبي.

رغم أن هذه القرارات قُدمت في الإعلام الرسمي كخطوة “تنظيمية لتوزيع المهام”، فإنها – وفق مصادر غربية – كانت محاولة دقيقة لإعادة توزيع السلطة وضمان بقاء الخيوط النهائية بيد محمد بن زايد، عبر وضع كل من طحنون وهزاع في موقعين متوازيين يمنعان أيًّا منهما من الاستفراد بالقرار.

لكن هذه “المعادلة الثلاثية” خلقت في الواقع نظامًا هشًّا للتوازن داخل القصور، حيث تتقاطع المصالح الأمنية والمالية والسياسية بين الأخوين في ملفات حساسة تتعلق بالسيطرة على الاستثمارات، وإدارة الصناديق السيادية، والعلاقات مع القوى الإقليمية.

صراع نفوذ يتجاوز الداخل

يرى مراقبون أن ما يجري بين طحنون وهزاع ليس مجرد تنافس عائلي، بل يعكس صراع أجنحة داخل منظومة الحكم، يتقاطع مع شبكة التحالفات الخارجية التي بنتها الإمارات خلال العقد الأخير.

فطحنون يقود الجناح الأكثر انخراطًا في السياسات الإقليمية المعقدة – من تمويل قوات في السودان، إلى صفقات أمنية في اليمن وليبيا، مرورًا بتعاون استخباراتي وثيق مع إسرائيل – بينما يميل هزاع إلى سياسات أكثر تحفظًا ويرى في التوسع المفرط في هذه الملفات مخاطرة بمستقبل البلاد واستقرارها.

وتشير مصادر مطلعة إلى أن بعض القوى الغربية، خصوصًا في واشنطن ولندن، تتابع هذا التوتر بحذر، إذ تخشى أن يؤدي إلى اضطراب في هيكل السلطة الإماراتي الذي يعتمد عليه الغرب في كثير من الملفات الأمنية والاقتصادية في المنطقة.

هشاشة التوازن في “دولة الرجل الواحد”

يقول محلل سياسي مقيم في لندن إنّ “الاستقرار الظاهري في الإمارات يخفي تحت السطح هشاشة بنيوية خطيرة، إذ تُدار الدولة اليوم وفق توازنات شخصية بين أفراد الأسرة الحاكمة، وليس وفق مؤسسات واضحة”.

ويضيف أن تركيز السلطة في يد محمد بن زايد جعل كل مراكز القرار الأخرى مرتبطة بولاءات فردية، ما يعني أن أي تباين بين إخوته – كطحنون وهزاع – يمكن أن يتحول إلى أزمة حكم حقيقية في حال غياب القيادة المركزية.

ويؤكد المراقبون أن نجاح الإمارات في السنوات المقبلة سيعتمد على قدرة العائلة الحاكمة على ضبط خلافاتها الداخلية، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية والضغوط الدولية التي تواجهها بسبب سياساتها في السودان واليمن وليبيا.

فالتوازن القائم اليوم، وإن بدا محكمًا في الظاهر، يقف على أرض رخوة من الولاءات الشخصية والمصالح المتشابكة.

وعليه يرى المراقبون أن ما كشفه تقرير إنسايد أوفر لا يُعدّ مجرد تسريب عن خلافٍ بين شقيقين، بل جرس إنذار يشير إلى أن منظومة الحكم في أبوظبي – رغم قوتها الظاهرية – تعاني من تصدعات داخلية متنامية.

فبين “رجل الظل” طحنون صاحب الإمبراطورية الأمنية والاقتصادية، و”الوجه الهادئ” هزاع الذي يسعى لاستعادة موقعه، يقف محمد بن زايد في المنتصف، يحاول حفظ التوازن الذي بات أكثر هشاشة من أي وقت مضى.
(الامارات ليكس)