كثيراً ما أتساءل لماذا لا يتعظ الحكام العرب من بعضهم البعض، لماذا لم يتعظ حسني مبارك من الهارب زين العابدين بن علي، ثم لماذا لم يتعظ الطاغية معمر القذافي من السجين حسني مبارك، كذلك لم يتعظ المخلوع علي صالح من المقتول القذافي، ولماذا لا يتعظ المجرم بشار الأسد من سابقيه ... وهكذا يبدو أن الحكام المستبدين لا يتعلمون من تجارب الآخرين ، أو لعلهم لا يجيدون قراءة التاريخ قراءة صحيحة.
هؤلاء الحكام الظلمة الذين أذاقوا شعوبهم أصناف العذاب والقهر والظلم ونشروا الفساد والجهل والفقر لازالوا يتصورون أنهم وحدهم القادرين على حكم البلدان ، وبدونهم لن يكون لشعوبهم عنوان فشيطانهم البليد صور لهم أنهم صمام أمان هذه الأوطان ، ظنوا أنهم حماة الديار ورعاة الديمقراطية وحفظة النفس وصناع الحضارة والتطور، ما أدرك هؤلاء أنهم رمز الظلم وعنوان الفساد وسبب التخلف ، وأنهم دعائم الجهل والاستبداد في الوطن العربي . بهم عاد بنا الزمان مئات السنين إلى الخلف ، وبسببهم ما عاد لأمتنا قيمة أو وزن أو اعتبار بين الأمم .
هؤلاء الحكام يستحقون فعلاً أن يرثى لحالهم لأنهم كذبوا الكذبة وصدقوها وعاشوا سنين في عالم الأوهام في بروج عاجية بعيدين عن شعوبهم منفصلين عنهم جسدياً وروحياً.
إلى أن صنع الله هذه الثورات وزرع لدى الشعوب الرغبة في التغير ليظهر لهؤلاء الطغاة كذب ما كانوا يفترون و ليدركوا أن كل إنجازاتهم الموهومة كانت سراب وكل اعتقاداتهم الباطلة ذهبت هباء منثورا.
ما دفعني للكتابة هنا هي المجازر التي ارتكبت ولازالت ترتكب بحق الشعوب الثائرة في سوريا ، وكذا ما نسمعه ونراه من أفعال لبقايا الطغاة وفلول الأنظمة البائدة في دول الربيع العربي خاصة في مصر واليمن بإيعاز من شياطينهم الفاسدة دون مراعاة لحرمة الدماء والأموال ، كل شعاراتهم عن الديمقراطية والحرية ومصلحة الشعب وحقوق المواطن التي ظلوا لسنوات يتشدقون ويتغنون بها ذهبت أدراج الرياح.
هؤلاء الظلمة لم يتعظوا ولن يتعظوا أبداً ولم يفهموا سنن الله في الحكم القاضية بهلاك المتكبرين والمتجبرين لقد حق عليهم قول الله تعالى( أن الله لا يهدي القوم الظالمين ) هم بأفعالهم السيئة وأعمالهم الظالمة حكموا على أنفسهم الميل عن الطريق القويم وصنعوا وبجدارة فجوات واسعة وسدود منيعة بينهم وبين شعوبهم عاثوا الفساد وقهروا العباد ثم هم بعد ذلك يمنون أنفسهم بالعودة يظنون الشعوب ستبكي عليهم وهيهات أن يبكي عليهم احد .
يا أيها الطغاة الظلمة المفسدين لقد نزعكم الله عن الحكم ونفضتكم الشعوب، مُسحتم من التاريخ وانتهيتم من الزمان حكمت عليكم محاكم الأرض بالذل والهوان وعليكم الآن المكوث في غرفكم المظلمة وسط ذكرياتكم المتعفنة حتى يأتيكم حكم السماء.