عن تسريح الموظفين الجنوبيين ... حقائق أخرى.. 3-3

2014/02/12 الساعة 06:59 مساءً

تطرق الجزءان الأول والثاني لموضوع العدد الكبير الذي حملت به دولة الوحدة أحادية مورد النفط الشمالي فقط وبين الجزء الثاني بالوثائق والأرقام العدد الحقيقي الذي كان موجوداً في دولة جنوب اليمن (جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية) وكان الاعتماد في الأرقام تلك على كتاب الإحصاء الصادر من سلطات دولة الحزب الشمولي في عام الوحدة 1990م وقبل الوحدة بشهور .

بعد ذلك ولأن الذي يثبت بالتالي هو أن الموظفين المدنيين الشماليين لم يكونوا يشكلون سوى أقل من ربع عدد موظفي الجنوب الذين تم توظفيهم على حساب دولة الوحدة وبالعودة للوقائع التاريخية التي تحدثت عن أن التبرم الحقيقي وإدعاء مظالم الموظفين الجنوبيين لم يكن بعد حرب 94م وإنما بعد انتخابات 93م والتي لم يحقق فيها الحزب الشمولي الحزب الاشتراكي نتائج كان يحلم بها تجعله مسيطراً على الدولة الجديدة الشمالية والجنوبية فبدأ الحديث عن خطوات الرجعة وكان لابد من إدعاء مظالم ولو كانت وهمية وفي نفس تلك السنة تم تحميل الخزينة العامة أحادية الموارد أعباء إضافية بسبب تمليك السيارات للموظفين والذي استفاد منه الموظفين الصاعدين من الجنوب أكثر من الموظفين الشماليين بسبب أن سياراتهم كانت مشتراه حديثاً بعد الوحدة عكس موظفي الشمال ، واضطرت الخزينة العامة بعد شهور لشراء سيارات جديدة، وكل ذلك على حساب خزينة الشمال أيضاً.

بعد هزيمة الحزب الاشتراكي في انتخابات 93م رفض الانضمام للحكومة وأدعى على سالم  أن الجنوبيين مظلومين  وأستمر في عدن معتكفاً ،وكان الزمرة المقيمين في الشمال هم أحد مكونات الحكومة الجديدة باعتبارهم جزء من التركيبة الجنوبية وتم إدخال الإصلاح في الحكومة باعتبار أنه حصل على مقاعد في البرلمان أكثر من الحزب الاشتراكي وهذا ضاعف حنق الحزب الشمولي مروج أسطورة المظالم للجنوبيين ، فمثلاً وزير الإدارة المحلية المحسوب على حزب الإصلاح (محمد حسن دماج) عين أكثر من 50مدير مديرية في الجنوب (كلهم من حزب الإصلاح) وهم لم يكونوا من موظفي الوزارة قبلها ولم يكونوا ضباطاً كما كان معتاداً في هذا المنصب وكان لافتاً للنظر أن هؤلاء مدراء المديريات ظلوا بدون تثبيت وإنما متعاقدين إلى عام 1997م حين كان أخر قرار وقعه رئيس الوزراء عبد العزيز عبد الغني قبل تغييره هو قرار تثبيتهم.

مزاعم ظلم الموظفين الجنوبيين بعد حرب 94م كذبة تاريخية يعلمها كل موظفي الخدمة المدنية في الدولة ، فبعد الحرب حصل العفو العام وكل الموظفين الجنوبيين الذين كانوا في صنعاء أو نزلوا إلى عدن  استلموا مرتباتهم حتى من لم يداوم منهم لشهور وظل في منزله تم تسليمه كامل مرتباته بعد أن زاره زملائه الشماليين بناءً على توجيهات سياسية عليا ، وهذا كان على النقيض من الموظفين الشماليين العاملين في عدن وهم قلة يعدون بالأصابع مثل (وكيل الوزارة الأول حالياً) والذي عين بعد الوحدة في عدن مدير عام مكتب وزارة الشئون الاجتماعية والعمل بعد أن كان مديراً في تعز وفي الحرب هرب إلى تعز خوفاً من قتله ،وكان محظوظاً  لأن غيره تم قتلهم أو سجنهم وتعذيبهم كمدير مكتب بريد  في عدن من أصول شماليه ، ويتذكر الجميع قائد كتيبة الأمن المركزي بعدن (الموشكي) وأفراد كتيبته الذين تم محاصرتهم ثم نقلهم إلى المهرة وتعرضوا لأبشع الانتهاكات ، وهذا كله لم يحدث مع أي موظف جنوبي في الشمال.

هل تم تسريح الموظفين الجنوبيين بعد حرب 94م؟

الثابت أن قرار العفو الصادر من رئيس النظام السابق جعل من كل مرتكب لجريمة دون أي جرم وبالتالي كان كل موظف جنوبي أرتكب جريمة كغيره دون تمييز ، ويعجز منظروا الحراك الجنوبي تقديم أي أدلة على أي انتهاكات ويدعون أن بعض رفاقهم سرحوا رغم أن المسئولين الشماليين عاملوهم باستثنائية وحتى العسكريين لم يحاكموا وفقاً للقانون باعتبارهم مرتكبي جرائم عسكرية بل تم العفو عنهم .

ذكر أحد أعضاء مؤتمر الحوار من الجنوبيين  قبل شهور للأستاذ محمد عبدالله الجائفي أنه وبعض الموظفين والعسكريين الجنوبيين رفضوا العودة إلى أعمالهم بعد الحرب وقال له أن اللواء علي الجائفي زارهم وطلب منهم العودة إلى مواقعهم العسكرية فقال الرافضين منهم للعودة أنهم يشعرون بالهزيمة وكسر الخاطر وأنهم يفضلون البقاء في منازلهم وفعلاً لم يتم قطع مرتباتهم وبقوا يستلمون مرتباتهم وكأنهم مداومين في أعمالهم وهذا مثال حي يقوله جنوبي يثبت أكذوبة تسريح الجنوبيين بعد حرب 94م، وقد سلم لي بعض الفضلاء بعض طلبات خطها عسكريون جنوبيون يطلبون فيها التقاعد اختياريا وحالياً تم إعادتهم بزعم تقاعدهم قسراً.!!.

بالانتقال بعد ذلك  لعام 1997م وهو العام الذي وقعت فيها ثاني انتخابات في دولة الوحدة والتي أدت إلى خروج حزب الإصلاح من الحكومة بسبب الخلافات مع حزب المؤتمر الشعبي العام ورفض الإصلاح المشاركة في حكومة 97م التي كانت حكومة الوضع الاقتصادي المنهار بسبب الوحدة وحرب 94م وبالتالي تدخل البنك الدولي وأصدقاء اليمن الخارجيين واشترطوا أن تبدأ الحكومة اليمنية بخطوات الإصلاح الوظيفي والإداري والمالي واشترطت خطة البنك الدولي ومجتمع المانحين أن يتم تقليل الموظفين وتطبيق التقاعد وتقليل عدد الجيش وهو ما تم تحت ضغط الوضع الاقتصادي المنهار، الذي كان نتاجاً طبيعياً لتحمل الدولة كل تلك النفقات والصرفيات المبالغ فيها التي شرحتها في الجزئين السابقين منذ ما بعد الوحدة على ذلك العدد المهول من الموظفين الجنوبيين وبدء نضوب نفط الشمال وقلة كمية الإنتاج النفطي من حقل الجنوب المسيلة بالمقارنة مع ما كان ينتجه حقل مارب قبل بدء التناقص .

في يوليو 1998م تم تنفيذ أولى الخطوات العملية للخطة الدولية حيث تم البدء بالمسح والتعداد الوظيفي ،وكان ذلك المسح  ضرورة من الضرورات بعد النكسات الاقتصادية التي سببتها إدارة دولة الوحدة بطريقة المراضاة للحزب الاشتراكي اليمني الحاكم لجنوب اليمن قبل الوحدة والتي أدت إلى تحميل الإدارة العامة عبء مئات ألاف الموظفين الجنوبيين دون حاجة فعليه لهم وبما يساوي 80 % من الموظفين جنوبيين و20% فقط شماليين وكما سبق بيانه في الجزء الثاني من هذه الدراسة.

أظهرت نتائج المسح الوظيفي المنشورة في إبريل 1999م أن الموظفين المدنيين الجنوبيين لازالوا كما كانوا هم أغلبية موظفي الدولة وفي الجدول المنشور في صفحة 31 من كتاب النتائج النهائية للمسح الوظيفي ظهر أن عدن هي المتصدرة لكل محافظات الجمهورية وكان نسبة الموظفين لكل 1000نسمة من السكان في عدن هو 115موظفاً في حين تلتها أمانة العاصمة  بدواوين الوزارات جميعاً المحتوية على موظفين من كل المحافظات وبفارق كبير هو 65موظفاً لكل ألف نسمة.!!!، ثم المهرة ثم أبين ثم حضرموت ثم لحج ثم بقية محافظات الشمال ما يؤكد الخلل الكبير في أعداد الموظفين الجنوبيين في الجهاز الإداري للدولة رغم فارق عدد السكان بين محافظات الشمال ومحافظات الجنوب حيث أن عدد سكان الشمال أكثر من 5أضعاف عدد سكان الجنوب بحسب الإحصاء السكاني ، وأكد الخلل الكبير في أعداد الموظفين ما جاء في الجدول المنشور في صفحة 32 المبين أن توزيع الموظفين الثابتين حسب المحافظات يظهر عدن متصدرة لليمن كلها بعدد قدره (57544موظفاً) وتلتها تعز ثم الدواوين العامة في صنعاء!!!؟؟.

كل هذه الحقائق تثبت أن عدد الموظفين الجنوبيين الواصل لنسبة 80 % من إجمالي الموظفين في الدولة اليمنية التي عدد سكانها في المحافظات الشمالية خمسة أضعاف سكان الجنوب فأين هو الظلم إذاً ومن هو المظلوم فعلياً وهل تم تسريح الجنوبيين بعد الوحدة كما يقال أم تم تحميل دولة الوحدة أعباء دولة فاشلة في الجنوب دون موارد وبأعداد فائضة عن الاحتياج وهل يمكن القول أن غربلة القوى الغير لازمة للوظيفة العامة والتي تشكل عمالة فائضة وبطالة مقنعة يعد تسريحاً وظلماً أم تصحيحاً للأخطاء  وترشيداً للنفقات وتصحيحاً لما كان ينبغي العمل به وفقاً لعلم الموارد البشرية وتنفيذاً وجوبياً لقواعد الإدارة الرشيدة الواجب إتباعها في كل دول العالم.؟؟؟!!!.

بعد ذلك أشير إلى أن الحقائق على الأرض والتي استطعت جمعها أظهرت لي أنه لم يتم تطبيق موضوع الإحالة على التقاعد إلا في عام 2005م حين تم تطبيق الإستراتيجية الوطنية للأجور والمرتبات وحينها بدأ العمل بموضوع إحالة الموظفين إلى التقاعد كما هو الواجب منذ سنين ، وثمة فرق كبير بين موضوع تطبيق القانون بالإحالة إلى التقاعد وبين التسريح القسري الذي يدعى أنه تم ضد الجنوبيين ، فالإحالة إلى التقاعد واجبة قبل الجميع لكن منظري الحراك الجنوبي استطاعوا إيهام الجميع أن الموظف الجنوبي لا يجوز أن يتم إحالته إلى التقاعد حتى لو صار عمره ألف سنة إلا خمسين عاماً وهي مدة دعوة النبي نوح عليه السلام..!!!!!؟؟؟.

يتحدث مستشارو وزارة الخدمة المدنية بالأرقام عن حقائق وقعت أمامهم حيث كان تطبيق القانون قاسياً على الموظفين الشماليين أكثر من الجنوبيين فمثلاً في مكتب رئاسة الجمهورية تم إحالة 600موظف إلى التقاعد في عام 2005م أغلبهم شماليين وفي وزارة الإدارة المحلية ودواوين المحافظات تم إحالة 700موظف إلى التقاعد بعد تطبيق خطة الإصلاح وتطبيق الإستراتيجية الوطنية للأجور والمرتبات في 2005م.

كان نصيب الموظفين الشماليين بحسب مستشار وزارة الخدمة المدنية ومدراء عموم شئون الموظفين في عدة وزارات هو ما نسبته 70% شماليين و30% جنوبيين ، ويبدو أن السبب هو أن الموظفين الجنوبيين كانوا قد غيروا تواريخ الأجلين بعد الوحدة ما سمح لهم بالبقاء فترة أطول ، ومع ذلك يتحدث منظرو الحراك الجنوبي عن الظلم الرهيب والهائل وغيرها من ألفاظ التهويل الذي مارسته السلطة الشمالية ضد موظفي الجنوب فأي الفريقين مظلوم فعلاً...!!!؟؟؟.

لقد بذلت جهداً كبيراً لمعرفة حقائق تسريح الموظفين الجنوبيين من الشركات الحكومية التي كانت في الجنوب مثل شركة كندا دراي أو مصنع الملح وتبين لي بعد مقارنة عدد الموظفين بحسب جداول الإحصاء في عام 90 الصادر من الجنوب ثم مقارنتها بما تم تحويله إلى المؤسسة الحكومية الخاصة بالتأمين فكان عدد المحالين إلى مؤسسة التأمينات لا يتجاوز عشرين ألف موظف على مدى العشر السنوات الماضية ، وتم معالجة أغلب الحالات التي لا معنى لبقائها وتعد عمالة فائضة تم إحالتها لصندوق الخدمة المدنية المنشأ بموجب القانون رقم 1لسنة 2004م والأقلية هم من تم إحالتهم لمؤسسة التأمينات .

لابد من توضيح أن مهندس مشروع الخصخصة كان الجنوبي رئيس الوزراء عبد القادر باجمال والذي أنشأ لجنة الخصخصة وقدم مشروع قانون الخصخصة لمجلس النواب في عام 1999م بالقانون رقم 45 قبل صيرورته رئيساً للوزراء ، وبحسب الأستاذ حسين الأهجري فقد وقعت بينه وبين باجمال مشادات كثيرة بسبب إصرار باجمال على خصخصة المؤسسات الجنوبية ،فهل يجرؤ مناظلوا الحراك على انتقاد أو توجيه أي لوم للأستاذ العظيم ابن الجنوب وأحد الهاربين من حكم يناير 86 عبد القادر باجمال ؟؟!!.

في الختام ينبغي أن يفهم الجميع أن مجلس الوزراء في المصفوفة التنفيذية للنقاط ال31 قد طلب من وزارة الخدمة المدنية أن تقدم إحصاء بعدد الموظفين حالياً وتحديد الانتماء الجغرافي لهم لتحديد وجود اختلال بين الشماليين والجنوبيين وما يروج له حالياً من الرغبة في توصيل عدد الموظفين الجنوبيين إلى النصف ، وحتى اليوم ورغم مرور أكثر من 5أشهر لم تقدم وزارة الخدمة المدنية أي كشف يثبت وجود اختلال في العدد والسبب أن العدد الحقيقي للجنوبيين في الوظائف المدنية يشكل 80% من إجمالي الوظائف بينما يشكل الموظفين الشماليين 20%  كما سبق أن أوضحته في الجزئين السابقين فكيف يمكن أن يزاد عدد الموظفين الجنوبيين  إلى 50% رغم أنهم أكثر من تلك النسبة ، ليكون المستفاد بالتالي هو الرغبة بالاستحواذ أكثر وأكثر على وظائف للجنوبيين وزيادة أعدادهم وسيطرتهم على وظائف السلطة العليا والدنيا دون رقابة عددية على أعدادهم الحقيقية ، وليعلم الجميع حجم المؤامرة المسماة النقاط العشرين والأحد عشر التي شكلت وسيلة عملية لتمزيق الشماليين وتزوير الحقائق التاريخية وصناعة أكاذيب جديدة  وليت قومي يعلمون قبل فوات الأوان خطورة ما يدار ضدهم بزعم حل مظالم لا وجود لها إلا في عقول الطامعين بالعودة إلى ذكريات الثمانينات والسبعينات يوم كان المخبرون والمنتهكون لآدمية البشر هم الشيء الوحيد الموجود في جنوب اليمن جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية وما ذكريات 13يناير إلا الحلقة الأخيرة في مسلسل جرائم قتل من قبل بناة الدولة التي لم يكن لها نظير.