يبدو أن الانتصار الساحق الذي تحقق بإعلان وثيقة الحوار الوطني ليس كما يعتقد أنها رسالة لأولئك الذين كانوا يحلمون بمراهنات الفشل لمكونات الحوار, خصوصاً في داخل الوطن من معارضي الحوار بمن فيهم جماعات الشتات ومن هو على شاكلتهم , بل إن ما تحقق كان له بالغ الأثر على مستوى الحضور اللافت والمتدني لبعض رعاة المبادرة الخليجية, باستثناء الحضور المتميز لمعالي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي ولمعالي نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية الكويت , في حين غاب أشقاء من العيار الثقيل وقلنا حينها لعل وعسى أن يكون المانع لذلك الغياب خيراً .
ومما لا شك فيه إن وثيقة ( شكل الدولة اليمنية ) تعتبر من أبرز مخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل الذي رسم الخطوط العريضة لمسارات بناء الدولة اليمنية الحديثة في هيكلها الجديد المتمثل في إقامة " دولة اتحادية ديمقراطية تشمل ستة أقاليم " وكان اثنان من هذه الأقاليم في الجنوب والأقاليم الأربعة الأخرى في الشمال . . وبإقرار شكل الدولة اليمنية بصيغته الجديدة سقطت مراهنات المتشائمين الذين ظنوا أن نموذج الأقاليم سيجزأ اليمن إلى دويلات وسيمزق اليمن ووحدتها وشعبها وتراثها الحضاري الأصيل والمتجدد لمواكبة متغيرات العصر . . وبرزت تطفو على السطح حينها ردود الأفعال السلبية من قبل المعارضين في الداخل والخارج والتي صدمتها التوقعات وأصابتها بغتة بمقتل وهذا أمر معروف وليس بجديد على أولئك الذين أثبتت مجريات الواقع وتجارب الشعوب إنهم والفشل صنوان يتطرفون بشدة إلى أقصى اليمين وأقصى الشمال ليمسكوا بالعصا من أحد طرفيها لينسوا قول الله تعالى : " كذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً " صدق الله العظيم . .
هذا ليس بجديد على أولئك النفر المتشدد والتي سئمت من تجاربه السابقة واسلافه من الشعوب , ولكن الجديد عزيزي القارئ الكريم هو أن تنبري إلى السطح الإعلامي وسائل إعلام عربية شقيقة مقروءة لتشذ عن الطوق وتخرج عن المألوف المتعارف عليه إنصافاً للحقيقة وعملاً بالرسالة الإعلامية القيمة الحاملة للمفاهيم والقيم الفضلى التي توحد ولا تفرق وتبني ولا تهدم , وللأسف إن تلك الوسائل الإعلامية التي فقدت مصداقيتها تبعاً لمغريات العرض والطلب قد ظهرت إلى السطح فجأة وهي تحمل معاول الهدم والترصد المسبق بسوء النيات للنيل من هذه التجربة الفريدة والإنجاز المتميز والكبير الذي صنعه اليمانيون في حوارهم الذي يعتبر ظاهرة فريدة ومعجزة من معجزات القرن الحالي أن لم أقل والقرون السابقة . . هذا الإنجاز العظيم الذي تحقق في ظل قيادة الرئيس الفذ والصابر والمقدام المتميز برباطة جأشه وهدوءه وتوازنه وتواضعه وحكمته وقدرته على مواجهة الخطوب والملمات وقت الشدائد والمحن لينتصر للحق وليجهض الباطل ولو كان ثمن ذلك أن يقدم روحه فداء لمظلوم أو مقهور من عامة شعبنا اليمني شمالاً أو جنوباً أو وسطاً أو غيرها من معالم الجهات لأنه لا يؤمن بالجهوية والمناطقية ويؤمن بالثوابت الوطنية . .
هذا الإنجاز بنجاح مؤتمر الحوار وإعلان مخرجاته وإقرار الاقاليم كان الحدث الأبرز وللأسف ان وسائل إعلام عربية شقيقة مسموعة ومقروءة ومرئية انفردت في تغطياتها الإعلامية دون غيرها من وسائل الإعلام بالدعوة للانفصال وإعلان دولة الجنوب إلى ما هنالك من الأوهام , ورغم كل ذلك لم يبال اليمانيون بما يجري على الرصيف الآخر . . الجميع في الوطن يعيشون الأفراح ويبتهجون بمسرات أكسير النجاح لتحقيق معجزة القرن وسقوط مراهنات المتشائمين والفاشلين الذين لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب . . واستمرت النجاحات الواحد تلو الآخر حيث تم ترجمة مخرجات الوثيقة الوطنية بأربعة اجتماعات للجنة المكلفة بتحديد الأقاليم التي أعلنت بستة أقاليم , وكان ذلك الحدث الأعظم والأجمل بأن اليمن ستكون دولة اتحادية , وهذا الانتصار الرائع والجديد كشف عن تلك المشاريع النائمة لتجزئة أجزاء مهمة من الأراضي بل من المحافظات تحت مسمى حدود 1967م وجاء السلطان بن عفرار والسلطان الكثيري هذا يعلن الهبة الشعبية وذلك يشكل مجلس عام لسلطنته البائدة والتي لا يراها إلا وحدة وفي فقاعات الهواء ليس إلا . . وها هي اليوم تتحطم تلك المشاريع الناقصة أمام الصخرة الفولاذية لإرادة الشعب اليمني القوية التي لا تلين تحت قيادة رائد مسيرة التغيير وربان سفينة الأمان اليمانية التي استطاعت الإبحار في خضم الأمواج العاتية لتصل إلى مرافئ الأمان وربانها الماهر الرئيس هادي .
المهم والأهم أن الشعب أدرك حقيقة ما يجري على الرصيف الآخر , وأنه ليس كل ما يعلن في العلن من مواقف يعكس حقيقة النوايا والسرائر وما تخفي الألسن والصدور والأنفس والإنجاز المنتظر والذي لا يقل أهمية عن المنجزات السابقة التي سجلت بأحرف من نور في سجل اليمن وتاريخها الناصع البياض ( يمن الحكمة والإيمان ) . . هذا الإنجاز الذي ينتظره شعبنا اليمني العظيم هو إعلان اللجنة المكلفة بإعداد الدستور الذي سينظم مهام وواجبات وحقوق الأقاليم وأسم الدولة الاتحادية وعاصمتها وما إلى ذلك . . . ويليها الاستفتاء على الدستور وانتخاب رئيس جديد لليمن وإلخ . . .
إن حركة التغيير قد دارت صوب بناء يمن جديد اتحادي ونحن نعول على الأشقاء في الخليج والجزيرة وفي المقدمة الشقيقة ( المملكة العربية السعودية ) بقيادة خادم الحرمين الشريفين في مواصلة دعم خيارات اليمنيين في دولتهم الاتحادية, كما نعول على توحيد الصف الوطني لأبناء اليمن الشرفاء بمختلف انتماءاتهم ومكوناتهم وشرائحهم الحزبية والسياسية والاجتماعية والمدنية في الالتفاف حول القيادة السياسية بقيادة المبدع في فن القيادة وضبط إيقاع الانتصارات الرئيس المؤتمن باني نهضة اليمن الحديث الرمز الرئيس عبدربه منصور هادي .
وليدرك الجميع ويعلموا علم اليقين أن توزيع الأدوار الداخلية والخارجية ليس لها قاعدة شعبية عدا المصالح الضيقة وأحلام الماضي المأساوي الذي لن يعود وليس له وجود إلا في الذاكرة المثقوبة للمعتوهين الذين عفى عليهم الدهر وصاروا في خبر كان , فقد علمنا التاريخ في كل مراحله النهاية المأساوية لكل نشاط لا يملك قاعدة شعبية على أرض الواقع , ولنا في معجزة الحوار الوطني التي أبهرت العالم في مشارق الأرض ومغاربها بنجاحها الفريد عبرة , وليعلم الجميع إن بيننا رئيس وقائد عملاق يعشق الوطن ويحب شعبه حتى النخاع ووهب نفسه فداء لهذا الشعب وهذا الوطن وله الشرف الأعظم بأن يكون رئيساً لليمن وشعب اليمن, وأخيرا أقول لكافة المراهقين قاده الصراع الدموي في الداخل والخارج ,أن مجلس الأمن قد قال كلمته بالإجماع بشان معاقبة معرقلي الانتقال السلمي في البلاد .. لان للصبر حدود وكفى !! أتمنى إن تقرأوها جيدا وكفى !! والسلام ختام.