لا أنسى إن نسيت ذلك اليوم ونحن نتأهب للنزول إلى ساحة التغيير بالمكلا ومواصلة الفعل الثوري وتجديد زخمه ، ولحظة وقوفي للخروج من المنزل إذ بالشريط الأحمر على معظم القنوات ينبئ عن وقوع جريمة جديد لنظام صالح ولكن هذه المرة من العيار الثقيل وإذا بالصور المباشرة تصل من ساحة التغيير بصنعاء لتنقل صور جثامين الشهداء التي تتساقط أمام الكاميرات الواحد تلو الآخر استوقفني سيل الدماء المهدر تقول لماذا يا علي عبد الله صالح ؟ أمن أجل استمرارك على كرسيك المهترئ تقتل هكذا بدم بارد ؟ وهل يستوجب توريث الحكم لنجلك كل هذا الجرم ؟ لكن تذكرت حينها بيت شعر المتنبئ :
لولا المشقة ساد الناس كلهم * الجود يفقر والإقدام قتال
فعلمت هذه فعلا ثورة وساحة كرامة يتقحمها شباب مؤمن ليسود منطق الحق الذي أراده القاتل باطلاً لعقود من الزمن ، فشعرت حينها أن الحياة أو الموت أضحى لدي سيان إن بقينا متفرجين وبقي هذا الباطل يصول ويجول دون أن يزول ودون أن يناله عقاب ما اقترفت آلته القاتلة بالأمس واليوم وشعرت بعزيمة تقول ليفنى العمر في سبيل أن يرى هذا البلد النور ولو بقيت وحيداً أناجزه ، شعور أذكاه هذا المنظر المفرط في القسوة بإطلاق رصاص الموت وقنص البشر من على أمتار لأناس احتشدوا يرفعون ورود السلام في مطلب كفله شرعهم ودستور بلادهم لو امتلك هذا النظام و زبانيته ذرة من عقل وإنسانية وتركوهم يرددون ويصرخون بما يريدون لكان الأمر عليهم أهون من ثمار ما فعلوا لدى الناس ورب الناس ، لكن هي مشيئة الرحمن أرادت إلا أن يسفر المجرم عن مكنون ما يختزن من جبروت ووحشية ويكشف رب العباد للعباد كيف هي ردات فعل اللئيم حتى تذكره بلؤمه ،،، وهنا لست بصدد بيان ما قد انقضى معرفته لليمانيين و وعاه كل العالم عن المخلوع ونظامه بقدر ما أردت أن أترحم على شهداء ذلك اليوم والتذكير بالثمن الذي دفع كي يصل اليمن إلى هذه المرحلة الفارقة وانقشاع ستار الاستبداد وانهيار مشاريع التوريث في أوطان العرب إلى الأبد وتمكين اليمنيين من صياغة عقد جديد لدولتهم ونظام حكمهم ، غاية أملهم منه بناء يمن جديد يسوده القسط والمساواة والمرحمة كان لشباب الثورة وشهداء ذلك (جمعة الكرامة) وبقية شهداء النضال السلمي بكافة أطيافه جنوبا وشمالاً وشرقا وغرباً النصيب الأوفر في تحقيق الجزء الأكبر منه وهم على درب من سلفهم في التضحية لدفع ثمن الكرامة الأقدر بإذن الله على تحقيق بقية أجزاءه الأقل سائرون وهم بالله مستعينون ومهتدون .