إذا جاز لنا التعبير في وصف القمة العربية التي انعقدت في الكويت , فإن أفضل وصف نصف به هذه القمة العربية هي "قمة الإخفاق العربي " نضرا لإخفاقها في معالجة الملفات , ومناقشة القضايا الملحة التي تهم الامة العربية , ونضرا أيضا لإخفاقها في التحدث بلسان الشعوب العربية , أو بلغة معاناة الشارع العربي الذي يحمل بين دفتي عقله وتفكيره الكثير من القضايا الاقتصادية , والسياسية , والأمنية , والتنموية , والوحدوية والتي لم تقترب منها قمة الإخفاق العربي في الكويت لا من قريب ولا من بعيد , حتى ما تحقق من تقد طفيف في قمة الدوحة العام الماضي نظرا لتأثير ثورات الربيع العربي تم القضاء عليه في قمة الكويت في هذا العام تحت تأثير الانقلاب العسكري في مصر والدعم السعودي الإماراتي الإسرائيلي لهذا الانقلاب.
فما حصلت عليه الثورة السورية ممثلة بالائتلاف الوطني السوري في قمة الدوحة من دعم وتايد حتى ولو معنوي ومنحها مقعد سوريا في القمة العربية لتمثيل الشعب السوري خسرته في قمة الكويت , وفشلت هذه القمة في أن تجمع حتى على كلمة" دعم " للشعب السوري , بل والافظع والأنكى من ذلك ان بعض المهزومين نفسيا , وعقليا , وروحيا أمام المد الإسلامي ذهب إلى وصف بعض الجماعات السورية التي تقاتل من اجل الحرية والكرامة واسترداد القيمة الإنسانية "بالإرهاب" , ولم يتجرأ المجتمعون في هذه القمة على وصف النظام السوري الذي يدك الاحياء , والمدن بالبراميل المتفجرة , ولا يفرق بين طفل , وامرأة , وشيخ مسن ومحارب بذات الوصف الذي وصفوا به الجماعات المقاتلة , وهذا إن دل فإنما يدل على أن هذه الأنظمة لا يدعمون الثورة السورية إيمانا بالثورات , وإنما نكاية بنظام بشار الأسد الذي رفض أن يكون تابعا لجوقة الاعتدال العربي كما يريدون.
لقد كان الحاضر الوحيد في هذه القمة هو " الإرهاب " الذي اتخذته الكثير من الأنظمة العربية وسيلة لسحق معارضيها وقتل المناوين لها , وخاصة تلك الأنظمة الانقلابية غير الشرعية , ومع ذلك لم تتجرأ هذه القمة على الانحياز للإنسان وللقيم والمبادئ الإنسانية السامية التي حافظت على إنسانية الإنسان , كما أنها لم تتجرأ على ولو مجرد التطرف إلى الوضع المصري , والمجازر التي يرتكبها الانقلابيون في حق الشعب المصري كل يوم , وليس آخرها الحكم بإعدام " 529 " مصريا من مناهضي الانقلاب , والذي أدانه العالم أجمع إلا العرب الذين اجتمعوا في الكويت لمباركته كل بطريقته الخاصة.
النجاح الوحيد الذي حققته قمة الكويت , وهو نجاح يحسب لدولة الكويت هو ترحيل الخلافات العربية الطافحة على السطح إلى القمة القادمة , أو إلى اللقاءات الثنائية لهؤلاء الزعماء في انتظار ان تخدمهم التغيرات والمستجدات على أرض الواقع.
إن ما حدث في قمة الكويت من مهزلة ومن فشل في تبني خيارات الشعوب , وتحقيق تطلعاتها يستوجب على تلك الشعوب مواصلة النضال والاستمرار في الثورات , وتقديم المزيد من التضحيات من أجل انتزاع الحرية , والكرامة الانسانية , والحقوق المشروعة في العيش الكريم , والديمقراطية الحقيقية , والحكم العادل ... بغير ذلك سيضل هؤلاء العجزة والمترهلون هم من يتحكمون بمصير الأمة ويجهضون أي حلم في التغيير.