تابعت باهتمام كبير جلستي مجلس النواب المنعقدة ليومي(20،21)من مايو المنصرم وهما الجلستان المخصصتان لاستجواب الحكومة ممثلة بكلا من دولة رئيس مجلس الوزراء وكلا من وزير النفط ووزيري الداخلية والدفاع ووزير الكهرباء .
والحقيقة ان حضور الجانب الحكومي وانضباطه وامتثاله لرغبة اعضاء مجلس النواب ومطالبهم أضفى على الجلسات طابع الاهمية .
وعلى المستوى الشخصي كنت اتوقع ان جلستي مجلس النواب ستكون في غاية الاهمية نضرا لإنها مخصصة لإستجواب الحكومة .
لكننا للاسف الشديد اكتشفنا ان عددا كبيرا من أعضاء مجلس النواب لايمثلون سوى اضحوكة أو مسخرة برلمانية لانجد لها نضيرا في تاريخ العمل البرلماني.
بل لقد تبين للمتابعين والمهتمين ان اعضاء مجلس النواب ليسوا بمستوى إستجواب الحكومة ،وليسوا بمستوى يؤهلهم لتمثيل شعب بلغ به الوضع المعيشي والامني الى أقصى حدود الرداءة والضيق.
كما ان عددا من اعضاء المجلس النيابي لاتكمن مشكلتهم فقط في الجهل السياسي والفقر المعرفي ،بل إنهم لايدركون حتى ماذا يعني ان تكون عضواً في مجلس النواب ولايدركون كيف يتبنون قضايا الناخبين.
وإزاء هذه المهزلة لايسعنا إلا ان نقول اللهم لاشماتة .
فقد لاحظنا من خلال المتابعة عبر التلفزيون ان عددا كبيرا من أعضاء مجلس النواب لايدركون كيف يتم إستجواب الحكومة ،ليس هذا فحسب بل إن كلام الوزراء
وحضورهم الى قاعة البرلمان ترك إنطباعاً لدى الشارع اليمني ان الوزراء ممثلي السلطة التنفيذية هم اكثر وعيا بدورهم وهم أكثرادراكا لاهمية دور البرلمان من البرلمانيين انفسهم.
بالفعل لقد استمعنا الى كلام السادة الوزراء وكلمة معالي رئيس الوزراء فوجدنا ان كلا مهم يدل على إستشعار بحجم المسئولية الملقاة على عاتق كلا منهم ومن خلال كلماتهم اتضح لنا انهم اكثر رصانة وعقلانية من السادة اعضاء مجلس النواب الذين طال عليهم الامد في مجلس استنفذ شرعية بقائه قبل أي سلطة اخرى .
وهنا تكمن المشكلة الكبرى التي لم يعيها اعضاء مجلس النواب حتى لحظة إستجواب الحكومة .
لكن الكارثة لم تقف بنا عند حدود انتهاء الشرعية الانتخابية والديمقراطية للمجلس ،بل تتعداه الى حد ظهور عدم اهلية بعض أعضاء المجلس للعمل البرلماني وعدم قدرتهم على إكتساب تجارب وخبرات العمل البرلماني رغم ان مدتهم هي اطول مدة عاشها برلمان سياسي على حد معرفتي.
والمضحك في الأمر انه عند استجواب الحكومة كنا نعتقد إننا سنجد اربعة أو خمسة نواب سيتولون عملية إستجواب الحكومة بكل ما يجدي ويفيد على ان يكون كلامهم معبرا عن كل اعضاء المجلس ويكون كلامهم موافقا للائحة الداخلية للمجلس ومعبر عن مصالح الشعب ويتسم بالحرص على وضع حلولا مع الجانب الحكومي،كما ان كلام النواب في مواجهة الحكومة كان يجب ان يستند الى تقارير برلمانية سليمة تتجاوز لغة الشارع العام.
لكننا فوجئنا اولا ان اعضاء المجلس مصرون على الكلام جميعهم وبالدور بحسب الحروف الابجدية وكلا منهم عندما ياتي دوره في الكلام يقف ليلقي خطبة عصماء واغلبهم كان يكرر ما طرحه زملائه السابقين بالحديث ولم نجد أي عضو يقول اكتفي بما قاله الزملاء ويمتنع او يتنازل عن الكلام.
اضف الى ذلك ان كل عضو برلماني كان يتحدث مع الجانب الحكومي وكانه في موتمر صحفي يدشن به حملته الانتخابية،وكلا منهم يتحدث عن الحكومة وكأنها خصم سياسي مع ان رئيس الحكومة قد او ضح لهم في بداية حديثه انها حكومة احزاب وليست حكومة تكنواقراط وان صلاحية الحكومة مقيدة.
ولم نجد من جهابذة العمل البرلماني احد يتحدث عن اعاقة الحكومة والتقليص من صلاحيتها ولم نجد برلماني واحد يتحدث عن در الاحزاب في اخفاق الحكومة وتقصيرها في ادائها،بل ويتناول دور حزبه في الاساس .
فهل يدرك السادة اعضاء مجلس النواب انهم يفتقدون للشرعية مرتين .الشرعية الاولى الشرعية الانتخابية والديمقراطية ،أما الشرعية الثانية فهي عدم اهلية عدد كبير من اعضاء المجلس للعمل البرلماني بشكل عام .