أكثر ما شد انتباهي في الشاشات العديدة المقامة في المدن و الشوارع الرئيسية بهدف تمكين عشاق الكرة من مشاهدة مباريات كأس العالم المقام في البرازيل هو أن معظم جمهور هذه الفعاليات هم من الشباب الطلاب برغم أننا الآن في فترة إمتحانات المرحلتين الاساسية و الثانوية و الطبيعي هو إنشغال هؤلاء الممتحنين بالمذاكرة ، وقد دفعني فضولي لسؤال أحد هؤلاء المتفرجين الطلاب عن كيفية تمكنه من الجمع بين متابعة هذا الحدث الكروي العالمي و مراجعة المقرارات الدراسية فقال لي بثقة ممزوجة بعدم مبالاة لا تقلق فالدنيا تمشي بالسهالة ...
عندها تذكرت أن لدى مؤسساتنا التربوية و التعليمية إختراع جبار لإنقاذ الطلاب في أيام الإختبارات والإمتحانات إسمه الغش ، حصيلة هذا الإختراع إنتاج أجيال تحصيلها العلمي متدني إن لم يكن لا شئ فكثير من الطلبة الخريجين قد لا يجيد عند إنهاء دراسته كتابة أو قراءة إسمه . ما نسمعه اليوم عن وسائل الغش المنتشرة في المدارس يكاد شعر الطفل أن يشيب منها ، فلم يعد الوضع مقصور على دخول البراشيم و القصاصات الورقية ، بل تعدى الأمر للنقل المباشر من الكتب و المناهج أمام نظر و مسمع المراقبين ، وأحيانا كثيرة قد تخرج ملفات الممتحنين من القاعات بمساعدة المدرسين و الأهالي ليتم إعادتها وفيها الإجابات التي تم كتابتها بالخارج ، وغيرها من أساليب الغش الحديثة و الممنهجة .
كل هذا يحدث طبعا على علم و معرفة من أولئك المسئولين الفاشلين الجاثمين على كراسي وزارة التربية و التعليم دون أن نلمح منهم أي إجراء أو رد فعل إيجابي يساعد على القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة أو يعمل على حصرها و الحد منها .
ألا يكفي شبابنا المسكين البلاوي المتلاحقة عليه و الإستهداف المستمر لتدمير طاقاته و قدراته عبر إغراقه بالمخدرات و الشهوات و دفعه للجريمة و حرمانه من أبسط حقوقه في العمل و المسكن و الزواج . ثم نضيف إليه بلاء الغش لنأتي على البقية الباقية من إنسانيته و عقليته . أيها المسئولون في وزارة التربية والتعليم سواءا في محافظة عدن أو في عموم الجمهورية من أكبر كبير إلى أصغر صغير إتقوا الله في الشباب فهم أمانة أنتم مسئولون عنها أمام الله عز و جل أولا ثم أمام الناس و أمام ضمائركم . فالمنظومة التربوية و التعليمة بكافة مرافقها و مؤسساتها تحتاج للإصلاح و إعادة التأهيل فإن لم تكونوا بقدر هذه الأمانة و المسئولية فاتركوا كراسيكم للقادرين على تحمل تلك الأمانة والمسئولية فسقوط كرسي أهون من ضياع أجيال وأهون من إنهيار الوطن الذي أساس كيانه هم الشباب .