الأبطال هم من يصنعون التاريخ ، وبتضحياتهم واستبسالهم تشرق شمس الحرية وبدمائهم الطاهرة ينقشون صفحات التاريخ، كثيرة هي المحطات التي جسد اليمنيون بتضحياتهم فيها أروع صور التضحية في تاريخنا المعاصر للدفاع عن عزته وكرامته منذُ انطلاقة الثورة اليمنية مروراً بكافة مراحل انتصارها وما عقبها من حروب.
وتتواصل تضحياته في حربه الحديثة التي يخوضها ضد(الإرهاب) العدو الأول للشعب اليمني، ومن ابرز هذه التضحيات التي نفاخر بها بين الأمم ونتذكرها مع مرور الزمن الذي لا يمكن ان يمحو اثارها ووقعها في نفوسنا، (مجزرة حسان) التي قتل فيها (48) وجرح العشرات من ابناء قبائل آل فضل بمحافظة أبين يوم 29 يوليو 2011م ، ليرسموا اروع الصور والأمثلة عن الاستبسال والتضحية الجماعية التي جسدت صلابة ارادتهم وشجاعتهم وإصرارهم على تحرير محافظتهم من عناصر (تنظيم القاعدة) وتخليصها من قبضته.
ستظل هذه المجزرة المثال الرائع تتذكرها الاجيال المتناسلة جيلاً بعد جيل عن استبسال ابناء قبائل (آل مارم والمحاثيث والنخعين وآل دوفان وآل جبار وآل أمقور وآل كشميم ) بابين وغيرهم ممن شاركوا فيها،عندما أبوا ان لا يخضعوا او يسمحوا باستمرار سيطرة الجماعات المسلحة (تنظيم القاعدة في جزيرة العرب) على محافظتهم بعد ان سلمتها لهم اطراف في السلطة (النظام السابق) بصورة فجائية ورفضوا ان تتحول محافظتهم الى مسرح لجرائم تلك الشراذم التي تسوقها أطراف الصراع في صنعاء كالبهائم الى محافظتهم لتأسيس ما اطلقت عليها بالإمارة تحت ذرائع وحجج بعيده عن ديننا الاسلامي الحنيف الذي يحرم أعمالهم الإجرامية.
لم يعد خافياً على أحداً ان السلطة (النظام السابق ) وبعض المسئولين خذلوا ابناء أبين في تعاملهم مع ماجرى في أبين وتسليهما لأنصار الشريعة لأهداف تخدم مراكز القوى في السلطة التي كانت تدفع بالناس والمسئولين فيها الى اتخاذ هذه الموقف السلبي الذي سيظل وصمة عار مرسومه على جبين كل من تهاون وتخاذل في التصدي لهذا العمل الإرهابي الجبان الذي مكنهم من السيطرة على محافظتهم بهذه السهولة وتشريد ابناءه والنزوح الى المحافظات المجاورة.
لقد مثل اقدام هؤلاء الشجعان أبناء القبائل بقيادة الشهيد البطل العميد احمد عوض المارمي، عندما قرروا الدخول إلى مدينة (زنجبار) عاصمة محافظة (أبين) من الجهة الشرقية بأسلحتهم الشخصية والاشتباك مع مسلحي القاعدة، ثم تعرضهم لقصف الطيران اليمني، ونصب الكمائن لهم من قبل تنظيم القاعدة، وقتلهم في مجزرة لازال يكتنف خفاياها الغموض ولم يكشف عن المتورطين فيها، ومن تواطأ مع الإرهابيين لارتكابها، كما لا يمكن فك طلاسمها إلا بالمصارحة وإظهار الحقيقة للرأي العام من قبل السلطة، نقطة الانطلاقة لتأسيس المشاركة المجتمعية الحكومية في محاربة (تنظيم القاعدة) ، والأرضية الصلبة لتوحيد جهود القبائل مع الحكومة لمجابهة خطر الارهاب وتحرير محافظتهم من سيطرة (انصار الشريعة ) عليها، وبالفعل أدت هذه الشراكة الى تنظيم الجهود الشعبية السابقة لتدشين مرحلة جديدة من التعاون والتنسيق الشعبي وتأسيس (اللجان الشعبية) لمساندة الجيش في حرب تحرير أبين في 12 يونيو 2012م ثم تواصلت الاعمال لتطهير ما تبقى من مناطق المحافظة بالإعلان عن تطهير مديرية المحفد في 7 مايو 2014م.
كثيرة هي التضحيات التي قدمها الشعب اليمني وقواته المسلحة والأمن واللجان الشعبية ونعتز ونفتخر بها في حربهم ضد الإرهاب، وفي مقدمتها تضحية الشهداء في (مجزرة حسان) التي ستظل حاضره في الوجدان كنموذج ومثال رائع عن قوة الإرادة التي لا تهاب الموت في سبيل تحقيق الأمن والسلام لليمنيين التي اظهرها الشهداء الأبرار وكان الفضل لله أولاً ثم لهم في كسر حاجز الخوف للانطلاقة المجتمعية والحكومية للتصدي ومحاربة الارهاب وخطرة في اليمن.