فشل في الوصول للسلطة عبر فكرة حق البطنين فأراد الوصول لها بفكرة حق البطن .
فلأول مرة في تاريخه الطويل يتبنى الحوثي شأنا عاما يتعلق بقضايا اليمنيين جميعا ، كان يظن أن الجميع سيلتف حوله من أقصى اليمن إلى أقصاه وتخرج الجماهير لتقدم له البيعة و لتفوضه لاستلام السلطة ثم محاربة الإرهاب الأسود .ظن أن 30 يونيو المصرية ستتكرر في 30 أغسطس اليمنية لكن فاته أن خبرة اليمنيين به طويلة و طويلة جدا وأن خروجه لن يكون ضد جماعة حاكمة بل ضد حكومة جامعة .
خبرة اليمنيين بالرجل تقول لهم أنه عندما فشل عبر ملازمه و محاضراته و وثيقته الفكرية وعبر سفريات لبنان وطهران وقم وعبر المهرجانات وعيد الغدير والمولد النبوي وذكرى عاشوراء ويوم القدس أن يقنعهم بحق البطنين في الحكم لجأ لحق البطن من بوابة التصدي لقرار الجرعة الذي أضر بمعيشة المواطن وأسفر عن غلاء الأسعار .
خبرة اليمنيين هذه تمتد زمانا يصل إلى 3650 يوما ملئت بالضحايا الذين يقدرون بـ 70 الفا أي بمعدل يمني واحد في الساعة يقتل على يديه ، خبرتهم به تصل إلى 350 الف مشرد بمعدل 100 مشرد كل ساعة .
خبرتهم به تقول له أن أنصاره موجودون في مفاصل الدولة والناس تعرف ميولهم وتوجههم ، والأكثر تعرف فسادهم فلا يمكن أن يسوق النزاهة و يعرفون ما يدور في صعدة من فساد تحت ظل حكمه ..
خبرتهم تقول لهم أن حروبه كلفت اليمن مليارات سببت هذا العجز المالي الذي تعاني منه البلد وأحد أسباب الجرعة ..
ومع كل هذا سيحصل الحوثيون على بعض الوزارات وهي رغبتهم الحقيقية وراء الخروج ليحصل بحق البطن مالم يستطع الحصول عليه بحق البطنين. و برغم فشلهم بتسويق الفكرتين شعبيا لكن إشراكهم رغبة خارجية ، و رغبة الفرقاء المحليين ظنا من بعضهم أنها الطريقة المناسبة لفكفكة المليشيا ، و ظنا من بعضهم أنه سيكون له يد في الملعب اليمني عبر لاعب سياسي جديد ، و ظنا من بعضهم أن مشاركته ستجعله يتحمل مع الجميع العبء بدلا من اللعب بعواطف الجماهير ، وظنا من بعضهم أنه سيحصل على حليف مفيد في التلاعب بالمنطقة ، وظنا من بعضهم أنه سيقلم أظافر بعض التيارات السياسية ، وظنا من بعضهم أنه يجنب البلد الويلات وظنا من بعضهم أنه يغيض طرف آخر ..
ستتكفل بعض الدول الراعية بدعم المشتقات النفطية لتضمن مشاركة الحوثي في السلطة دون أن يشعر بالحرج الجماهيري وخاصة بعد الحشود التي خرجت ضده .
لكن من سيحدد إن كانت هذه التجربة سيكتب لها النجاح هو مدى اقتراب الحوثي أو ابتعاده عن المشروع الإيراني ، وهل ما يقوم به الآن هو مجرد إسقاط صنعاء سياسيا بشكل جزئي كخطوة أولى أم رغبة فعلية في الشراكة الوطنية ؟ وهو مالم يلمسه أحد حتى الآن !!. ، كما إن ما سيحدد صمود التجربة هو مدى وعي رأس الدولة والقوى الوطنية إلى وجود يد إيرانية في تحركات الحوثي ومدى قدرتهم على إجهاض هذا التدخل وسحب الحوثيين للصف الوطني ومدى قدرة هذه القوى على تنفيذ مخرجات الحوار التي من أهم بنودها نزع سلاح المليشيا ليبقى الحوثيون قوة سياسية مثل غيرهم والشروع في بناء الدولة ..