لو أن الحوثي قرأ التاريخ

2014/08/29 الساعة 08:40 مساءً

ماذا لو أن الحوثي قرأ تاريخ الجماعات المسلّحة في كل العالم؛ هل سيتخلّى عن صوت البندقية، أم سيظل مجرد ساعد وبندقية للإيجار؛ مرّة تستخدمه إيران ومرّة أمريكا ومرّة دول إقليمية لتصفية حساباتها مع الإخوان المسلمين..؟!.

 

لو أن رائد التنوير والتحديث ومكافح الظلاميين وقاتل التكفيريين، صاحب المؤهّلات العليا، والمتحدّث ثلاث لغات أجنبية، والبارع في العلاقات الدولية، والمحلّل السياسي، وصديق رفيقيه في الدراسة، البروفيسور برهان غليون، أستاذ العلاقات الدولية ورئيس مركز الشرق الأوسط في جامعة السوربون، والبروفيسور غسان سلامة، أستاذ العلوم السياسية في السوربون والمتحدّث بأربع لغات عالمية، والرجل الوحيد الذي اعتمدت عليه الأمم المتحدة في إقناع السيستاني، وطلبت منه أيضاً أن يوافق على العمل أميناً عاماً مساعداً للأمين العام للأمم المتحدة، الرفيقين غليون وسلامة تركا ثالثهما المثقّف المتنوّر عبدالملك الحوثي يتغوّل في كهوف صعدة، ولا يجيد غير لغة الدم والقتل، ويناضل تحت شعار الكلمة الأولى فيه: “الموت” والكلمتان الثانية والثالثة: “اللعنة” شعار ليس فيه كلمة “تنمية” ولا “إدارة” ولا “اقتصاد” ولا “رؤية” ولا “بصر” ولا “بصيرة”..!!.

 

ليس هو الحالة المزرية المضحكة، بل المثقّفون المستكينون في جوار رحمته، خاصة رفاقنا اليساريين والقوميين المستظلين تحت دولاراته، يبرّرون لأفعاله مهما قوّضت مشروعية الدولة وأدخلت البلاد في دوامة حرب أهلية طويلة الأمد، والشجاع منهم يكتب عن البغيضين: “الإصلاحوثي” مصطلح سفيه العقل؛ إذ مهما اختلفنا مع حزب الإصلاح الإقصائي الغبي، إلا أنه يظل حزباً سياسياً مدنياً قابلاً للتفاوض والنقاش، قابلاً للهزائم السياسية، وبالإمكان أن أواجهه شعبياً وسياسياً... في دورة 2003م البرلمانية وجّه صالح ضربة سياسية موجعة للإصلاح، وانتزع 231 دائرة برلمانية من أصل 301، ومهما كانت الملاحظات على الأساليب والسياسات التي اعتمدها صالح إلا أنها سلوك مدني لا يقتل أو يدمّر أو يقوّض الدولة.

 

لو أن رائد التنوير “سيد حوثي” قرأ تاريخ جماعات العنف لتوقّف عن غروره الجامح، وعرف أن العنف يأخذ دورته الاعتيادية الكاملة ثم ينتهي، ماذا فعل التتار قديماً، وماذا فعلت طالبان في أفغانستان أو حركة شباب المجاهدين في الصومال، لا شيء غير العنف، ثم تنتهي محمّلة بالثأر والهزائم بعد أن نسفت الوطن والناس.في كل التاريخ الإنساني جماعات العنف لا تحقّق هدفاً ولا تبني وطناً، تظلُّ جماعات تستمرئ القتال ومتعطشة للدماء، وتخلق أكبر قدرٍ ممكن من الثأرات والخصومات، ثم تنشق فيما بينها، وتتقاتل ثم تنتهي!!.

 

اليمن بلد متداخل التركيب وفيه عادات وتقاليد وقبائل وأعراف وسياسة وأحزاب، يجعل من الصعب على جماعة مسلّحة أن تحكم، ولن يحكم هذا البلد غير صوت العقل والشراكة السياسية والمجتمعية، ومظاهرات الأمس في كل اليمن كانت رسالة واضحة المضمون والدلالة للحوثيين، ومسنودة بموقف صلب من المجتمع الدولي.