فكري قاسم
لما تفطم الأم مولودها تضع في فمه "الرضَّاعة". ولما تفطمه عن الرضّاعة بعد حين, تضع في فمه بدلاً عنها مصاصة بلاستيكية صغيرة وفارغة, نسميها في عديد مدن يمنية "الكذَّابة". بالتأكيد أغلبنا رضع "الكذابة"، وربما - لهذا السبب - كثر الكذابون في البلد. على أن ذكرياتنا مع "الكذابة" لا تختلف كثيراً عن ذكرياتنا مع الحكومات اليمنية المتعاقبة، كلها وعدتنا بالجـِنان، وماشفنا إلا الجُنان، وقالوا في المثل جنان يخارجك ولا عقل يحنبك . ذكرياتنا مع الكذابة لا تختلف أيضا عن ذكرياتنا مع البرلمان حيث غالبية أعضاء البرلمان "الطاعن في السن" يحتاجون سريعا إلى عملية "فطام" خصوصا وقد خرطوا الحولين الكاملين وهم مازالوا على عادتهم يرضعون الكذابة، ومقتنعون بأنهم يرضعون الشرعية من ثدي برلمان عجوز. ذكرياتنا مع الكذابة تشبه كثيرا ذكرياتنا مع الأحزاب السياسية، وفي 11 فبراير تحديدا لعبت أحزاب اللقاء المشترك دور المربيات السيريلانكيات .. أدخلوا الثورة إلى الحضانات، ورضع "الإصلاح" ثدييها لوحده حولين كاملين للطرف. ذكرياتنا مع الكذابة لا تختلف كثيرا عن ذكرياتنا مع الحوثيين أيضا. الجماعة وضعوا " الجرعة" في أفواهنا كـ "كذابة" شديدة المفعول وشفناهم وهم يرضعون المعسكرات وشاهدنا أنصارهم الحداثيين وهم يقومون بدور المربيات السيريلانكيات، وكلما استيقظ أحدنا وقال لهم: طيب أين حقنا الدولة.. وأين الدولة المدنية؟ يطرحونا في "هندول الجرعة" ويهزهزونا داخله وهم يهزجون: أوو أوو أوآآه يامدنية .ولا أعرف متى سيخرج الناس ليصرخوا من قلوبهم: الشعب يريد إسقاط الكذابة.