قادت الحركة الحوثية ما يمكن ان نسميها ثورة21 سبتمبر لإسقاط حكومة الوفاق والمطالبة بتشكيل حكومة جديدة،والآن فقط وبعد مرور شهر ونيف من اتفاق السلم والشراكة تعلن الحركة الحوثية عدم مشاركتها في حكومة خالد بحاح الذي رشحته الحركة ليكون رئيسا للوزراء بذريعة أن الحكومة لم تختار اعضائها على أساس الكفاءة وإنما المحاصصة، وفي الوقت نفسه تسارع الحركة الحوثية الخطى في قضم مناطق ومحافظات جديدة بعد صعدة وعمران وصنعاء وذمار دخلت إلى إب والحديدة وحاولت الدخول إلى تعز غير أنها صدت من قبل قائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء محمود الصبيحي الذي حذر الحركة من دخول تعز وتكفل بحمايتها أمنيا ومن هذا المنطلق يمكن القول أن عدم مشاركة الحوثيين في الحكومة لن يمنعهم من التحكم بها والوصاية عليها كونهم يسيطرون على المؤسسات وعلى إدارة الأمن في العاصمة ولم يعلنوا برنامجا زمنيا بعد لانسحابهم منها.
المدهش في المشهد اليمني هو تناقض القوى السياسية فهي تقول ما لا تفعل وتفعل على عكس ما تقول الأمر الذي احال الواقع اليمني إلى أشبه بفوضى عارمة على مختلف الأصعدة، ولم يستطيع المتابع والمراقب التمييز بين الغث والثمين في العملية السياسية، فلا يوجد هناك ما هو ثمين للمراهنة عليه وما هو موجود غث لا يرقى لمستوى إدارة الدولة وشئون الناس، إذ أن القوى السياسية لم تستطع أن تقدم نفسها للداخل باعتبارها قوى فاعلة ولا للخارج باعتبارها قوى صادقة يعتمد عليها بل ظلت تراوح مكانها في الكذب والخديعة والمكر وتدمير البلاد وتسليمه للمجهول.
اليمن إلى أين؟ سؤال عميق ما يزال منذ تحققت الوحدة اليمنية قبل ربع قرن يبحث عن إجابة في الوقت الذي كان يفترض فيه ان يكون السؤال :ما هي خططنا ومشاريعنا للعام القادم 2015 ؟ على اعتبار اننا نفذنا خطط ومشاريع العام الماضي بنجاح تام في سلم التطور والتقدم.
الخارج الذي يساهم في العبث والتخلف الذي تشهده اليمن وجد قوى سياسية يمنية لديها قابلية كبيرة للخيانة وبيع البلاد والشعب في سوق النخاسة دون وازع من ضمير ومات لديها الإحساس بالمسؤولية، فتحولت إلى كرات لهب تتقاذف بها دول الإقليم لتحرق اليمن من جنوبه إلى شماله ومن شرقه إلى غربه غير مدركين أن احتراق اليمن يعني احتراق المنطقة برمتها.
أحزاب اللقاء المشترك تضغط سياسيا وتهدد بالانسحاب من الحكومة اذا لم تحصل على ما يرضيها من حقائب وزارية لكنها لم تغضب ولم تهدد حينما كانت اليمن تغرق في الفوضى وتسيل فيها دماء الشهداء والجرحى، فهمي منذ العام 2011 وضعت على افواهها كمامات حتى لا تخسر مصالحها المتكونة بفعل حكومة الوفاق الفاشلة والفاسدة والمكونة من بضعت وزارات يقال أن وزراءها من أفشل وأفسد الوزراء إلا من رحم، ومع ذلك هي تطالب بالمزيد من الحصص القادمة في حكومة بحاح مع أنه كان يفترض بها تقديم موقف أخلاقي وترفض المشاركة في الحكومة الجديدة باعتبارها أحزاب ساقطة أسقطتها ثورة 21 سبتمبر ولم تعد صالحه للعب أي دور مستقبلا وتتيح الفرصة أمام القوى الجديدة المتكونة بفعل الثورة الشعبية جنوبا وشمالا.
تحتاج اليمن لثورات وثورات عديدة..ففي الجنوب ثورة شعبية هي في أمس الحاجة اليوم إلى ثورة في داخلها توحد قياداتها وخطابها أو تستبدلهم بقيادات جدد ليكون لها خطاب موحد ورأس واحد تستطيع بذلك أن تخطوا خطوات صحيحة في خدمة القضية الجنوبية..وفي الشمال ثورات بحاجة لثورات أيضا لتحرير القوى السياسية من صراعاتها العقيمة أو إزاحتها من المشهد وإنقاذ البلد من شبح الحرب الأهلية وإعادة الاعتبار لليمن في ظل دولة اتحادية جديدة تلبي تطلعات اليمنيين في العدالة والمساواة والكرامة.
الميدان مهيأ لقوى جديدة وشابه لتخرج إلى السطح لتقول لا للعبث لا للخراب والدمار نعم للمصالحة نعم ليمن جديد وقوي يرعى مصالح شعبه.
وحتى لا نظل نردد اليمن إلى أين؟ على القوى المجتمعية والشبابية أن تبادر بناء على مشروعات جديدة تستهوي الناس وتقودهم إلى الخلاص،خلاص اليمن مما هو فيه.