عندما تغيب الحقيقة أو يخبو ضوئها الساطع يفصح لسان الانتهازيين ويتحدث الدجالون وينُظر الجهلة وتستمع للنصائح من المتآمرين والمخربين هناء يتوه البسطاء في وحل من الانتهازية والمصالح ويتعرضون للتشويش والتغرير والجهل والتشكيك عندما لا يتبين الناس صدق أو كذب محدثيهم , يتحول الأمر من اليقين إلى الظن , ولا يتبقى للفرد سوى أن يتمسك حينها عند معاملته لإخوانه بحسن الظن .
ففي هذه الأيام التي نحياها يقتات كثير من المحللين والسياسيين وخطاب الباطل على اختلاق كلمات أو مواقف وتفسير بنود لخدمة أسيادهم أو يجتزئون بعض كلمات ويخرجونها عن سياقها , أو يستدلون بها في غير موضعها , للتفريق بين الأمة ولإشاعة الخلاف بينهم , ولهذا يجب على الفرد منا أن ينتبه ويبحث عن الحقائق وبراهينها ولا يهتم للصوت العالي والمحرض والكلمات المنمقة التي تذر سما خطيرا على الوطن وأمنه حتى ينجو المجتمع والوطن كله من الآثار السيئة التي يتعمد الانتهازيون بثها فينا .
بغياب الحقائق تغيب المصداقية ويبرز لنا الانتهازيون كصوت عالي يخلطون الأوراق ويشوهون المواقف ويزورون الحقائق ويقدمون أنفسهم بصفات الوطنية والمدافعين عن المظلومين وإنهم صوت الشعب وضمير ألامه فالانتهازي لاعب ماهر يجيد كل الأدوار ، يكرس قلمه لمنافعه الشخصية ، و هو يخاطب الجماهير معتمدا على قناعاته هو أفضل من يقوم بتزييف الحقيقة ، و يقوم بدور هام و خطير في خداع و تضليل السياسي حيث أنه يزيف الواقع برمته مقابل مصالح شخصية و يضحي بالمصالح الإستراتيجية للأمة و الوطن في سبيل تحقيق مصالحه الذاتية بأي ثمن حتى وان كان تقديم الوطن والجماهير كقرابين بريئة أو على حساب كدح الآخرين أو الإضرار بهم فهذا هي الانتكاس في حماة الانتهازية الدنيئة .
والانتهازية بهذا المفهوم السلبي تتطابق ونظرة الفيلسوف الإنجليزي توماس هويز – صاحب المدرسة النفعية – للإنسان، حيث يصوره بأنه ذئب يتربص بأخيه الإنسان ليفتك به، فهو يسعى دائماً للحصول على القوة ليقهر بها الآخرين، وهنا ينشأ الصراع لفرض السيطرة وإشباع الرغبات، وإذا افتقر إلى القوة الكافية لجأ إلى الحيلة والمكر والدهاء والخديعة لكي يقهر غيره، مما يجعلها تتناغم مع الضلالات التي تنظر للعلاقات بين الأفراد والشعوب والأمم بأنها قائمة على الصراع المستند على منطق: "البقاء للأقوى"
البعض تخدعه المظاهر فيطمئن للمثقفين والمفكرين لا يعرف ان بعضهم يمكن ان يكون انتهازي لأن المثقفين في الوسط المتخلف يلجا بعظهم لاستغلال ثقافته لتحقيق مآربهم الشخصية .
من صفات الانتهازي انه عابد للذات والمال والجاه ولا يقيم وزنا للقيم اذا تحدث كذب واذا وعد اخلف واذا أتمن خان واذا خاصم فجر ليس في معجمه إلا لفظ الأنا وهم بهذه الصفات معرفون خانوا الوطن وداسوا على مقدرات ألامه وكدسوا الأموال وسطوا عل الأرض والثروة كل وعودهم في ما مضى كانت سراب وينتجون عكس أقوالهم فهل ممكن أن يخفون أنفسهم عن أمه تجرعت مرارتهم وتألمت من ظلمهم وجاعت من شبعهم وأفقرت من غنائهم .
نحن في هذا الوطن شماله وجنوبه ضحايا الانتهازية كلما ثارت الجماهير تجد الانتهازيين ينشطون أما أن يتسلقون الثورة وينطقون بما تقول وهم من داخلها ينخرون وأما أنهم يصطفون مع أعداء ألامه قوى الظلم والاستبداد والفساد فيحتشدون معهم في حشودهم ويستخدمونهم كأدوات تخريب وتدمير وإعاقة لكل فعل ثوري أو هدف جميل يخدم الوطن وآلامه .
الانتهازيون ينشطون في الساحة التي تغيب فيها الحقائق والمصداقية وعلينا ان نقتلهم في خلق واقع فيه الحقيقة متاحة والمصداقية هي السائدة وذلك بخطاب عام صادق هو الخطاب الخالي من المغالطات والمكايدة والمناورات السلبية
ولا يمكن أن يكون الخطاب صادقا إلى إذا استند على المنطق السليم لأنة معيار للحقائق .
والحقائق هي الصدق في تعارضه مع الكذب وهي الواقع في تعارضه مع الوهم والحقيقة هي الحدث التي تؤكد وجودة الدلائل المادية بدونها يصبح زيفا ومهما كانت مررتها فهي أساس العدل والبناء وإصلاح الأحوال وذات البين وباستنادنا عليها نبني مواقف صحيحة ومتينة .
وعندما نصل إلى كشف حقائق طبيعة معانات الناس نتمكن من الوصول إلى سبل صحيحة وقادرة على إيقاف معاناتهم والعكس صحيح
لهذا أرى ان نجتهد أولا في البحث والوصول للحقائق المؤكدة بالدلائل المادية الضرورية ونستند عليها في مناقشة قضايانا ومشاكلنا وأطروحات مشاريعنا حتى نصل بإذن الله للحلول الصحيحة لان الحقائق هي التي تنصر الحق وتهزم الباطل مهما كانت قوته
احمد ناصر حميدان