كل الإرهاصات التي تحدث اليوم على الساحة هي صراع بين قناعات وطنية لتغيير واقع لم يلبي طموحات وأمال الجماهير بل زادهم معانات وألام وهموم وشطر المجتمع إلى قوى طفيلية مستفيدة من واقع الفوضى والخراب وغياب النظام والقانون وبين جماهير مغلوبة على أمرها ومطحونة بين تلك الطفيليات وغول الفساد الذي يلتهم الأخضر واليابس في زمن غيبوا النظام والقانون تلك الإرهاصات يمكن وصفها مقاومة الماضي للحاضر لولوج للمستقبل وهو بما يعني التغيير المنشود .
اليوم صراع بين قوى التغيير الشابة الطموحة للمستقبل من تحمل مشروع الدولة المعاق في الوطن منذ نصف قرن ومعها القوى النيرة من ترفض العنف وسلاحها الفكر والكلمة الصادقة التي تبحث عن العدل والإنصاف والحرية وبين قوى الماضي الرافضة للتغيير وفارضة نفسها على الواقع تشوهه بأفكارها الممزوجة بالمغالطات والأكاذيب وتروج للأوهام التي كانت تعلنها في شعاراتها وخطابها السياسي للاستهلاك وتتلاشى بمجرد الوصول للمصلحة والهدف الخاص المعد مسبقا أنها ذات القوى التي يراد تحرير الوطن من مخالبها .
ولا حل أمامنا في وطن أنهكته المصالح ويتجاذبه الانتهازيون وجاثم علية الاستبداد الظلم والتخلف والجهل يمتص رحيقه لصوص وناهبي الثروة الفاسدين والمفسدين على مدى 33 عاما بكل صورهم القبيحة التي يجملونها اليوم لكن قبحها من الصعب محوه أذا لا حل بغير التغيير الحقيقي للسياسات والأدوات
كما يقول العالم وليام جيمس :
"إن أعظم اكتشاف لجيلي، هو أن الإنسان يمكن أن يغير حياته ، إذا ما استطاع أن يغير اتجاهاته العقلية "
يعني أن ترى بوضوح أين توجد الآن وفي هذه اللحظة.
لا تخفِ نفسك بعيدًا عن الحقيقة الراهنة، فإذا كانت هناك بعض المظاهر التي لا تعجبك، فبوسعك أن تبدأ بتخطيط كيفية تغييرها، لكنك لو تظاهرت بعدم وجودها فلن تقوم بتغييرها أبدًا، ولذا فكن صريحًا مع نفسك منصفًا في رؤيتك لها على وضعها الحالي.
لا تسمح للماضي أن ينغص عليك الحاضر.استفد من أخطائك و تجاربك السابقة و لكن لا تتركها ترسم لك مستقبلك بل املك أنت زمام أمرك.
إن الماضي بنك للمعلومات يمكنك أن تتعلم منه الكثير ، لكنه ليس بالشرك الذي يسقطك في داخله فلن تستطيع انجاز التغيير بل تظل تراوح في مشاكلك وتصنع معضلاتك ويبقى الماضي جاثم عليك وقائدك وتسير في خطاه .
عندما نعلنها ثورة أي تغيير لواقعنا المزري هذا التغيير بحاجة لأدواته القادرة على انجازه والمستوعبة لأهدافه لا مجال لقوى الماضي التي ترفض التغيير سلوكا وفكرا ومبدأ مهما أعلنته شعار للاستهلاك فقد برهن ماضيه مصداقيتها اتجاه التغيير لا مجال لتبرير فشلهم في بناء وطن ورمي الكرة لمرمى الأخر أنهم جميعا صغيرهم وكبيرهم شركاء فيما حدث .
الإيمان بوطن يستوعب الجميع كشركاء لا يعني أن يستمر الماضي بأدواته ويبقى جاثما معيقا للتغيير بل لابد للتغيير ان يصنع أدواته القادرة على شق طريق صحيح لتغيير حقيقي واهم أداة من أدوات التغيير هي الجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية للتغيير وعليها ان تدافع بشدة على مصالحها وتتحرر من قوى الماضي وان لا تسمح لها بالتغلغل بالوسط الثوري لتعيق أهداف الثورة وبناء الدولة .
أن سيناريو{ حيا بهم } في الشمال يتكرر اليوم في الجنوب صارت الساحة مسرح لإعادة إنتاج قاذورات الماضي بل لتصفية حسابات وضرب مشاريع وطنية قد تم حسمها باردة شعبية اليوم تطرح على الساحة لتعيد الوطن لما قبل ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين لست مع الإقصاء ولكني مع التغيير للأفضل ولست مع من يرفض ان يتغير ولا يؤمن بالتغيير وبناء الدولة العادلة والحرية والمساواة وخوفي ممن يهربون من الثورة لداخلها لا ليحموها وينموها بل ليعيقوها وينخروها من الداخل .
صراعاتنا تنتجها رموز الماضي التي تحمل مشاريع تدميرية رفضتها جماهير الأمس وتصدت لها بقوة اليوم تتوهم ان الفرصة سانحة لتحقيقها وكذلك قوى كانت أدوات التخريب والتدمير والنهب والتسلط واليوم هي في الزخم الثوري لتواصل مشوار هدم الثورة حتى لا تحاسب على كل جرائمها لأنها كانت ولا زالت شريكه في التدمير والنهب هي من شرعت وبصمت لكل ما حدث وفق مؤسسات دستوريه أفرغتها من محتواها وحولتها لمؤسسات ومنظمات بيد الحاكم الغاشم فدمر وطن ونهب ثروة واستباح امة فرمى لهم الفتات واليوم يلتحقون بثورة هذا الشعب لعنتي عليهم هم لا يخجلون و ببلاهتهم متشبثّون و في الخطيئة قابعون لثورتنا يعيقون والله يستر على وطن كلما ثار واستقام لينهض سمموه وأعاقوه و أركعوه
احمد ناصر حميدان