إن الأعمال الإجرامية التي ارتكبت في عدن المدينة المسالمة في 30 من نوفمبر بحق شباب الثورة الجنوبية الأبرار الذين لا ذنب لهم سوى أنهم أرادوا التحرر من مظالم ومآسي الماضي الذي انتهكت فيه كرامتهم وحرموا من ابسط حقوقهم الإنسانية من حياه كريمة وحرية ومساواة وعدالة اجتماعية في ابسط صورها توفير الفرص العادلة في التعليم والتوظيف والتطبيب والمساهمة الفاعلة في الحياة العامة سياسية كانت أو تنموية كل حسب قدراته وإمكانياته العلمية والعملية دون محسوبية أو تمايز طبقي أو عرقي أو جهوي وحق تقرير المصير او حتى استعادة الدولة .
واعتقد أن هذه الجريمة عار في جبين الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة التي يفترض أن تتفهم الزخم الثوري الجنوبي الحاصل ولا اعتقد أن هناك احد لم يستوعب بعد القضية الجنوبية بعد كل هذه الملائين التي خرجت وتخرج تنادي بالحرية والكرامة والعزة وتقرير المصير انه حق كفلته كل الدساتير والقوانين والمواثيق الدولية مهما اختلفنا او اتفقنا معهم في أسلوب الحل لكننا نضل متفقين في جوهر القضية ولا نبرا القوى السياسية الجنوبية أحزاب وحراك بكل أطيافهم السياسية الذين يتوجب عليهم أن يلتفوا حول قضيتهم بتآزر وتوحيد الجهود متجاوزين الماضي بكل صراعاته ومآسيه والتئام الجروح وإحداث توازن وتقارب الرؤى للانتصار لقضاياهم العادلة وإخراج الأمة من أزمتها نحو بناء الدولة المدنية المنشودة بالصيغة التي يرتضيها الجميع على أساس التوافق والاتفاق وضمان حق الكل بصورة عادلة ومتساوية بما لا يميل فرض رؤية طرف أو فكره أو سياسته أو فلسفته وإيمانه واعتقاده على الآخر.. إن الوطن وبأي صيغة يرتضيها الكل دولة اتحادية أو انفصالية بحاجة لناس يعشون في كنفه وفق العقد المشروط بالتوافق الإنساني المتفق عليه مسبقا بما لا يكون فيه لا إكراه ولا إجبار ولا قسر ولا طغيان طرف على آخر ولو بمثقال ذرة.
ان الجريمة البشعــة المرتــكبة بحق شبابـنا الأبرياء بمبرر رفع علم الجنوب لا يستوعبه عقل ولا منطق فقد رفعت رايات الجنوب فوق كل المرافق والمدارس بأسس سلمية ورفع العلم في كل مكان في ارض الجنوب وهو تعبير عن حقهم في استعادة دولتهم بشرط السلمية الذي توفرت وعار ان تواجه سلميتهم بإطلاق النار وقتل الأبرياء و بأي حق تزهق هذه الأنفس البريئة .كل مبررات القتلة تسقط عند استهداف الأبرياء العزل من السلاح بينما في شمال الوطن مليشيات اجتاحت المدن والمؤسسات ونهبت السلاح وقتلت واستباحت وتم مواجهتها بسلمية بل بتسليم منطق التعامل بمكيالين وسياستين وكان الجنوب لا حق له ان ينتفض او يطالب بحقوقه والمؤسف ان ترتكب هذه الجريمة بعد ساعات من خطاب الأخ الرئيس خطاب وطني رزين وعقلاني يخاطب العقل والضمير والروح الوطنية خطاب كان ورقة عمل للقوى السياسية لتنهج بناء الدولة المفقودة خطاب أشار فيه للوجع والألم الذي يوجه الوطن وطالب بتلاحم الجهود لتجاوزه .
وجريمة 30 من نوفمبر الدامية في عدن وقبلها ما حدث في الضالع وحضرموت نتاج هذا التصرف الأرعن من القائمين على الأمن والسلطة المحلية التي لازالت بعضها من رواسب الماضي وتبادله الوفاء وتطيعه ولا يستبعد ان تكون تهدف لضرب الرئيس في خاصرته الجنوبية وأحيانا أعمالنا واختياراتنا وتحريضنا خارج التوافق والاتفاق والإجماع يؤدي لتصرفات طائشة وقودها شباب بري يشع أمل وطموح في غدا مشرق .. كما قال سقراط بالفكرة يستطيع الإنسان أن يجعل عالمه من الورود أو من الشوك.
نطالب الرئيس والحكومة بالتحقيق العادل ومحاسبة المتسببين ونصاف الضحايا وان لا تكون هذه القضية كغيرها من القضايا التي لم تكشف خباياها وعلى كل القوى السياسية والوطنية ومنظمات المجتمع المدني والجماهير في الشمال والجنوب معا ان يحددوا مواقف مشرفة اتجاه ما حدث ويعبروا عن غضبهم في ذلك وفق سلمية التعبير وإنها لثورة سلمية حتى تتحقق أهدافها مهما حاولوا حرفها عن سلميتها .
ورسالتي لأبنائي شباب الجنوب الأحرار أصحاب المصلحة الحقيقية في المستقبل المنشود عليكم التحرر من الماضي ورموزه التي لم تستوعب متغيرات الحاضر وتصر على جركم إلى صراعات الماضي وماسيه وتدفعكم لأن تكونوا وقوداً لتنفيذ أوهامها وتصفية أحقادها وصراعاتها السلبية ضد بعض. وعليكم النظر للأمام في بناء الوطن والمستقبل الذي تطمحون متجاوزين الماضي بعلته ومآسيه وبتقاربكم من بعض حول رؤى مشتركة تجمعكم والابتعاد عن ما يفرقكم لتكون حياتكم كلها حباً وسعادة وازدهاراً وأدعو الله أن يجنبكم صراع المصالح والأحقاد وما مر علينا من صراعات وحروب كارثية والله الموفق.