حين يتطوع الضحية ليبرر للقاتل جرائمه وقتله كما حدث يوم الأحد الــ30نوفمبر في عدن يكون القتل عند القاتل أشبه بلعبة البلايستيشن مسلية لتمضية وقت ورتابة ساعات خدمة المناوبة, فتتبدل معها طرفي المعادلة ,فيصير الضحية جاني بإرادته والجاني ضحية ومعتدى عليه غصبا عنه ,وله حق مقاضاة الجثة وسجنها ومحاكمتها بعد ان أعتدت هذه الجثة المجرمة على رصاصة بندقيته المسالمة.
فماذا بقي للقتلة من مبررات القتل في بيناتهم المرتقبة وقد سبقها بهم أهل الضحايا الذين تطوعوا بسرعة الريح قبل ان يرتد طرف القاتل الى عينه؟, ومعظم تلك المبررات السمجة نابعة من مماحكات ومنابزات أنانية اقل ما يمكن وصفها بأنها وقحة سخيفة كسخف من لا يعي معنى حرمة الدماء والأرواح التي تزهق بدون حق ؟؟؟.
حين تسمع احدهم يتهم الشيخ بن شعيب بإنه قاد الشباب الى المحرقة وكأن السير سلميا بشوارع عدن اصبح ضربا من الانتحار, تشعر بالحسرة والاسى. سمعنا هذا الكلام في نفس الوقت الذي كان الشيخ بن شعيب ومعه جموع المتظاهرين بالمعلى يختنقون من شدة مفعول القنابل الدخانية الحارقة.!
يا جماعة حتى لو حدث فعلا تجاوز وخطأ بدعوة من البعض للخروج في مسيرة خارج الساحة فهذا لا يعني ان ننسى القتلة ونجعل من الخروج والخطأ الذي قد حدث جريمة اكبر من جريمة القتل, فالخروج بمسيرة سلمية ليس جريمة, بصرف النظر عن صواب أو خطأ خروجها او خطأ توقيتها أو مكان اتجاهها أو من تكون الجهة التي دعت لها , فالأولى ان ندين القتل ونقف بوجهه ونشهر هذه الجرائم أمام العالم بكل منظمته الحقوقية والانسانية ,ومن ثم الوقوف امام الخطأ وأصحاب المغامرات الصبيانية. ولا نجعل الحجة على الضحايا ونلتمس العذر للقتل. فالقتل هو قتل لا يمكن تبريره , ولا ننبغي ان نردد القول الفاسد:قتله الفئة الباغية التي اخرجته من الساحة, وننسى جُـرم وذنب القاتل. فهدم الكعبة أهون من قتل النفس التي حـرّم الله قتلها إلا بالحق, فمابالنا ونحن نتحدث عن (مبنى محافظة) كان الضحايا يحاولون رفع العلم الجنوبي فوق جدرانه.!
من المفارقة المؤلمة ان متظاهرا جنوبيا سقط بجولة السوزوكي بالشيخ عثمان بنفس اليوم 30 نوفمبر برصاص جنود الجيش وهو عابر طريق بحجة انه تلفظ عليهم بألفاظ سيئة, ولم يلق الجنوبيون الذين برروا القتل بالمعلى أي لوم على القتلة بجولة السوزوكي.!!!
يا حضرات حتى قطّـاع الطريق ومدمرو أعمدة الكهرباء وناسفو انابيب النفط هناك حين يقتلوا من رصاص الجيش نسمع أهاليهم يحمّـلون الجيش المسؤولية ويتوعدوهم بالانتقام لأنهم قتلوا (عصافير الجنة ), ولا نسمع من يبرر للقاتل قتلهم.
المفارقة ان تعلن كثير من الفضائيات العربية والاجنبية وغيرها من وسائل الاعلام العربية والعالمية عن قمع المسيرة وتشير بأصابع الاتهام صراحة لأجهزة الامن اليمنية, ونسمع من بعض الجنوبيين كلام مغاير بثير القرف والغثيان وهم يبرئون ساحة القاتل, يحملون الضحية المسئولية., ومن المؤسف ايضا ان يظهر صحفي شمالي إصلاحي مثل علي الجرادي يشجب القتل بعدن الذي جرى يوم 30نوفمير ولا يلتمس للقتلة عذرا, ولم يلق باللائمة على المتظاهرين كما يفعل بعض الجنوبيين وهم يجلدون جثث قتلاهم, قائلا, علي الجرادي:
ما تقوم به السلطة في الجنوب محاولة الدفاع عن الوحدة بالقوة في حين قامت بتسليم الدولة لمجاميع مسلحة)، مشيرا الجرادي إلى أنها مفارقه ليس لها من تفسير سوى النظرة الدونية لأبناء الجنوب..السلطة مذعنه للقوة في صنعاء وتستخدم البندقية في عدن). انتهى كلام الجرادي.!
سيقول أحدهم ان قول الصحفي علي الجرادي ليس نابعا من حبه للجنوب وان له ولحزبه مآربا أخرى من ذلك.!!
حسنا لنفترض ذلك...ولكنه بكل الأحوال قال الحقيقة, ولم يقل المعادل راسا على عقب, وكثر الله خيره, وهذا ما يهمنا كضحايا. أما ما في الصدور من نوايا, فالله يعلَمُ خَائنةَ الأَعينِ وَما تُخفِي الصدورُ.
ورحم الله الشهداء.