التصالح والتسامح يعد من أهم المنجزات التي تحققت لشعب الجنوب خلال السنوات الماضية، بل كانت من أهم عوامل صمود الحراك وثباته وقوته وتجاوزه كل المؤامرات التي كانت تهدف الى تفتيته والقضاء عليه من خلال اللعب على وتر المناطقية، لكن شعب الجنوب استطاع افشال هذه المؤامرات في بدايتها بإعلانه مبدأ التصالح والتسامح الذي التف حولة شعب الجنوب بكل اطيافة .
استطاع شعب الجنوب وفي صورة معبرة من تحويل ذكرى 13 يناير من ذكرى مؤلمة وقاسية الى ذكرى حب يجددها كل عام في مهرجانات مليونية تقام في عدد من المدن الجنوبية .
اليوم في ظل كل هذه الظروف التي يعيشها الجنوب بشكل خاص والمنطقة بشكل عام يتوجب علينا تعميق مبدأ التصالح والتسامح بالمزيد من وحدة الصف والتعاضد وايجاد الحامل السياسي الجنوبي الذي يمثل كل الطيف الجنوبي ويجسد مبدأ التصالح والتسامح واقعاً على الأرض يقطف ثمارة الشعب الذي كان دائماً ضحية لكل خلافات الساسة الجنوبيين.
ان التصالح والتسامح كهدف سامي تعمق وترسخ بشكل حقيقي بين اوساط الشعب الجنوبي، لكن لم نراه واقعاً حقيقياً بين قيادات الحراك ولا سيما القيادات التاريخية التي كانت سبب في الماضي الأليم الذي عانى منه شعب الجنوب ودفع ثمنة باهضاً، حيث ظلت هذه القيادات تردد شعار التصالح والتسامح في خطاباتها وكلماتها ولكن لم تجسدة واقعاً على الأرض،و ظلت بعيداً عن واقع التصالح والتسامح وانعكس ذلك جلياً على الحراك الجنوبي وثورة الجنوب وسبب خلل كبير في القيادة الجنوبية انعكس سلباً على العمل الجنوبي المشترك وهو ما ساهم بشكل ملحوظ في تأخر ثورتنا .
لقد بات جلياً وواضحاً ان الخلاف في الرأس عكس نفسه على الجسد الجنوبي ككل من خلال عدم وجود عمل مؤسسي حقيقي يقود الحراك وينظم فعالياته ويتواصل مع دول الاقليم والعالم، لذلك وفي الفترة الاخيرة بدأنا نسمع أصوات نشاز هدفها المس بمبدأ التصالح والتسامح بشكل رئيسي كمدخل لإيجاد ثغرة يتم الدخول منها لتفتيت شعب الجنوب وتقسيمة وتمزيقة، وبالتالي ايجاد بؤرة صراع جديدة في جنوب اليمن خصوصاً بعد فشل خلط الاوراق من خلال تنظيم القاعدة وانحساره في المناطق الجنوبية .
ان شعب الجنوب قدم كل ما عنده من أجل تعميق مفهوم التصالح والتسامح وزحف الى عدن والمكلا في مليونيات متعددة وتعانقت أبين مع لحج وشبوة وحضرموت مع عدن في لوحة شعبية جميلة عكست وحدة الشعب الجنوبي وتجاوزه كل خلافات الماضي .
اليوم بات على القيادات التاريخية ان تعلن تصالحها وتسامحها الحقيقي وان ترتقي الى مطالب شعب الجنوب، لأن الماضي الأليم لم يصنعه الشعب ولكن القيادات التي كانت تحكم، وعلى هذه القيادات الأن ودون تأخير اعلان تصالحها وتسامحها ليس في الخطابات والبيانات ولكن من خلال لقاء يجمعها ويتم الاتفاق فيه على قيادة موحدة تمثل شعب الجنوب وقبل ذلك تقديم الاعتذار للشعب الجنوبي ليس فقط عن اخطاء الماضي بل واخطاء الحاضر التي رافقت الحراك منذُ 2007 .
* رئيس تحرير صحيفة وموقع يافع نيوز