شراكة أم شِـرْكة!

2015/01/21 الساعة 11:28 مساءً

الشراكة لا تكون إلا بين أطراف متكافئة وتمتلك ذات الأدوات وتمارس نفس اللعبة، ولذا يصبح الحديث عن الشراكة بين الحوثي والأطراف السياسية ضربا من السخف والخيال إذ أن أسبابها منتفية، وعليه إما أن تتسلح الأحزاب أو يتسيس الحوثي حتى يتحقق مبدأ الشراكة.

 

من يظن أن الفرصة سانحة لفرض شروطه وإملاءاته تحت ضغط القوة وتهديد السلاح فهو واهم وحالم وعليه أن يرجع قليلا الى الوراء ليدرك أن نظام صالح الذي اجتمعت له أسباب القوة أكثر من غيره عجز عن حسم المشهد لصالحه.

 

على الحوثي أن يراجع نمو وتطور حركته خلال العقد الماضي وان يتعظ من أحداثها، حينها سيدرك ان القوى التي كانت ترفض الشراكة معه وبعضها كانت تحاول القضاء عليه فشلت في ذلك لسبب بسيط فقط وهو انه ليس بإمكان أي طرف او مكون أن يحكم اليمن منفردا حتى وان امتلك كل أسباب القوة بيده.

 

عليه ان يدرك ايضا ان الأطراف التي كان يطالبها بالشراكة هي ذاتها التي وقعت على اتفاق السلم والشراكة الذي قبلته كأمر واقع فرضه الحوثي بقوة السلاح بعد سقوط صنعاء في سبتمبر الماضي.

 

يتحمل الحوثي بحكم الأمر الواقع المسؤولية الأخلاقية في تحقيق مبدأ الشراكة ليس كما يفهمها هو أو تكشف عنها حركة لجانه الثورية وميليشياته او بما يخدم رغباته وطموحاته وإنما وفقا للاتفاقات الموقعة وبما يخدم الإجماع الوطني ويندرج في سياقه.

 

في هذه الحالة فقط سيثبت الحوثي أنه حالة وطنية خالصة وأن قراره مستقل ولا يخضع لإملاءات خارجية كما يصفه أغلب المراقبين والمهتمين، لدى الحوثي فرصة تاريخية ليثبت وطنيته وانتمائه لليمن وأنه ليس حالة طائفية، وهي أيضا فرصة ليتحول الى رقم يصعب تجاوزه بتحشيد الحالة الوطنية وحماية اليمن من التفكك والتمزق والحيلولة دون انزلاق البلاد في أتون الحرب الأهلية التي تلوح بوادرها في الأفق.

 

الكرة في ملعب الحوثي وهو الذي سيحدد مسار الأحداث وتطوراتها وعليه أن يدرك التعقيدات الداخلية وتشابكاتها، وكذا التعقيدات الإقليمية وحساسية الصراع القائم في المنطقة حتى يساهم في تجنيب اليمن مآلات الصراعات والحروب بالوكالة التي لا طائل منها.

 

عليه أن أن يدرك أيضا أن إيران لا يهمها سوى مصالحها في المنطقة وأنها حين تدعم هذا الطرف أو ذاك فليس من أجل سواد عيونه أو حبا فيه وإنما لتحقيق النفوذ من خلاله حتى وإن اقتضى الأمر احراق ذلك الحليف واحراق البلد الذي ينتمي إليه.

 

لن يخدم الحوثي ويعزز من حضوره وشعبيته سوى إثبات وطنيته بمد يده للقوى الوطنية وانتشال اليمن من هذا الواقع الراكد.

 

لقد ضاق الشعب ذرعا بكل القوى السياسية وفقد الثقة في العمل السياسي برمته ولعل الجماهير اليمنية في هذه الظروف مهيأة أكثر من أي وقت مضى للاصطفاف مع أي طرف يحقق مصالحها وينتشلها من هذا الواقع المزري، ولذا فالغريق يتعلق بقشة كما يقول المثل وعلى الحوثي أن يثبت أنه ليس القشة ما لم فسيكون مصيره الغرق.

 

دعونا اذن نبني على اصرار وتكرار الحوثي مصطلح الشراكة والمطالبة بها في خطاباته وتصريحات قادة حركته ونقول له القرار بيدك وعليك أن تثبت أنها شراكة وليست شركة..