الناس معادن، وعند الشدائد تبرز أصالتهم، وينكشف زيفهم، وتعرف حقيقتهم. هناك من تجده يبرق لمعاناً وفي لحظة شدة يتضح صداه، وهناك من بريقه لامع في كل لحظة وموقف مهما كانت شدته فأصالته واضحة، يشار لها بالبنان. إنها المواقف الوطنية والثقافة والفكر التي تنير العقل والمبدأ الثابت الذي يناضل من أجله الوطن عشقه، والمواطن همه، لا تغيره الظروف ولا تصنع منه نسخة أخرى، بل هو من يقف ضد هذه الظروف ومن يناضل ليصنعها ليغيرها ليصلح اعوجاجها، إنه مناضل جسور وصامد صلب عنيد في مواقفه الوطنية، عملة صعبة لا تباع ولا تشترى وفي هذا الزمن الرديء وسقوط القيم والأخلاق لدى البعض، فيتجرؤون على التمادي مع مثل هذه القامات الشامخة، يتوهمون أنهم قادرون على إذلالها وإركاعها بالإقامة الجبرية، لكنهم صدموا أمام معدن أصيل وقامة عريقة وشامخة لا تركع ولا تذل لغير الله، لا تخيفها البندقية لأنها تحمل ثقافة أرقى وفكراً أنبل، وعزتها متأصلة، ليس مثلهم عزتهم بالبندقية وشجاعتهم بحملها، إذا فقدوها صاروا أذلاء خنوعين يفقدون الإحساس بالرجولة التي يطلقون عليها، هناك فرق بين من تربى عليها وغيب العقل وصارت البندقية جزءًا منه، بدونها لا يساوي شيئاً وبين من تربى على الحب والوفاء والسلام والوئام والمدنية كرئيس وزرائنا المناضل الكبير خالد محفوظ بحاح ومن معه من الشرفاء الصامدين في وجه العنف والتخلف والعنجهية. رجل أكاديمي كفؤ تربى وترعرع في عدن مدينة السلام والرقي، ثقافته وسلوكه مدني، أفكاره ورؤاه تنير الوطن، وطني المواقف، أصيل المبادئ، درس وتعلم في المعلا إحدى مدن عدن ذات التنوع الفكري والثقافي والاجتماعي ميناء البلد الأصيل عدن التي لا تسقط، بل سيماها الصمود، حتى في حربكم الظالمة ظلت عدن تقاوم من سقطوا، هم انتهازيو المراحل، هم قلة من أصحاب المصالح وحملة المباخر من يُقبلون الركب في معاشيق ويتسابقون للاستقبال في المطار للبحث عن فتات الحرام مقابل السكوت عن الجرائم والنهب والسطو، لكن ظلت عدن أصيلة كأبنائها الشرفاء، وبحاح ومن معه مثالاً وجزءًا من أصالة عدن، قبيلتهم الوطن، وعشيرتهم اليمن، لا يعرفون التمايز والتفرقة، استدعاهم البلد فلبوا النداء ليخدموه، ليساهموا في إخراجه مما هو فيه، حملوا مشروعاً وطنياً لا يقبلون العنف ولا يطيقون حمل السلاح، سلاحهم العقول والأفكار والرؤى، لا تخيفهم أسلحتكم أو ما نهبتمومه من سلاح كلصوص وخونة، هم أقسموا اليمين أن يكونوا مع الشرعية وصمدوا في موقفهم كصمود شمسان، من يعاقبونهم اليوم على هذه المواقف بالإقامة الجبرية، هم من يحملون البندقية والعنف وسيلتهم، شراذم التخلف والجهل إذا تركوا البندقية يرتجفون رعباً، جبناء في الأصل، رجولتهم هي البندقية، وشهامتهم سقطت في وحل التآمر وركب السيد، صعقتهم مواقف شرفائنا البطولية الرافضين للخضوع والاستسلام، وسيظلون خالدين في نفوس ووجدان الجماهير الأبية، جعلوا خصومهم أمامهم أقزاماً لا يساوون شيئاً يذكر، بل كقطعة جماد تنفذ ما يملى عليها، ستظل جريمتكم عاراً في جبينكم إلى يوم الدين، ومناضلونا المحجوزون في بيوتهم جبراً كل يوم يمر يزدادون شموخاً وعزة وشرفاً بمواقفهم الوطنية، يستحقون أن نقف معهم ونساندهم ضد جحافل العنف والهيمنة والتسلط، ولا نامت أعين الجبناء. الحرية لكم أيها الشرفاء، والوطن يعتلي شموخاً وعزة وشرفاً بمواقفكم الصامدة التي أبهرت الجميع، بمن فيهم الجبناء، قدمتم درساً نضالياً عسى أن يستوعبوه، ويعرفوا أن العنف لا تلين أمامه غير النفوس الضعيفة، وهو وسيلة الجبناء، أما العقول النيرة والنفوس الطاهرة من الخبث والحقد والضغائن فهي أقوى وأشد من أن تلين أمامكم، وأنتم مجرد كتل حاقدة ممتلئة بالكراهية والضغائن وأحقاد الماضي اللعين، فقدتم البوصلة وتسيرون إلى مصيركم المحتوم إلى مزبلة التاريخ، أنتم وحلفاؤكم أعداء الإنسانية والكرامة والعزة والشرف. اتركوا المناضلين ليبنوا لنا وطنا عزيزاً كريماً شامخاً، وعودوا إلى كهوفكم، ونظفوا عقولكم من شوائب حياة البداوة والتخلف والجهل التي تجاوزها العصر والمرحلة، واعلموا أنكم في القرن الـ21 الذي لا يقبل سلوككم وأساليبكم المشينة.