كثير ما كان الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي يحذر أبناء شعبه من قوى الشر التي كان يقول عنها في أكثر من خطاب له أنها لا تريد الخير لليمن؛ وتسعى إلى تحقيق أطماعها ولو كان ذلك على حساب دماء اليمنيين وأرواحهم. وفي الوقت الذي كان يطلق هادي تحذيراته المتكررة من قوى الشر ؛لم يكلف نفسه حينها ولو القيام بتنفيذ خطوة واحدة للتصدي لهذه القوى المخيفة بصفته رئيس البلد والمسؤول الأول عن الدفاع عنها وحماية شعبها. وكل ما كان يقوم به هادي مع تلك القوى هو تقديم التساهلات لها واتاحت لها الفرص في تنفيذ مخططاتها بحسب ما تريد بدءًا من دماج وصولاً إلى عمران واسقاط العاصمة صنعاء منتصف أواخر شهر سبتمبر من العام الماضي ، وهذا ما يؤكده العديد من المتابعين للشأن اليمني ،حتى وجد هادي نفسه محاصراً في منزله ومن تلك القوى نفسها التي طالما حذر منها مراراً في أكثر خطاباته. لا شك أن الرئيس عبدربه منصور هادي لديه نوايا صادقة تجاه الوطن والشعب ويسعى جاهداً في تحقيق هذه النوايا على الواقع ،إلا أنه لم يدرك بعد أن تحقيق مثل هذه النوايا بحاجة ماسة إلى مواقف حازمة تجاه كل من يقف عائقاً أمام تحقيقها ،وفي كثير من الأحيان كان يتطلب من الرئيس هادي أن يكون حازماً أمام العديد من المواقف وأن لا يسمح لجماعة أو فئة أن تقوم مقام الدولة أو يسمح لها بالتصرف وكأن بأيديها القوة والإدارة. وهذا ما لم يحدث بالفعل وذلك عندما تخلت الدولة بقيادة الرئيس هادي عن توفير الحماية لسلفيي دماج وكذلك لم تستطع الدولة إخضاع الطرفين المتصارعين في مناطق حاشد تحت سلطتها وإلزام الطرفين بالبنود المتفق عليها والمتمثلة بمخرجات الحوار الوطني والتقيد بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. ومما كان أشد على الدولة والرئيس هادي هو سقوط معسكر عمران بأيدي الحوثيين، وأياً كان مبرر سقوطه إلا أن هادي قد فشل في المحافظة على أحد الألوية العسكرية المهمة ،والذي شكل سقوطه بمثابة سقوط أولي للعاصمة صنعاء. وما يجعل الرئيس هادي متهاوناً أمام كل أحداث الصراع التي كانت تدور حوله ،ربما لأنه كان في اعتقاده يظن أنه ليس المستهدف الرئيس من هذا الصراع ،وأنه مجرد صراع بين قوى تريد تصفية الحسابات من بعضها البعض ،وأن كان ذلك صحيحاً من وجهة نظر الكثيرين من المتابعين للشأن اليمني ،إلا أن هادي استشعر مؤخراً أن لقوى الشر أطماعاً تفوق تصفية الحسابات والانتقام ، وذلك حين وجد نفسه محاطاً بعناصر هذه القوى ولم ينقذه منها سوى تدبير حيله ساعدته من الوصول إلى عدن. أخيراً... ماذا تبقى لهادي في مواجهة قوى الشر المخيفة؟ وأي من الأدوات يمكن أن يواجه بها هادي هذه القوى؟ هذا ما سننتظره في الأيام القادمة