الرئيس علي عبد الله صالح رئيس اليمن في العهد الجمهوري لمدة 33عاماً ،وهي مدة زمنية متناقضة تماماً مع أساسيات ومبادئ ومفاهيم النظام الجمهوري ،الذي يدًعي علي عبد الله صالح أنه أحد مؤسسيه والمدافعين عنه ،وأنه كان يقاوم أعداء النظام الجمهوري -الملكيين والرجعيين- بسلاحه البسيط وكسرة الخبز والبصل والماء، ورغم ذلك أنتصر عليهم بإيمانه بالله وإرادته القوية وإخلاصه للوطن والشعب .
ولو أننا عدنا إلى تاريخ اليمن في عهد الأئمة الزيديين لوجدنا أن التاريخ يقول إنه لا أحداً من الأئمة الزيديين قد حكم اليمن كتلك المدة الزمنية التي حكم بها علي عبدالله صالح اليمن في العهد الجمهوري.
ربما يكون الإمام يحيى بن حميد الدين هو الإمام الأكثر حكماً لليمن في العهد الملكي بحسب قراءتي للتاريخ ، إذ استمر حكم الإمام يحيى نحو 30 عاماً ،وهذا ما يعني أن الإمام يحيى حكم اليمن أقل من حكم علي عبد الله صالح .
وأياً كان طول سنوات حكم الإمام يحيى أو غيره من الأئمة إلا أن التاريخ والعقل الإنساني ربما أن يعذراه على ذلك من منطلق أن نظرية الحكم التي يستند إليها تتيح له البقاء حاكماً حتى يتنازل بإرادته الشخصية لمن يشاء من بعده أو يموت.
لكن علي عبد الله صالح لا عذر له على الإطلاق طالما وأن النظام الذي يقوم عليه في حكمه نظاماً جمهورياً يشترط وجود الديمقراطية والحرية والتبادل السلمي للسلطة.
وبعد كل تلك السنوات الطويلة التي أستمر فيها صالح رئيساً وحاكماً لليمن رأى أن خروج جماهير الشعب اليمني في ثورة 11 فبراير السلمية ضد نظامه والمطالبة برحيله عن الحكم تعدياً صارخاً في حقه وعلى الشرعية الدستورية والديمقراطية والدستور والقانون.
وفي الوقت الذي رحل معه "صالح" عن الحكم رحيلاً مشرفاً ضمن له الحفاظ على حياته وحقوقه التي هي في الحقيقة حقوق الشعب اليمن بأكمله ،إذ كان من المفترض عليه أن يكون عند حسن الوفاء لهذا الشعب الذي صبر على حكمه طيلة جيلاً كاملاً ،وتحمل نظام حكمه بكل ما فيه من فساد وظلم واستبداد وتنكيل ،والأهم من ذلك أن الشعب اليمني قد أعطاه الحصانة والحماية بعد أن سفك دمه ونهب أمواله على مدى ثلاثة عقود .
إلا أن علي عبد الله صالح لم يكن من صناع الإحسان والخير ومضى في طريق لم يكن من الضروري عليه أن يسلكها ،حيث ذهب بعد تنحيه عن سلطة الحكم في تسويق المؤامرات والتخطيط للخراب والتدمير والانتقام في سبيل الإضرار باليمن والانتقام من الشعب.
اليوم نرى علي عبد الله صالح كيف يعمل بعقلية - المراهق المغامر- في تدمير اليمن من خلال عبيده الذين يلهثون وراء المال والمناصب ويقف إلى جانب الطامعين والمتهورين سنداً لهم وعوناً ،لأجل إنهاك الوطن وتفتيت شعبه وهويته.
أليس من الأحرى بك يا علي أن تكون علياً كاسمك وتترفع عن الضغائن والأحقاد وسلوكيات الخداع والتآمر والانتقام؟
ألم يكن الأجدر بك أن تكون وفياً ولو بأقل نسبه لوطنك وشعبك ولأيام النضال الجمهوري وللجوع والخبز ورائحة البصل؟
ألا تعلم أن الحكم ليس منحة ربانية مؤبدة يختص بها أحد من عباده إلى آخر الزمن ،وأن الحكم لا يدوم ،وأن الأيام دول، وأن الحكم إلا لله، وأن التاريخ لا يرحم.
أتمنى منك يا علي وأنت من كنت في يوم ما رئيساً لي ،وكنت وما زلت أكن لك الاحترام والتقدير رغم كل الجروح التي صنعتها وتصنعها اليوم في ظهر هذا الوطن و جسد الشعب ،أن تفكر بعقلية الرجل الوطني المخلص المناضل ،لا بعقلية الرجل المستبد الطامع للأموال والجاه والسلطان.