جنيف السيئة السمعة، هاهي تُدخل اليمن الى قائمتها، لتدويل المشكلة اليمنية، وبدء دورانها حول نفسها، وكذلك اعادة تدوير الازمة، والوجوه و مسببات الصراع.
فوصول اليمن الى جنيف، لايعني بدء الحل، وانتهاء الحرب، بقدر ما يعلن عن المسار السياسي الموازي للعمل الحربي، والذي كان طيلة ثلاثة اشهر من عمر الحرب السعودية على اليمن يتم بسرية. والذي يعمل على تطويل عمر الحرب.
العلنية في المسار السياسي، جاء توقيتها لمزيد من الضغط الاعلامي السعودي لتنفيذ قرار مجلس الامن 2216 الذي يعني ضغطا على ايران، اكثر منه على الحوثيين.
فهو يفرض عدم امداد الحوثين بالسلاح من اي دولة، وتفتيش اي شحنات متجهة الى اليمن، وهو ما حدث مع البارجة الايرانية التي توجهت الى اليمن مؤخرا حاملة مساعدات غذائية.
كما ان هذه العلنية تسقط الالتزام تجاه الماساة اليمنية من قبل المجتمع الدولي، الالتزام بايجاد مخرج للازمة اليمنية، التي تحولت الى حرب اقليمية، وكذلك يوفر الغطاء الدولي لاطراف النزاع الداخلية لاستئناف الحوار بينهم، والذي لم يتوقف طيلة شهور الصراع،باشرافالاممالمتحدة.
اذا جنيف اليمن 1 ستعمل من اجل القرار 2216 ، وهو امر ضمنته مفاوضات مسقط، والتي على اساسها جاء القبول بجنيف، فقد قدم الحوثيون وعودا بالالتزام بالقرار والانسحاب من المدن التي استولوا عليها، والعودة الى حدود ما قبل سبتمر 2014
غير ان الامر يرتبط اساسا بتسليم الاسلحة، اي “نفوذ القوة”، وهنا سيظهر وجه المشكلة عاريا، فلا مشكلة في الانسحاب بقدر ما هو “لمن نسلم المدن والسلاح” لمن نسلم قوتنا!
هل لحكومة لا يعترف بها الحوثيون، ويرون ان سلطتها غير شرعية، ام الى حزب الاصلاح الاسلامي الذي يصنفه الحوثيون كخصوم لهم بانهم تكفيرون ويدعمون داعش، ام الى حلفاء السعودية التي شنت عدوانها عليهم.
وجود طرف وسيط، او حكومة متفق عليها ستكون هي الخطوة رقم واحد التي سيطالب بها الحوثيون الى جانب اصدار عفو رئاسي عنهم، وحصانة تضمن عدم ملاحقتهم، بمجرد تسليم المدن و السلاح.
واما فكرة حكومة متفق عليها فهي خطوة مبكرة، بالنسبة للحكومة اليمنية في الرياض، التي ترى نفسها السلطة الشرعية الوحيدة، والتي تشترط ان تكون الخطوة رقم واحد هي ،.. الانسحاب من المدن .
اذا تم الاعلان عن الذهاب الى جنيف اليمن دون شروط، لكنه في الحقيقه مشروط، و قائمة شروطه تتعارض مع بعضها، و تؤهل لسلسلة لقاءات جنيفيه متلاحقة، تدخل اليمن في متاهة المفاوضات التي تعقد لتزيد الخلاف، وتطيل عمر الازمة . و تؤكد استمرار الصراع على الارض، فمعارك كثيرة لم تحسم بعد وكل طرف يريد حسمها لصالحه.
فلو كان دعاة ومدعوا جنيف جادين في ايجاد حل، فان لا حل الا ببدء الاعداد لمرحلة الانتقال السياسي، بحكومة تستوعب كل الاطراف، واليها تسلم السلطة والمدن و السلاح، و كذلك ملف النزاع و المفاوضات اليمنية، الذي عليه ان يستكمل في صنعاء . بعيدا عن سيطرة الرياض وشروطها المسبقة، و ضغوط ايران وتطلعاتها المرعبة.