الانتصار الاستثنائي لأبطال المقاومة الشعبية في عدن قدم دفعات معنوية وفتح ثغور للنور في ليالي الحرب الحالكة، فهناك دالة حب بين الأرض والإنسان، وسيسجل التاريخ أن شباب عدن المدنيين العزل، اشتد أزرهم وقوي بأسهم وانتصروا لمدينتهم في وجه طغيان أقذر حركة عنصرية عرفها التاريخ اليمني.. حركة الحوثيين المليشياوية المسنودة بقوات صالح.
انتصار كالغيث، أروى النفوس المجدبة، فأهتزت وربت ونبت فيها الأمل.. عدن ستداوي جراحها وتنتصر لكرامتها، وستنفض عنها ركامات الرماد والخراب الذي خلفته مليشيا صالح والحوثي، وستعيد بناء نفسها، وبناء الإنسان فيها... ولن تغفر.
لن تغفر اليمن، ولن تغفر تعز والضالع ومأرب وصنعاء، والحديدة، وعدن.. وكل مدينة ستقف يوما مع أبنائها الخونة محاسبة ومعاقبة..
سأقتصر الحديث عن عدن لأنها أول المدن انتصارا، ويجب أن تفتح صفحة الحساب اليوم وليس غدا، مع كل من خان شرفه ووطنه وأهله.
مما لا يجب أن تنساه الذاكرة العدنية هو جرائم الحوثي وصالح الذين خرجوا من كهوف التخلف ومزابل التاريخ ليملأوا الأرض ظلما وجورا.. حيث لم يتركوا للحرمات مكانتها ولا للمقدسات قيمتها، فجروا كل شيء من مساكن الناس إلى المدارس والجامعات والمستشفيات والطرقات والمساجد والحدائق وسيارات الإسعاف، قطعوا الكهرباء وقصفوا خزانات الوقود وسمموا آبار المياه ونهبوا المحلات، اقترفوا كل الموبقات.. ولا شيء أقبح مما فعلوه إلا خيانة أبناء الداخل.
حين يرون أبناء الداخل يقودون القتلة والمجرمين نحو مدينتهم المسالمة، سيصرخ الجنوبي: "حتى أنت يا بروتس" ويردد جاره: "وظلمِ ذوي القربى أشدّ مضاضة"..
صالح قاد حرب تأديب وانتقام ضد الشعب الذي أسقط عرشه في 2011 ووجد في الحوثي أداة قوية غبية يمكن استخدامها وتوظيفها، والحوثي يملك قوة وطغيانا، وخلفية دينية وسلالية مستبدة، يعتقد أن له حقا إلهيا في الحكم، وعليه توظيف قوة صالح والجانحين اجتماعيا من رجال القبيلة في سبيل مشروعه الاستعلائي.. كل ذلك يمكن فهمه، وما لا يمكن فهمه أن يجد له عبدا ومرتزقا؛ في مناطق ذهب إليها حاملا الموت والخراب.. وهذا ما يجب أن توثقه الذاكرة العدنية... واليمنية عموما.
في كل الحروب يتدافع الأبطال ذودا عن مدنهم ومواطنهم وذاك أمر طبيعي، ويتسابق الخونة لتقديم الخدمات للغزاة، تساقطا على المال، وطمعا في الوعود.. وكان للجنوب نصيب الأسد من الخونة والمرتزقة الذين لن تنساهم الذاكرة الجنوبية، خاصة العدنية، حيث تقدم محافظ عدن السابق عبدالعزيز بن حبتور ونائبه عبدالكريم شايف، وهما من المقربين من صالح وحزبه، وفتحا الطريق أما المليشيات القادمة من ذمار وصنعاء وعمران وصعدة.
وفي لحج كان للمحافظ السابق أحمد عبدالله المجيدي ونائبه حيدرة ماطر، قصب سبق في الخيانة وتقديم العون والسند للمليشيا والدفع بها إلى مشارف عدن.
وفي أبين ما دخل الحوثيون المدينة إلا بعد خيانة المحافظ العاقل.. وفي شبوة يحتفظ الناس اليوم وستخرج الوثائق غدا وسيقولون من ابن جلدتهم الذي ساهم في مقتل المحافظ البطل الشهيد أحمد علي باحاج، وقدم إحداثيات خاطئة لطيران التحالف، وترك عربات المليشيا تتقدم وتلتحم بموكب المحافظ حتى قاتل وقتل.
ومثله فعل خائن ومسؤول آخر من آل الأحول.
وقبل استشهاد البطل باحاج، كان اللواء عوض محمد بن فريد قائد محور عتق واللواء 21 مكيا، هو دليل الحوثيين وسائقهم في أزقة المدينة وضواحيها، وهو ذاته من كان قائد الشرطة العسكرية التي تخاذلت عن استلام مقر اللواء 310 بموجب اتفاق الصلح بين اللواء والمليشيا الحوثية، وساهمت في تسليم عمران وسقوط اللواء ومقتل قائده، ثم كان دليلا للحوثيين إبان دخولهم العاصمة صنعاء.
وحين أراد الحوثة وصالح الالتفاف على القرار الأممي 2216 وتعطيله في أزقة جنيف اللامتناهية كان في صدارة الوفد الحوثي ابن عدن وأمين عام الحزب الاشتراكي عبدالرحمن السقاف، وابن الضالع الحراكي المقرب من علي سالم البيض، عبدالسلام جابر... أعرف أن هؤلاء لا يمثلون غير نفوسهم الدنيئة، ولا نريد غير محاسبتهم ونحت أسمائهم النتنة في صفحات التاريخ السوداء..
وبعد انتصار اليمن -بإذن الله- سنخرج كامل الوثائق ونتحدث عن كل الخونة، في كل اليمن... اليمن لن تغفر